قدر المملكة السعودية الغرق في سيولها

قدر المملكة السعودية الغرق في سيولها
الجمعة ٢٤ مايو ٢٠١٣ - ٠٦:٢١ بتوقيت غرينتش

ما أشبه الأمس باليوم . سيول جدة الكارثية عام ألفين وتسعة جددت ثوبها الأسود عام 2013 . أربع سنوات وما زالت المشكلة قائمة . ولم تتمكن مملكة النفط والمال من رصد الميزانية الكافية لوقف تكرار المأساة التي يدفع ثمنها المواطن السعودي وتشكل إحدى القنابل الموقوتة في المملكة التي تحدث عنها الأمير الوليد بن طلال آل سعود .

تقرير... سيول جدة التي حدثت أواخر شهر نوفمبر تشرين الثاني عام ألفين وتسعة . مئة وثلاثة وعشرون قتيلا ومئات المصابين وأضرار بمئات الملايين من الدولارات ولم تنته التحقيقات بعد إتهام رجلَي أعمال بالرشوة والتزوير على علاقة بقيادي في الأمانة أقر مشاريع تصريف فاشلة . إنها قضية فساد .
وعد أمير مكة المكرمة بأن لا تتكرر. فسيول جدة قبل عام كانت مفاجئة أما اليوم فلا عذر لأحد . الكلام كان بعد عام واحد على الكارثة في هذا العام كان استعدادنا سواءً على الأرض أو في المعدات أو في الأفراد أو في الإدارات، أو في التحضير أو الاستعداد، أحسن بكثير مما كان عليه العام الماضي، ونتوقع أنه في كل عام سوف يكون لدينا قدرة أكبر لمواجهة مثل هذه الأزمات.
ففي مكة المكرمة غرق ثلاثة أطفال نتيجة السيول والأمطار، وفي جدة غمرت المياه شوارعها فحولتها إلى بحيرات محدثة اضطراباً في حركة السير، وأعلنت غدارات الدفاع المدني حال استنفار في هذه المناطق.
إستمرت كوارث السيول في الكثير من المناطق بعد هطول المطر في كل عام وتركزت في المدن الكبرى رغم الوعود بالمعالجة وبناء أبراج "إيفل" للحؤول دون تدفق المياه من السدود ومن داخل مصافي تصريف المياه.
دشن أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل المشاريع الدائمة لدرئ أخطار السيول عن محافظة جدة والتي انتهى تنفيذها مؤخراً وفق الخطة التي أعدتها اللجنة الوزارية لمعالجة تصريف مياه السيول والأمطار.. كمية المياه التي تسجل السدود هذه والسدود التي قامت بها الأمانة 67 مليون متر مكعب، إنشاء الله أن تدفع الخطر عن مدينة جدة.
تحولت النعمة إلى نقمة فرغم المشاريع الحكومية بقيت سيول السعودية تجرف المدن والناس والأمطار التي تعتبر نادرة وشحيحة في المملكة ويطلب من الله هطولها عبر صلاة الاستسقاء أغرقت البلاد والعباد وتسببت بمقتل مواطنين وفقدان آخرين في مايو أيار عام ألفين وثلاثة عشر  .
وتكررت مشاهد مرعبة من حكايات سيول ألفين وثلاثة عشر فاقت في هولها مشاهد السنوات الماضية.
الملياردير السعودي الوليد ابن طلال حذر من خمس قنابل موقوتة تتمثل في عدم تنويع مصادر الدخل ولاستهلاك الوقود المفرط، والانفجار السكاني والبطالة والفقر، داعياً المسؤولين إلى معالجتها بأسرع وقت ممكن.
كانت الأحداث في السعودية على مدى الأيام الماضية بمثابة "مشاهد" سينمائية أو فيلم وثائقي يؤرخ "حقبة" سيطول الحديث فيها، وأما لاحقاً ستُخبّأ "حكايا عام السيول" لجيل لم يلتحق بركب أيامنا هذه كتب عبد العزيز الدوسري في موقع العربية نت.
ففي كل "حوادث" الطبيعة التي مرّت أعاصيرها وسيولها وعواصفها كان إيقاعها يتصاعد ثم سرعان ما يلبث أن يخمد في لحظة، إلا "سيول" السعودية التي كان إيقاعها متصاعداً، وفي أحيان كثيرة مخيفاً مرعبا.
سيول بعضها لا نملك أمامها إلا البكاء، وأخرى لا نملك إلا التأمل، نظل مكتوفي الأيدي من هول تلك السيول التي جرفت معها أناسا كثرا لم تفرق بين صغير ولا كبير كحال هذا الطفل الذي بكاه أباه بغصة.
صورة الحقيقة المؤثرة التي لا يمكن قلبها كما تقلب الحقائق الأخرى هذه الأيام . تبقى شاهدا على واقع الفساد الذي تعيشه مؤسسات حكومية سعودية ما يشكل قنبلة موقوتة قد تضاف إلى قنابل أخرى قد تنفجر بوجه الحكم في اي لحظة كما حذر الأمير الوليد بن طلال آل سعود في آخر كلام له.
تقرير... وقال الأمير السعودي بعد أن عدد القنابل الخمس الموقوتة التي تواجه السعودية.
إن الداء شُخّص ونريد الدواء
وتؤكد دراسة غير رسمية أن أكثر من 60 % من السعوديين يعيشون تحت خط الفقر. وكان مجلس الشورى السعودي أعلن أخيراً أن 22 % من سكان المملكة هم من الفقراء، وذلك بناء على إحصاءات التقرير السنوي لوزارة الشؤون الاجتماعية السعودية، الذي تحدث عن وجود 3 ملايين سعودي تحت خط الفقر.
ولمناقشة هذا الموضوع أرحب بالقيادي في الحزب الديمقراطي الشعبي اللبناني الأستاذ محمد حشيشو أهلاً بك، بداية أستاذ حشيشو لفتني ما قاله الأمير الوليد بن طلال في تحذيره السلطات السعودية الداء شخص ونريد الدواء، ولكن الدواء لم يعطى حتى الآن لماذا برأيك؟
ج: بداية دعينا نرى وضع السعودية كمملكة أولاً السعودية لم تبنى فيها دولة، ليس هناك دولة في السعودية، فبالتالي ليس هناك مؤسسات تعمل بعقلية الدولة، هذا الأمر أدى إلى وجود مجموعة من الأمراء ومن مشايخ الفارضين سلطتهم ونفوذهم على بعض المناطق وبعض المحافظات، هذه العقلية عقلية المقاول، القيادة السعودية على كل المستويات تعمل بعقلية المقاول ولا تعمل بعقلية رجال الدولة، فبالتالي ليس هناك اهتمام من قبل هذه القيادة على كافة المستويات، ليس هناك أي اهتمام بما يتعلق بالشعب السعودي، حقيقة الذي تحدث عنه الوليد بن طلال لا شك أنه صحيح وهو من داخل العائلة الحاكمة، ولكن الأكثر من ذلك هناك قرار أميركي وصدرت بعض التقارير عن بعض المعاهد والمراكز الأميركية للدراسات تحاول إخفاء حجم المشكلة الاجتماعية في السعودية، تحاول إخفاء حجم الفقر، حجم الشرائح التي تعيش تحت خط الفقر، حجم الشرائح التي تحتاج إلى الوظيفة، حجم الشرائح التي تحتاج إلى السكن، والسبب الرئيسي من هذه الخشية هو أن هناك شريحة الشباب من الشعب السعودي هي شريحة واسعة جداً فبالتالي يخشى من قيام احتجاجات اجتماعية ضد النظام السياسي في السعودية.
س: أستاذ حشيشو هل ترى أن القنابل الموقوتة الخمس التي تحدث عنها الأمير الوليد بن طلال كالبطالة طبعاً والفقر والانفجار السكاني قد تنفجر فعلاً في وجه الحكم السعودية؟
ج: مآل هذه المشاكل إلى الانفجار حتماً، لأن هذا موضوع تراكمي فبالتالي لا بد من أن يوصل إلى مكان ما وينفجر، ولكن هناك محاولة عند هذه الأنظمة التي يحكمها الأفراد والعائلة المالكة والتي تتمتع بفوائض عالية من الأموال من عائدات النفط وغير النفط، هناك إمكانية على رشوة (رشوة ليست إساءة للشعب السعودي كلمة رشوة)، ولكن هناك إمكانية عالية على رشوة الفئات المتضررة أو بعض الفئات المتضررة أو بعض الفئات الوسيطة بين هذه العائلة الحاكمة وبين الفقراء من أجل تأجيل هذا الانفجار، لا يمكن في السعودية إزالة أسباب الانفجار إلا إذا أزيلت أسبابه، ولكن عند هذه السلطة إمكانية لتأجيل الانفجار من خلال هذه الفوائض التي تتمتع فيها خاصة أن هذه الثروات هي ثروات على المستوى الشخصي وليس ثروات الدولة في حقيقة الأمر.
س: ولكن السلطات السعودية لم تقصر كما تقول الحكومة في تنفيذ المشاريع للحؤول دون حصول كوارث السيول، هي تنفذ المشاريع ولكنها لم تنهي المشكلة بعد، هل المشكلة برأيك أستاذ حشيشو يعني في المشاريع أم في تنفيذها أو ربما في الفساد؟
ج: نعم الفساد هو السبب الرئيسي لكل الكوارث التي تحصل والتي ستطال الشعب بشكل عام، والفئات الفقيرة من هذا الشعب. السبب الرئيسي هناك فساد، هناك منظومة فساد وليس فساد على المستوى الشخصي، هناك منظومة فساد وهناك غياب للتنمية الحقيقية، لا يحل هذه المشاكل الاجتماعية من بطالة وفقر وفرص العمل، وحتى البنية التحتية إلا مشروع تنموي حقيقي يكون يستهدف الفئات الأكثر تضرراً والأكثر فقراً من الشعب أينما كان.