المجتمع المدني الأفغاني يرفع صوته حول سياسة الولايات المتحدة

الخميس ١٩ فبراير ٢٠٠٩ - ١٠:١٤ بتوقيت غرينتش

بينما يعمل صانعو السياسة في واشنطن على تقييم أفضل السبل قدماً في أفغانستان، يتوجب عليهم أن يعيروا بعض الاهتمام لنصائح من آلاف قادة المجتمع المدني في أفغانستان، من الذين يعملون من أجل تحسين بلدهم.

ورغم خلافات بينهم تتعلق بدعمهم لزيادة عدد الجنود الاميركيين، يتّفق هؤلاء الزعماء بالإجماع في رغبتهم بحدوث تحوّل في توجه الولايات المتحدة بالنسبة لبلدهم. تحتاج أفغانستان إلى سياسة ثلاثية الأبعاد ذات توازن أفضل وتوزيع أفضل للعمل بين الجيش والدبلوماسية والدفاع والتنمية.

قد تساعد الحلول المكلفة والقصيرة الأمد مثل الزيادة المقترحة لأعداد الجيوش بواقع 20،000 جندي على كبح جماح العنف على المدى القصير. ولكن في غياب المزيد من الخيارات السياسية الواعدة، مثل حركة دبلوماسية وتنموية نشطة، يقول زعماء المجتمع المدني هؤلاء أن التوسع في العمليات العسكرية لن يعمل على بناء أساس لمستقبل أفغانستان.

أرسلت خلال الشهر الماضي استطلاعا عبر البريد الإلكتروني إلى حوالي أربعين أفغانيا من قيادات المجتمع المدني يعملون عبر أفغانستان في هيرات وقندهار وكابول، إضافة إلى هؤلاء الذين يعملون في الباكستان والولايات المتحدة وكندا، حول الزيادة المقترحة في أعداد ونشاطات الجيش الاميركي. وقد تسلّمتُ عشرات الردود لأسئلة حول ما إذا كانوا يوافقون على هذه الزيادة وكيف يريدون الولايات المتحدة أن تتصرف في بلادهم. فضلت هذه المنظمات البقاء سرية وعدم ذكر اسمها لأسباب أمنية.

أولاً، يريد قادة المجتمع المدني الأفغان تحولا في الإستراتيجية العسكرية. وهم يحذرون من أن زيادة عدد الجنود وحدها سوف ينتج عنها زيادة في عدد الضحايا المدنيين والمزيد من الغارات على القرى، والمزيد من عزل السكان المحليين، زيادة في المقاومة المحلية للجنود الأجانب. كما يتخوف هؤلاء القادة من أن ترى القاعدة في الزيادة في أعداد الجنود فرصة لتجنيد السكان المحليين لقضيتهم.

يعتبر أخذ وجهات النظر العامة بعين الاعتبار في التخطيط العسكري أمرا غاية في الأهمية. فالأمر مهم إذا كان الشعب الأفغاني يعتقد أن الجنود الاميركيين يقتلون المدنيين أثناء ملاحقتهم للطالبان والقاعدة، بغض النظر عما إذا كان ذلك حقيقيا أم لا. ومن المهم كذلك وجود منظور عام مفاده أن القوات الاميركية تلقي القنابل، بما فيها قنابل الفسفور الأبيض، على المدنيين في أفغانستان، بغضّ النظر عما إذا كان ذلك صحيحاً أم لا.

ينصح زعماء المجتمع المدني القوات الاجنبية أن يركزوا على حماية المدنيين في أفغانستان من هجمات المسلحين وتفكيك صناعة الأفيون وعمل المزيد لدعم الجيش الوطني الأفغاني وقوات الشرطة الوطنية.

ثانياً، تشكل التنمية الاقتصادية وبرامج حكم القانون والنشاطات المناهضة للفساد اللبنات والإسمنت التي تساعد على بناء حكم جيد وسلام في أفغانستان. فالعوامل الاقتصادية مثل البطالة والفقر تعمل على تحويل الدعم إلى مجموعات المسلحين مثل الطالبان.

تحشد المنظمات غير الحكومية العالمية والقوات ااجنبية، الحجم الأكبر من المساعدات التنموية للقيام ببرامج قصيرة المدى من أجل الفوز "بعقول وقلوب" السكان المحليين. إلا أن المحليين ينتقدون أحياناً هؤلاء الخبراء ذوي الرواتب العالية الذين لا يعرفون سوى القليل عن الثقافة المحلية ويقومون بتصميم المشاريع بأقل قدر ممكن من الأثر بعيد الأمد.

الإستراتيجية الأكثر فاعلية من حيث الكلفة هي توفير الدعم المباشر للمنظمات الأفغانية التي تفهم اللغات والثقافات المحلية والديناميات الدينية. هناك العديد من الأفغان الذين يقومون بنشاطات على الخطوط الأمامية في مجالات كالتنمية الاقتصادية وحقوق الإنسان والحكم الرشيد والإعلام المستقل، إلا أنها لا تحصل إلا على القليل من الاعتراف أو الدعم المالي لعملها. تعمل الولايات المتحدة، من خلال تركيزها الكامل تقريباً على بناء الحكومة الأفغانية ومهاجمة الطالبان على توفير كم قليل من المعونة والدعم للمجتمع المدني الأفغاني.

ثالثاً، تعتبر الديمقراطية الصحيحة داخل أفغانستان والدبلوماسية المرتكزة على المبادئ مع القوى المعارضة أمورا أساسية لتحقيق الاستقرار المستدام. يتطلب التفاوض الناجح مشاركة كافة أصحاب المصالح والاهتمامات، بغض النظر عما إذا كانوا معتدلين أم متطرفين. تحتاج الدبلوماسية الحذرة تحديد مظالم الطالبان الجوهرية والتعامل معها دون إضفاء الشرعية على قضيتهم.

تريد المرأة الأفغانية رؤية حوار مع الطالبان، إضافة إلى تأكيدات بأن مكتسبات مثل الدستور وقوانين المساواة في النوع الاجتماعي هي أمور غير قابلة للتفاوض.

يتطلب تحقيق الحكم الرشيد والاستقرار في أفغانستان اهتماماً مساويا بالحكومة الأفغانية والمجتمع المدني، الذي ينزع لأن يكون قوة معتدلة في التاريخ. لا يمكن إلا لهذا الخليط من الدولة الموجَّهة نحو المواطن وزعماء مجتمع مدني يضعون الحكومة أمام المساءلة أن يعزز الديمقراطية والاستقرار.

ينزع المجتمع المدني لأن ير