تداعيات تدفق المقاتلين الأوروبيين إلى سورية

تداعيات تدفق المقاتلين الأوروبيين إلى سورية
الأحد ١٤ يوليو ٢٠١٣ - ٠٥:١٢ بتوقيت غرينتش

بدأت الأخبار تتحدث عن أن السلطات الأمنية في هذه الدولة الأوروبية أو تلك قامت بتفكيك واكتشاف خلايا إرهابية تتكون من عناصر عادت من سورية أو هي في صدد الذهاب إليها ما زاد الخوف من تداعيات تدفق المقاتلين الأوروبيين إلى سورية على الأمن الأوروبي .

تقرير.. ولو كانت في سوريا هي معارضة حقيقية لكان يسهل على أجهزة المخابرات السورية المعروفة بخبرتها الطويلة القضاء على نشاطها في غضون شهر، لكن من يرفع السلاح بوجه النظام ويتظاهر هم ومرتزقة دخلوا سوريا من الخارج.

هذا الكلام الذي جاء على لسان هذا الخبير الروسي بشؤون المنطقة بعد اندلاع الأزمة السورية بأشهر قليلة ثبتت صدقيته في الواقع.

يتحدث هؤلاء لغة تجهلها أرض الشام وأهلها، يقولون إنهم جاؤوا لنصرتها على اختلاف ألسنتهم وألوانهم يترجم السلاح عقيدة مشتركة جاءت بهم من قلب الساحة الأوروبية إلى قلب الشرق في سوريا.

الجهاديون الأجانب الذين يقاتلون إلى جانب المتمردين في سوريا لا يأتون فقط من البلدان المجاورة العربية بل المئات منهم يأتون من أوروبا.

صحيفة الفيغارو الفرنسية أوردت سابقاً ان سوريا استقطبت فرنسيين أكثر مما استقطبتهم حربا أفغانستان والبوسنة.

وزير داخلية فرنسا مانويل فالز كان أول من أشار قبل شهرين إلى توجه عشرات الجهاديين من فرنسا إلى سوريا... هؤلاء الأشخاص غالباً ما يكونون مندمجين في المجتمع الفرنسي وعندما يعودون من القتال يتصرفون كما لو كانوا مكلفين بهمة يرتكبون من اجلها أعمال خطرة جداً.

ليست فرنسا وحدها مصدر المجاهدين الأوروبيين، بريطانيا هولندا وإرلندا هي أكثر الدول المصدرة لهم، هذا إضافة إلى الشيشان وداغستان، المقاتلون الأوروبيون عموماً يقدرون بالمئات وقد توجه العدد الأكبر إلى سوريا قادمين من بريطانيا وهولندا وبأعداد أقل من فرنسا وبلجيكا والدانمارك.

200 ممن يسمون بالجهاديين البلجيكيين يستعدون للقتال في سوريا.. للوصول إلى سوريا يتوجه المقاتلون الأوروبيون إلى تركيا دون الحاجة إلى تأشيرة ومنها إلى سوريا، أو أنهم يتوجهون إلى الجنوب الليبي حيث يتدربون في معسكرات هناك ثم يغادرون نحو جبهتين مالي وسوريا.

إنهم أوروبيون يقاتلون في سورية . بات خطرهم على بلادهم عند عودتهم أكبر من خطرهم على المكان الذي يقاتلون فيه الآن تحت لواء تنظيم القاعدة المتمثل بجهة النصرة لذا الخوف يكبر يوما بعد يوم .

تقرير... كم من هؤلاء الرجال هم من أوروبا، وكم منهم سيعود إلى أوروبا للقيام بعمليات إرهابية هنا، هذه الأسئلة تطرحها وكالات المخابرات..

يتخوف الأوروبيون من عودة أبناء دربوا جداً لنقل الصراع غلى ديارهم...

أعرب منسق الاتحاد الأوروبي لشؤون محاربة الإرهاب جل كيركوف عن قلقه المتزايد إزاء تنامي ظاهرة توجه الشباب الأوروبي إلى سوريا للقتال إلى جانب المجموعات المسلحة المعارضة للنظام في دمشق.

مسؤول مكافحة الإرهاب في الاتحاد الأوروبي يقول أن مئات الأوروبيين يذهبون وبعضهم ينضم إلى جماعات إرهابية.... بالطبع نحن قلقون لا يميل جميعهم إلى التطرف قبل المغادرة، ولكن سيتدربون هناك ويتحولون إلى متطرفين، وهذا يشكل خطراً عند عودتهم إلى هنا مجدداً.

سهام الإرهاب التي يصوبها محور التآمر على سوريا سترتد يوماً على أراضي ومواني هذا المحور الذي ما انفك يرسل الإرهابيين لخوض معارك فيها تزيد من خبرتهم القتالية.

في حواره مع قناة الإخبارية السورية الرئيس السوري بشار الأسد يقول إن الغرب يدعم نشاط ما وصفه بتنظيم القاعدة في بلاده، وأن هذا التنظيم سينقلب ضد الذين يرعونه اليوم مثل ما حدث في حرب أفغانستان ضد السوفيات، متوقعاً تنفيذ التنظيم هجمات في قلب أوروبا والولايات المتحدة على حد تعبيره.

في الشأن الإسبانية أعلنت صباح اليوم وزارة الداخلية عن تفكيك شبكة تابعة لتنظيم القاعدة.

السلطات الإسبانية نجحت صباح اليوم في تفكيك خلية مرتبطة بتنظيم القاعدة في مدينة سبتة المحتلة يشتبه في قيامها بإرسال مقاتلين متطوعين غلى سوريا.

أحداث تونس الفرنسية أحد السيناريوهات التي يخشونها، محمد مراح الشاب الفرنسي الجزائري الذي قاتل في أفغانستان عاد بعدها إلى فرنسا وقتل 7 أشخاص عام 2012. الاتحاد الأوروبي منهمك بإيجاد حل لهذه المشكلة إذ يبدو ان تداعيات الأزمة السورية ستتخطى كل التوقعات لتمتد أبعد بكثير من حدود الجوار والدول الإقليمية فقط.

س: أرحب بالكاتب والمحلل السياسي د. حسام مطر، أهلاً ومرحباً بك معنا في هذه الحلقة، بداية د. مطر هل ترى هذا التخوف الأوروبي من ارتداد هذا الإرهاب المصدر من أوروبا إلى سوريا إليهم، هو أمر حقيقي برأيك.

ج: بسم الله الرحمن الرحيم هذه الدول بداية هي دول فيها مؤسسات فاعلة جداً وتقوم بدراسات واضحة وترتيبات أمنية بشكل دائم، وفيها أجهزة استخبارات عريقة وهي عندما تتحرك في أي ساحة من الساحات هي تهتم بأمنها القوم بالدرجة الأولى وليس فقط بإرسال مقاتلين أو التدخل بشكل عبثي هي تقوم بتقديرات بشكل دائم لتقييم الواقع في الميدان، على هذا الأساس تعمل هذه الدول قلقة بشكل كبير من هذه المجموعات، لأنه من الواضح حصلت مجموعة عمليات داخل الأراضي الأوروبية خاصة بعد العام 2000 وحصلت مجموعة كبيرة من الهجمات، أغلب الذين ارتكبوا هذه الهجمات هم من العرب، هم من الأقليات الإسلامية التي لم تندمج بشكل طبيعي في المجتمعات الفرنسية وهذا يعود إلى سبب رئيسي أولاً السياسات داخل هذه الدول الأوروبية التي يوجد فيها انحياز واضح وتقليل من شأن هذه المجتمعات المغتربة، ثانياً أن العرب تحديداً في أوروبيا هم لا زالوا قريبين من مجتمعاتهم الأم، بمعنى أنهم يتأثرون بشكل دائم بما يحصل في بلادهم، هم يقومون بزيارات دورية كل سنة تقريباً بعكس المغتربين العرب والمسلمين في الولايات المتحدة مثلاً، أغلب الذين شاركوا في الهجمات في 11 أيلول داخل الولايات المتحدة قدموا من أوروبا ولم يقدموا من دول عربية. وبالتالي هذا الاحتكاك الدائم ما بين الأقليات العربية والإسلامية مع مجتمعاتها الأصلية يحفزها بشكل دائم أن تكون أقل اندماجاً في المجتمع وضبطه، فكيف الحال إن تم إرسال هؤلاء إلى سوريا لارتكاب هذه الأعمال الإجرامية، ثم في نهاية المطاف سوف يعودون إلى الدول الأوروبية.

س: د. مطر كيف تفسر إصرار الدول الأوروبية على إرسال المقاتلين والسلاح والدعم المالي إلى المجموعات المسلحة التي ثبت أن معظمها ينتمي إلى التكفيرية من نصرة وقاعدة وغيرها؟

ج: في الواقع هناك انقسام حاد داخل الاتحاد الأوروبي حول هذه المسلة باستثناء الموقف البريطاني والموقف الفرنسي، أغلب دول الاتحاد الأوروبي هي في الضفة المقابلة، وهي تقول للفرنسيين وللبريطانيين أن هذه السياسات التي تقومون بها تسليح المعارضة السورية حتى بأجنحتها المتطرفة سيرتد سلباً على أمننا القومي وعلى الأمن الأوروبي وبالتالي هناك خلاف حاد جداً ووصل إلى الاحتدام داخل المجلس الأوروبي، نزاع شديد وهدد فكرة الأمن الأوروبي المشترك، هدد سياسة الدفاع الأوروبية المشتركة، لأن بالنسبة للبريطانيين والفرنسيين هم يقاربون الموضوع من وجهة نظر أميركية إلى حدٍ ما، هم ملحقون بالسياسة الخارجية الأميركية بالشرق الأوسط، بينما الدول الأخرى هي تقوم بحسابات أكثر أوروبيةً أو أكثر محلية، إذا بداية هناك انقسام واضح لا يكن الحديث عن موقف أوروبي موحد من موضوع التسلح، الموقف الفرنسي والأوروبي أو البريطاني، هو موقف يدعوا إلى التسليح أولاً تأثراً بالموقف الأميركي، ثانياً هناك حلم فرنسي وبريطاني باستعادة أمجادهما في الشرق الأوسط ومحاولة الدخول على الأزمة السورية لكسب أوراق تحتيح لهما بناء النفوذ في الشرق الأوسط من جديد.