كلما أوقدوا نارا للحرب..

كلما أوقدوا نارا للحرب..
الخميس ٠٨ أغسطس ٢٠١٣ - ٠٣:١٢ بتوقيت غرينتش

في كل مكان من بلداننا العربية والإسلامية تتحرك قوى الشر والإفساد مرتبطة بمنهجية غربية للنفخ في نيران الفتن.. ولأن الأمة في مرحلة صحو ومغالبة مع عناصر الشر المنتشرة في مفاصل المجتمعات يحاول الغربيون من خلال سيناريوهات وأخرى بديلة أن يرهقوا الأمة في مشكلات داخلية تستنزف ثرواتها وتبدد جهودها..

ففي كل بلد من بلاد المسلمين توجد خلايا نائمة يحمل كل منها أجندة وعناوين مشكلة كالفيروسات في الجسم، وبمجرد ما تستقبل تحفيزا خارجيا أو داخليا تنبعث بحركة مجنونة تضفي حالة من الهلع في البلد ويتحرك الغربيون بمهمة "أطباء" أو رجال مطافئ فيما هم من غرس بذور هذه الفيروسات وغذوها في لحظات كمونها ثم أطلقوا لها العنان.

الأمريكان والغربيون لا يستثمرون في بلداننا إلا في المشكلات العقائدية والقومية والوطنية والطبقية، أي في الصراعات الداخلية، وذلك كي يتسنى لهم تنفيذ مخططاتهم الاقتصادية العملاقة ونهب ثرواتنا واستنزاف ما يتبقى لدينا من ثروة وإمكانيات في ما لا طائل وراءه..

والنافخون في النار لا يتصرفون في بلداننا بلا تفاهم بينهم أو اتفاق، إنما بخطط مدروسة.. وهم قوى منظمة تنظيما دقيقا مترابطا ينظمه مسؤولون في الأجهزة الغربية بدقة وعناية.. وهؤلاء النافخون في النار أساتذة جامعات وخبراء رأي عام ومنظمات لحقوق الإنسان وصحفيون ورجال إعلام وليبراليون ورجال دين، ومهمة هؤلاء ترويج الأفكار حسب الحاجة وحسب المرحلة.. وهؤلاء لا يرون صحيحا إلا ما يرضي الغربيين وأن أي تصرف يستفز الغربيين سيقود إلى خسارة البلدان استقراراها وأمنها.. وهذه الطبقة من الناس عمل الغرب سنوات طويلة حتى أنشأها وأصبحت قوة فاعلة تنتظر مهماتها بالإيحاء أو المباشرة.. وهناك طبقة أخرى تولدت مع انهيار الأنظمة الاقتصادية الشمولية حيث برزت قوى وليدة تتحكم في اقتصاد السوق قامت بتدمير ما تبقى في المجتمع من إمكانيات صناعية وطنية وذلك لكي تسهل عمليات الاستيراد والربح الجشع فتكون هذه الطبقة من الناس تؤدي وظيفتها التخريبية بلا توقف وهي تنتظر كذلك لأداء مهمات تحالفية مع طبقة الفكر والإعلام والثقافة.. وتتحالف هاتان الطبقتان مع طبقة متسللة في مواقع النفوذ توفر لها الحماية الإعلامية والمالية وتقدم كل طبقة للطبقتين الأخريين ما تحتاجه من دعم.

والغرب يجد تحالفاته المنطقية والطبيعية مع الطبقات الثلاث ويشرف على ترتيب خطوات عملها وتنسيقها لمنع أية محاولة لإحداث تغيير جذري في تركيبة النظام الاقتصادي.. ولأن عنصر الاستثمار أو الاستعمار الغربي الرئيسي هو البعد الاقتصادي فإنه يحافظ على استباب الأمور على ما هي عليه من ظلم اجتماعي وتخريب ثقافي واستلاب سياسي.

ولكن رغم ذلك كله، فإن الأمة ستجد في لحظات معينة نفسها مدفوعة بحسها وإرادتها ورغبتها في التحرر والعدالة وحينذاك سيكون الاصطدام واسعا وعنيفا وعلى جبهات عديدة يقف الاقتصاد والمنتفعون من اقتصاد السوق على رأسه.. ولكنها الحرب التي لا بد منها لتكسير نمطية العلمانية المرتبطة برغبات الغرب وهواه وأصحاب المنافع الفاسدة الذين خربوا اقتصاد المجتماعت وقطع أيادي المتنفذين بالفساد في حياة الناس.. وحينذاك لا قبله، يمكن الحديث عن تغيير.

*صالح عوض - الشروق