وديعة ثورة البحرين برسم احرار العالم

وديعة ثورة البحرين برسم احرار العالم
الأربعاء ٠٩ أكتوبر ٢٠١٣ - ٠٦:٥١ بتوقيت غرينتش

المتابع لمسيرة احداث (ثورة 14 فبراير) الكريمة ، لايملك الا ان يقف اجلالا واكبارا للشعب البحريني الممسك على الجمر والصابر حتى الآن على تجرع ابشع السلوكيات الهمجية الخليفية ، ولاشك في ان هذا الموقف يعبر عن حالة متقدمة جدا من الوعي والبصيرة والثقافة المدنية.

نقول هذا نظرا لما يمارسه  آل خليفة من ظلم فاحش بحق الشعب المؤمن في البحرين ، بما يؤكد- ودون شك – على ان حكام المنامة المتعصبين بعيدون كل البعد عن وعي حقائق التاريخ ، وانهم ليسوا سوى طغمة مهووسة بلغة الحديد والنار، غير مدركة ابدا لعقم اساليب القمع والاضطهاد والقهر في ثني الثورة الحضارية  بالبلاد عن بلوغ اهدافها التحررية النبيلة.

فالجميع يعلمون تماما  بأن الثوار يملكون  الكثير من الخيارات والاوراق القادرة على زعزعة القبيلة الحاكمة وتلقينها الدرس المناسب ، الا انهم رجحوا - اولاً- ان يخاطبوا حكام المنامة ووحماتهم المفسدين في الارض بلغة العقل والمنطق واعلان المطالب المشروعة، وفضلوا- ثانيا - ان يقدموا لاحرار العالم والمدافعين الدوليين عن حقوق الانسان الخميرة الطاهرة لثورتهم الرسالية التي لاتنشد سوى الحرية والعدالة والحياة الدستورية المتكافئة التي يتعين ان تفضي الى حماية حقوق الشعب في المشاركة السياسية وصناعة القرار والمواطنة الكاملة ، بعيدا عن النزعات الطائفية والمذهبية والفئوية.

بيد ان النظام الحاكم لم يكلف نفسه قط عناء فهم الرسالة النبيلة لثورة (14 فبراير) ، لانه مسكون اساسا بعقد الجهل والعنجهية والتعصب الاعمى ، وهذا ماجعله عصيا على وعي مايجري في البحرين من غليان شعبي هائل يرفض رفضا باتا اي تراجع او تنازل عن حقوقه الوطنية والانسانية ، وعلى رأسها معارضته الشديدة لاستمرار آل خليفة في التربع على السلطة في البلاد تحت حراب القواعد الاميركية وحماية المحتلين التكفيريين الذين دخلوا على خط الصراع بين الشعب الثائر وجلاديه.

في هذا المجال لايخفى على احد حجم ايلاغ النظام الخليفي المتخلف في دماء ابناء الشعب البحريني ، ومدى بشاعة ممارساته القمعية التي كانت ولاتزال تهدف الى ممارسة تحطيم انساني فاحش لا يستثني احدا من النساء والرجال ، ومن الشيوخ والشباب والاطفال، وهو ما وثقته التلفزة ووسائل الاعلام والمنظمات التحررية والجمعيات الاهلية العالمية  ، حتى استحيا الاميركان والغربيون انفسهم من هذه الفظائع التي يندى لها جبين البشرية ، فصاروا ينددون اليوم جهرا بالسياسات الطائفية الوحشية لحكام المنامة في المحافل العامة واللقاءات الخاصة.

وبما ان الثوار هم الذين يحددون اهدافهم التغييرية استنادا الى وعيهم  بتحديات المرحلة ، فقد أعلن ائتلاف شباب ثورة 14 فبراير في البحرين عن تدشين برنامجه الثوري "سأُقررُ بِالدمِّ مصيري"، الذي يأتي انسجاماً مع أصول الديموقراطيّة ومقرّرات الإعلان العالمي لحقوق الإنسان وميثاق الأمم المتحدة والمعاهدات الدولية، وتأكيداً على تمسك الشعب البحريني بحقه في تقرير مصيره واختيار النظام السياسي الذي يتناسب مع فكره وثقافته.

و ماتزال التظاهرات والاعتصامات الحاشدة التي يتقدمها كبار علماء الدين الافاضل تتواصل باضطراد في البلدات والقرى البحرينية منددة بإرهاب النظام وهي تصر على رفع شعاراتها التي تطالب بعزل حاكم البلاد حمد بن عيسى ال خليفة ورحيله، ومقاضاة المتسببين بقتل المحتجين السلميين ومرتكبي الجرائم وانتهاكات حقوق الإنسان منذ 14 فبراير2011 وحتى الان.

من هنا يتضح ان عهدا جديدا  بدأ بالتبلور في البحرين عبر خروج الثوار الرساليين من واقعهم المحدود ، الى عالم ارحب وهم ممتلئون بقوة المنطق والوعي ، ومؤيدون بالهيبة والمصداقية والتفاف احرار العالم والقوى المحبة للخير حول منطلقات ثورتهم المشروعة ، وذلك ترافقا مع افتضاح السلوكيات الدموية لآل خليفة وحماتهم.

يقول الحكماء: ( ان الوعي لايمكن باي حال من الاحوال، ان يقود الافراد الصالحين الى عصبية مدمرة ، بل على العكس من ذلك فان قيام الرجال  بصنع التاريخ التليد من خلال وعيهم ، يساعدهم في البحث عن تأكيد انفسهم عبر التفاني في خدمة ابناء جلدتهم ، وبذلك فإنهم يتجنبون اي نوع من التزمت ، خلافا للطغاة الذين تبعث تصرفاتهم الفظة على اثارة مشاعرالكراهية والادانة والتمرد ضدهم ، و تؤدي في نهاية المطاف الى انطلاق الحسم الثوري الذي سوف يطيح بعروشهم حتما).

* حميد حلمي زادة