الانسحاب الاميركي من العراق: دبلوماسية ناعمة لإدارة الصراعات

الأحد ٠١ مارس ٢٠٠٩ - ١٢:٣٩ بتوقيت غرينتش

قد تتجنب خطة الرئيس الاميركي باراك اوباما لسحب قوات الاحتلال الاميركي بحلول 31 اغسطس آب 2010 إغراق العراق في حالة من الفوضى مجدداً لكن واشنطن ستحتاج الى استخدام دبلوماسيتها الماهرة لإخماد صراعات جديدة بين الجماعات العراقية المتنافسة، أبرزها المشاكل مع الاكراد حول صلاحيات الحكم والمناطق المتنازع عليها مع العراقيين العرب وكذلك بقايا القاعدة المنتشرة في الموصل فضلا عن مشاكل التدخلات الاقليمية.
فقد أعلن اوباما الجمعة خططاً لسحب القوات الاميركية المقاتلة من العراق بعد أن يمر 19 شهراً على توليه منصبه وبهذا يكون قد أوفى بوعد لانهاء الحرب التي لا تحظى بشعبية تدريجيا وأحدثت انقساما بين الاميركيين وأدت الى أعمال عنف طائفية كادت أن تمزق العراق. رغم ان ماينوي القيام به لايختلف عما قررته الادارة السابقة بالاتفاق مع الحكومة العراقية...
وقال الرئيس الاميركي انه سيبقي على قوة كبيرة قوامها بين 35 و50 الف جندي اميركي في العراق لتدريب وتزويد القوات العراقية بالمعدات والقيام بعمليات محدودة لمكافحة التمرد. ويجب أن ترحل هذه القوات بحلول نهاية عام 2011 بموجب اتفاق أمني موقع بين ادارة بوش السابقة والعراق.
وقال ديفيد كلاريدج مدير مؤسسة جانوسيان لادارة المخاطر الامنية "من المؤكد أنها خطوة ضرورية لاعادة الامور لطبيعتها في العراق... ستكون صعبة لكنها ضرورية من أجل استقرار طويل المدى."
وأضاف كلاريدج أن جماعات مثل جيش المهدي الموالي لرجل الدين الشيعي المناهض للولايات المتحدة مقتدى الصدر ستفقد حماسها اذ انها عرفت نفسها على أنها معارضة للاحتلال الذي هو في سبيله للانتهاء الان.
وصرح مازن الساعدي مدير مكتب الصدر بغرب بغداد بأن حركته ستوافق على خطة اوباما ما دام يلزم الولايات المتحدة بالانسحاب الكامل بحلول نهاية عام 2011 كما هو وارد في الاتفاق الامني الذي كان الصدريون قد عارضوه فيما سبق. بحسب رويترز.
ويبرز الجدول الزمني للانسحاب نية اوباما تحويل التركيز العسكري الاميركي الى افغانستان من العراق الذي وصفه بأنه مصدر تشتيت وتقليص حجم حرب كلفت وزارة الخزانة الاميركية مئات المليارات من الدولارات بالفعل.
وقال عبد الكريم خلف المتحدث باسم وزارة الداخلية العراقية ان العراق كان مستعدا قبل أن يعلن اوباما خططه وأضاف أن قوات البلاد قادرة على مواجهة جميع التحديات وانه ليس هناك ما يدعو الى القلق مع تبقي 19 شهرا. ويتفق محللون مع هذا الرأي بشكل كبير.
وقال بول ويلكينسون رئيس مركز دراسة الارهاب والعنف السياسي بجامعة سانت اندروز "انه هدف واقعي وقد تم احراز تقدم كبير في اعداد الجيش والشرطة. وأظهر سير انتخابات مجالس المحافظات (في 31 يناير كانون الثاني) الى اي مدى خفت حدة المشاكل الامنية."
لكن الجنرال راي اوديرنو قائد القوات الاميركية بالعراق والجنرال ديفيد بتريوس قائد القيادة الاميركية المركزية التي تشرف على العمليات العسكرية في الشرق الاوسط حذرا من أن العراق ما زال هشا وأن من الممكن خسارة المكاسب الامنية التي تحققت على مدار العام المنصرم اذا انسحبت القوات الاميركية بسرعة شديدة. وصرح مسؤول بأنهما يفضلان مهلة مدتها 23 شهرا.
في محافظة نينوي المضطربة بشمال العراق ما زال تنظيم القاعدة وغيره من الجماعات السنية تمارس القتل والخطف والتفجيرات بمعدلات كبيرة ويقول محللون ان تصاعد التوتر بين الحكومة المركزية ومنطقة كردستان العراق التي تتمتع بقدر كبير من الحكم الذاتي بشأن النزاع على الاراضي والنفط سيتطلب قوة دبلوماسية اميركية.
ويقول مسؤولون اميركيون انهم كثيرا ما لعبوا دور الوسطاء لنزع فتيل التوترات الحادة بين الاكراد والعرب.
وأضاف ويلكينسون "انها المشكلة رقم واحد... بالنظر الى تأكيد اوباما وهيلاري كلينتون (وزيرة الخارجية الاميركية) على الدبلوماسية من المؤكد أنه سيكون هناك تشجيع كبير وراء الكواليس لبدء (حل) هذا. انها ليست مسألة يمكن أن تنتظر."
ويترقب الاكراد الانسحاب الاميركي بقلق. وقال جعفر مصطفى وزير شؤون مقاتلي البشمركة بكردستان العراق ان المناطق المتنازع عليها تحتاج الى طرف ثالث مضيفا أن مع وضع طريقة تفكير الساسة في الاعتبار فمن الصعوبة بمكان رؤية كيف يمكن حل هذا.
لكن توبي دودج خبير شؤون العراق بجامعة لندن يقول ان الحديث عن تأثير الولايات المتحدة على الساسة العراقيين كثيرا ما يكون مبالغا فيه. وأضاف أن من المرجح أن تفيد مبادرة للامم المتحدة بشأن الاراضي المتنازع عليها في حل الصراع بدرجة اكبر من الوساطة الاميركية.
مخاطر انسحاب أسرع للقوات الاميركية
ومن المقرر الإبقاء على قوة اميركية كبيرة في العراق للقيام بعمليات محدودة لمكافحة الارهاب ولتدريب القوات العراقية في محاولة للحيلولة دون الانزلاق مرة أخرى للعنف الطائفي الذي اجتاح البلد في أعقاب الغزو الذي قادته الولايات المتحدة ضد العراق عام 2003 .
وفيما يلي بعض التداعيات المحتملة لانسحاب أسرع للقوات الاميركية، بحسب رويترز:
فر