كيف تحولت فتاوى الجهاد في سورية إلى نقمة في تونس ؟

كيف تحولت فتاوى الجهاد في سورية إلى نقمة في تونس ؟
الإثنين ٢٨ أكتوبر ٢٠١٣ - ٠٤:٢٩ بتوقيت غرينتش

فتوى جهاد النكاح في سورية لا تزال تغرز المآسي في المجتمع التونسي . فبعد الحملات الإعلامية والدينية والاجتماعية لمحاربة هذه الفتوى كشف وزير الداخلية التونسية أمام البرلمان عن تونسيات عدن حوامل من سورية ما أثار مجددا سخطا شعبيا وحقوقيا واسعا على الحكومة التي تم تحميلها جزءا من مسؤولية هذه المآسي التي تترك قنابل موقوتة داخل المجتمع التونسي.

تقرير... فقد أبلغت عائلات تونسية عن اختفاء بناتها المراهقات وسط ترجيحات لسفرهن إلى سوريا من أجل ما يسمى بـ جهاد النكاح.

مجاهدات النكاح حوامل هم قنبلة فجرها وزير الداخلية التونسي لطفي بن جدو في جلسة مساءلة أمام المجلس التأسيسي التونسي.

شبابنا يرى في الصفوف الأمامية شبابنا علموهم الاحتفاظ والسرقة ومداهمة القرى، شبابنا في سن متفتحة الذكور، ؟؟؟ سامحوني في الوقاحة اغفروا لي لك يتداول عليهم عشرين وثلاثين ومئة ويرجعوا لنا يحملوا ثورة ذلك الاتصالات الجنسية ونحن باسم جهاد النكاح ونحن ساكتين مكتوفي الأيدي.

وهذا الكلام أثار جدلاً شديداً، طبعاً وزير الداخلية ليس من الممكن أن يقول هذا الكلام بدون معلومات خاصة أن وزير الأمن الذي عنده اعترافات البنات عندما عدن من سورية، انظروا وتخيلوا عندما يقول هذا الكلام.

دعا بن جدو إلى وقفة وطنية جادة لوضع حد لهذه الظاهرة، وأضاف أن وزارة الداخلية منعت منذ آذار مارس الماضي 6000 تونسي من السفر إلى سورية واعتقلت 86 شخصاً كونوا شبكات لإرسال الشبان التونسيين إلى سورية بهدف ما يسمونه الجهاد.

صحيفة الشروق التونسية وصفت ما يجري بالإهانة كاشفة عن وجود 100 حامل و100 طفل في الطريق نتيجة جهاد النكاح في سورية وقالت غدا سيضاف إلى المجتمع التونسي 100 طفل أي 200 قنبلة موقوتة مشحونة.

ونشرت الصحيفة نفسها قصة فتاة تونسية في التاسعة عشرة من العمر حامل بمولود مصاب بالإيدز جراء ممارستها الجنس مع باكستانيين وأفغان وليبيين وتونسيين وعراقيين وسعوديين وصوماليين تحت غطاء جهاد النكاح في سورية وقالت إنها لا تعلم والد الطفل وإنها رأت نساء وفتيات كثيرات كن يمارسن جهاد النكاح بينهن تونسية قتلت نتيجة تعرضها للتعذيب بمجرد محاولتها الهروب .

كما نشرت صحيفة الشروق لاحقا تفاصيل مرعبة عن فضيحة مجاهدات النكاح العائدات من سورية.

وقالت إن الجهاد في سورية صنع لهن جحيما جديدا وفجأة لم يجدن في بيوتهن في تونس سوى وحدتهن مع جدران الغرف الباردة ونظرات مقيتة وصعبة ومفزعة تأتيهن من افراد العائلة والاقارب والجيران.

وأشارت الصحيفة إلى أنه في المتاجر والمساجد تم تجنيد المئات من الفتيات التونسيات بعد إغرائهن بالمال والوعد بالجنة ليعدن حوامل الى البلاد ويثرن حالة من الاحتقان والغضب في الشارع التونسي.
وهناك عدد من طالبات الجامعات التونسية كنّ ضمن قائمة جهاد النكاح وإحداهن انهارت باكية بعد العودة وقالت لقد بعت نفسي ولم أجد من يساندني فلا عائلتي قبلت بي ولا المجتمع سيرحمني.

وأنا أنظر كيف يوجهوهم، إذا أحبوا يجاهدوا في العراق، تلبية الرغبات ويأخذوا عليها فلوس، منى كيف يكون الجهاد في بلد مسلم كـ سورية، جهاد كيف يسموه جهاد كرما خاطر أميركا تحب أن تدمر الشعوب، تحب أن تدمر الحاكم الذين يخالفوها الرأي.

أنت تجاهد وتقول لي جهاد ترسل الصغار، وتحب أن تفرغ البلاد وتنقص من الشعب، هي هي الشعب لا ينقص، حكاية فارغة.

ظاهرة كبير جداً للشباب التونسي التي يغرر به ومشى في هذا.

وكانت إحدى القنوات التلفزيونية التونسية أجرت مقابلة مع إحدى التونسيات العائدات من جهاد النكاح من سورية .

نحن في إطار تصوير حلقة الجهاد في تونس، كانت اتصلت بنا إحدى ضحايا العصابات الموجودة في تونس، الصعبات النسائية التي تقوم بتجنيد بناتنا وإرسالهم إلى سورية لما يسمى بجهاد النكاح، نحن الليلة نسمع إحدى الضحايا، هذه العمليات.. إذاً معنا عائشة نحاول أن نتعرف عليها وعلى قصتها.

مسألة اسمها جهاد النكاح، مع أنه للرجال ؟؟؟؟؟ غير مفهومة اللغة.....

أفتحوا بجهاد النكاح الداعي للنساء التونسيات إلى التوجه نحو الأراضي السورية لإبرام عقود النكاح مع العصابات المسلحة لساعات قليلة من أجل تشجيعهم على القتال.. هذه الفتاة التي يقف خلفها شبكات تجنيد سلفية تكفيرية هدفها الربح المادي، استجابة لها حسب وسائل الإعلام أكثر من 13 فتاة تونسية، ما أثار الكثير من ردود الأفعال وأطلق رجال الدين التونسيون المتنورون صفارات الإنذار من مغبة هذه الأفكار المتطرفة على الشباب التونسي، ومنهم إمام جامع الزيتونة حسن العبيدي الذي أكد أن هذه الدعوات محرمة شرعاً ولا تجوز بتاتاً في الإسلام محذراً الشباب التونسي الذي انساقوا للقتال في سورية بتأثير فتاوى تكفيرية بأنهم يقتلون أنفسهم لتحقيق أغراض استعمارية.

المرأة مصانة مكرمة لا ينبغي أن تقع المتاجرة بها والعبث بها في هذه البلدان، لم يثبت لا في نص القرآن صريح ومأول ولا في سنة نبينا الكريم ولا في حياة المسلمين أن تخرج المرأة لتقوم بهذه العملية، عملية الفساد عملية زنى وعملية بغاء، عملية عبث بكرامة المرأة والتغرير بها، كيف هو من جهة يقول أنه ينصر الإسلام ويجاهد من أجل الإسلام ثم أنه يمارس الدعارة ويمارس البقاء.

الشيخ فريد الباجي رئيس جمعية دار الحديث الزيتونية في تونس رأى أن لا وجود لمفهوم "جهاد النكاح" في الإسلام مدينا انتداب وتأطير البنات القصر وإهدائهن لـ للمسلحين متهما الفكر الوهابي بالوقوف وراء ظاهرة التكفير وإطلاق مثل هذه الفتاوى.

فالفكر الوهابي أو ما يسمى حالياً بالفكر السلفي هو فكر تكفيري في حقيقته، بطريقة مباشرة كالسلفية الجهادية أو بطريقة غير مباشرة كالسلفية العلمية، وهي أخطر السلفية العلمية لأنه يعطيك عشرين محاضرة في الأخلاق والمحبة والإكرام، حتى تحبه، ولكن بعد ذلك يدس لك السم في العسل، أفتى فيها بفتاوى لا تتوافق مع عقيدتنا السنية المعتدلة.

لا أقول الفكر الوهابي وإنما هي حركة، هو بالأحرى فكر صليبي صهيوني مملئ على طائفة معينة، خلص إذاً هي حركة تنفذ مخططات أجنبية، مخططات صليبية، مخططات صهيونية يهودية.

تبني لجهاد النكاح وهي قضايا ليست لها أي أصل ولا فصل وليس هناك أي فتوى صدرت في تونس بهذا الأمر.

قضية التغرير بالفتيات وإرسالهن إلى سورية تسببت بضجة كبيرة انشغلت بها الأوساط السياسية والاجتماعية في تونس ووصلت إلى قاعات البرلمان.

في عهدكم سمعنا عن جهاد النكاح، في عهدكم أصبح الجهاد في سورية، في عهدكم عصابات الإجرام تعيث في الأرض فساداً بعنوان حماية الثورة.

فيما قرر كاتب عام نقابة الائمة التونسيين فاضل عاشور رفع قضيتين ضد وزير الشؤون الدينية نورالدين الخادمي على خلفية حمايته لعدد من الأئمة الذين أفتوا بـ "جهاد النكاح" لعدد من التونسيات اللاتي عدن حوامل إلى تونس .

إذا كان وقع المحظور وفيك ما سمعنا، إذا كان سمة حالات يجب أن نكون نحن ما عندنا خلية يقظة جاهزة لاستقبالهم ولإيوائهم والإحاطة بهم ولرعايتهم، نحن في وزارة شؤون المرأة والأسرة عندنا خلية فيها الأخصائية النفسية، فيها الذي هم متكونين في مناهضة العنف المسلط على النساء والوقاية منه، حتى والرعاية المتابعة القانونية والرعاية من بعدها إن كان في حمل، مع كل حالة يبلغنا، كل من يعرف حالة تحتاج إلى عناية يراسلنا فيها ويأتي إلينا، لحملة إعادة هؤلاء النساء وإعادة الاندماج.

أرحب بالكاتب والمحلل السياسي الأستاذ خالد الرواس، أهلاً بك..

س: أستاذ الرواس ولا تزال فتوى جهاد النكاح في سورية تثير المآسي في تونس وطبعاً غير من الدول الإسلامية، ما رأيك في ذلك؟

ج: طبعاً هذه الفتاوى هي فتاوى خارجة عن الدين الإسلامي، وهي فتاوى تكفيرية يستخدمها أصحاب المشروع التفتيتي لسورية لكي لا يفتتوا فقط الدولة، بنية الدولة في سورية بل البنية المجتمعية الإسلامية لسورية ولسائر الأقطار العربية على حدٍ سواء، لأن مشروع تفتيت سورية هو متعدد الأهداف، منها هذه الفتاوى التكفيرية ربما تكون سعودية المصدر، وتونسية الاستجابة، وشيشانية وبنغالية التنفيذ في سورية، هذا لا يجعل من الأمر أن يكون هناك في سورية ثورة ولا حتى احتجاجات لأهداف إصلاحية أو تغيرية سياسية، ما نسمعه اليوم من فكر تكفيري يدل بما لا يقبل الشك بأن المشروع الصهيوني يريد من خلال هذه الأفكار التي يبثها في عقول الناس سواء في سوريا أو خارجها من تفتيت الدين الإسلامي الذي يواجه عن طريق الإسلام التقدمي الثوري إسرائيل في غير مكان من سورية، وفي سورية تحديداً لكي يعيد كل الحقوق للشعب الفلسطيني، وهذا الأمر هو التفاف على الثورة الإسلامية إذا صح التعبير التي تقودها الجمهورية الإسلامية الإيرانية والتي حققت نجاحات كبرى في مواجهة إسرائيل وفي تحقيق الأهداف ضد العدو الصهيوني.

س: إذاً هذه الفتاوى هي نتيجة الفكر التكفيري كما ذكرت أستاذ خالد الرواس، ولكن كيف تفسر رواجها في بعض المجتمعات الإسلامية كالمجتمع التونسي.

ج: طبعاً هذا الأمر يعود إلى الجهل حيناً وإلى عدم التنبه الرسمي أحياناً، هناك نوع من التواطؤ الشعبي إذا صح التعبير من الإسلام السياسي المنتشر في بعض الأقطار العربية لكي يجمع هذه الطاقات التكفيرية للقتال في سورية خدمة للمشروع الأميركي الصهيوني في المنطقة، هذا الأمر تتحمل نتائجه بعض الحكومات العربية سواء التي صدر من خلالها هذا التكفير أو من خلال البلدان تعاطت مع هذه الفتاوى بصورة إيجابية.

س: فتاوى الجهاد في سوريا انتشرت من خلال مال بعض الدول العربية، كيف يمكن تفسير ذلك؟

ج: نعم حكماً لأن هذا المال العربي الأسود إنما يغطي ويمول هذا المشروع برمته كسلة واحدة بغض النظر عن إذا كان هذا المشروع يحمل خلفيات فقط عسكرية كالسلاح، أما خلفيات التكفيرية على مستوى نشر الأفكار السوداء الدينية لتفتيت المجتمع العربي والإسلامي بصورة واضحة وعلى حدٍ سواء.