القبضة الأمنية والتفجير بالصدفة

القبضة الأمنية والتفجير بالصدفة
الخميس ٢١ نوفمبر ٢٠١٣ - ٠٨:٠٩ بتوقيت غرينتش

ليس هناك من شكٍ في جهل الانتحارييَّن الذين قاما بتفجير نفسيهما بغياً وعدواناً على السفارة الإيرانية في بيروت، وأنهما موغلان في السطحية والسذاجة حد طلب الشهادة في رقاب المسلمين، فهما لا يدركان ما يفعلان، سوى أن من أرسلهما قد أبهرهما بطول لحيته وقِصر جلبابه،

 فأعطى لكلٍ منهما نسخة متطابقة من مفاتيح غرفته في الجنة،والتي تحتوي العشرات من الحور العين، اللاتي يتمرغن على فُرش أسرتهن في انتظار ( أسد السنة )، الذي زأر زأرةً فانخلعت لها قلوب (طرائد الشيعة)، وهذان الباغيان المعتديان لا يعرفان أن الطريق إلى جهنم مفروش بحسن النوايا، فكيف إذا كانت النوايا فاسدة كفساد الأفعال بل أشد فساداً،ورغم أني لست فقيهاً شرعياً ولا مُفتياً يضع الناس أوزارهم في رقبته ليتوهموا بالسلامة، إلا أني أكاد أجزم بأن هذين البائسين لو قضيا ليلة حمراء في ماخورٍ رخيص برفقة حوريتين من الطين، لكان باب التوبة والرجوع إليهما أقرب.

ولكن بعيداً عن هذين المجرمين الضحيتين، فإن من أرسلهما ليس جاهلاً ، خصوصاً إذا تقَّصد أن تعود الفائدة على آل سعود وبالتالي على بني صهيون، وبمراجعة كل الأهداف الظاهرة كانسحاب حزب الله من سوريا، وإيقاف الدعم الإيراني لها،أو توجيه رسالة للولايات المتحدة لتتراجع عن سياستها الجديدة المنفتحة تجاه إيران،أو الضغط على الجيش العربي السوري ليوقف مدحلته القاسية في ميدان المعركة،نجد أنه من المستحيل أن يحقق تفجير مهما كان قاسياً كل هذه الأهداف، وهذا حتماً ما أخذه المُخطِط بعين الاعتبار، وبما أنه ليس جاهلاً أو غبياً، فلن يقدم على خطوة تُترجم سياسياً لصالح أعدائه، إذاً لماذا أقدم على هذا التفجير الغبي، وما هي الرسالة التي أراد إيصالها.

أكاد أصل إلى حافة اليقين أن السفارة الإيرانية لم تكن هي الهدف،وأن قرار تفجير السفارة الإيرانية اُتخذ ميدانياً وعلى عجل،وإلا فلماذا لم تُستهدف السفارة الإيرانية في دمشق كما استهدفت السفارة الروسية سابقاً بالصواريخ،أو في أفغانستان أو باكستان، قد تكون للسفارة الإيرانية في بيروت خصوصية،وهي فقط قربها من الضاحية الجنوبية لبيروت،وغير ذلك ليس لها أي خصوصية،فالمستهدف إذاً هو حزب الله ، وحاضنته الجماهيرية في الضاحية الجنوبية،ولأن هناك إجراءات أمنية خصوصاً مع الاستنفار الأمني في الأوائل من محرم ،تعذَّر معها دخول المفخخات إلى الضاحية،فكان القرار بعدم رجوع الإنتحاريين خاليي الوفاض،وبما أن السفارة الإيرانية هي في نفس الخندق السياسي والمذهبي والحيز الجغرافي لحزب الله، فلا بأس من أن تكون هدفاً بديلاً عن شوارع الضاحية، ولكن لنا أن نتخيل أن قُدِّر لهذين المأفونين دخول الضاحية بهذا الكم من الحقد والمتفجرات، وفي وقت ذروة ذهاب الناس إلى أعمالهم، حينها ستختلف أعداد الشهداء،وستختلف رمزية المكان، وبالتالي ستختلف ردة فعل حزب الله، وهذا ما سعى إليه من خطط وقرر.

وعليه فإن هذا الاستنتاج يوجب استنفاراً أمنياً يجعل من الضاحية مقراً عسكرياً يمنع منه الاقتراب أو التصوير، لأن من فشل هذه المرة في الدخول سيزداد إصراراً وحقداً على معاودة الكرة مراراً،ولأنهم يريدون من حزب الله أمرين أو ثالثهما، الأول هو الانسحاب من سوريا، والثاني توجيه سلاحه للداخل اللبناني، أو الثالث وهو التخلي عن سلاحه وتسليمه لدولة الحريري والسنيورة، والتفجير في السفارة الإيرانية لن يفعل ذلك، ولكن التفجيرات الانتحارية في الضاحية قد يحقق أقربهما لأمنيات القوم، وهو محاولة حزب الله ملاحقة الفعلة وحماية حاضنته وبالتالي التورط في زواريب المذهبية، ومن يعرف بوصلة حزب الله يدرك أن هذه الأمنيات الثلاث أقرب إلى الهرطقة منها إلى الواقع، ولكن من يعادي حزب الله ليس أمامه من سبيل سوى ذلك، وعليه فإن بندر قد يعطي الأوامر بتفجير السفارة السعودية في بيروت ليتهم حزب الله وإيران،خصوصاً بعدما رأى مفاعيل تفجير السفارة الإيرانية السلبية على أهدافه،ومن يعرف حزب الله فسيكون على يقين أنه لو استطاع افشال مخطط بندر لتفجير سفارة بلاده في بيروت سيفعل وبلا تردد.

*ايهاب زكي- بانوراما الشرق الاوسط