بقي للعثمانيين الجُدد وآل سعود أن ينتحروا وكفى ..

بقي للعثمانيين الجُدد وآل سعود أن ينتحروا وكفى ..
الخميس ٢٨ نوفمبر ٢٠١٣ - ٠٢:٥٣ بتوقيت غرينتش

لا يزال بعض أمراء آل سعود، والعثمانيون الجُدد وعلى رأسهم أردوغان، يصرّون على اقتحام القلعة الدمشقية، برغم كلّ الهزائم التي لحقت بهم ولا تزال، فآل سعود الذين خلَفوا أمراء مشيخة قطر في قيادة وتمويل الجماعات التكفيرية الوهابية، وراهنوا على دكّ القلعة الدمشقية في وقت قياسي، وأقاموا معسكراتهم وغرف تآمرهم بلبنان وإسطنبول والأردن على وجه التحديد، لم يحصدوا إلا الإنتكاسات، وآخرها سقوط المئات من الإرهابيين المُرتزقة، في أكبر هجوم خطّطوا له للسيطرة على الغوطة الشرقية، لمحو تبعات العار التي ألمت بهم، جراء الإنتصارات الكبيرة التي حقّقها الجيش العربي السوري ولا يزال يُحٌّقها.

والغريب بنظري، أنه في الوقت الذي وصل فيه مُديرو الحرب الكونية على سوريا، وأعني بهم أمريكا وحلفاؤها الغربيون، أنه لا أمل في إسقاط الدولة السورية، وأنه من المُفيد لهم إيجاد مخارج تحفظ ماء الوجه، وتشبّثوا بالتالي بالقشة التي رمتها لهم سوريا لإنقاذهم من الغرق، نرى أنّ أمراء آل سعود بالأخص، لا يزالون يحلمون بتحقيق انتصار على الأرض في سوريا، وكأنّنا بهم أقوى من الأمريكيين وحلف الناتو، وأكثر منهم ذكاء، ولأن أمراء آل سعود ليسوا متفوقين إلا في الغباء، فلا أرى إلا أنهم سينتحرون على أسوار دمشق، ولوحدهم، لأن مشايخ دُويلة قطر، سجّلوا انسحابهم “التكتيكي” من المُعترك، برغم إبقائهم على دعم المجموعات الإرهابية في سوريا، كما أن أردوغان وجماعته من العُثمانيين الجُدد، بدأوا يُهرولون باتجاه إيران والعراق، الحليفين الرئيسيين لسوريا بعد روسيا والصين ودول البريكس، لإيجاد المخارج من المُستنقع الذي أدخلوا إليه تُركيا، سواء في سوريا أو مصر مُؤخرا، بل إنّ أردوغان العازف في جوقة “الربيع العربي” دعت حُكومته إلى وقف القتال في سوريا قبل انعقاد جنيف 2، ما يؤكد أن هذا العُثماني “الخوانجي”، قد اصطدم رأسه بسور دمشق، واستفاق أخيرا، بأنه لا يُمكنه زيارة بلاد الشام إلا عبر أبوابها المحروسة وبإذن من قادتها، أمّا اقتحام أسوارها، فهو من المُستحيلات السبع.

أقول باستحالة اقتحام أسوار دمشق، لأنّ التاريخ عوّدنا دائما على أن كلّ من حاول غزوها، إما خرج محمولا على نعش، أو أكلته تُربتها، أو عاد يجرّ أذيال الهزيمة، ودمشق التي تصنع اليوم البطولات، ما كان لها أن تُحقّق ذلك، لو أن قادتها كانوا على نفس مستوى جهل آل سعود والعُثمانيين الجُدد، فقادة سوريا، تنبهوا منذ عُقود، إلى أنه لا يمكنهم التعويل على عُربان الخليج " الفارسي"، ومع انتصار الثورة الإسلامية في إيران، ساندوا الإيرانيين ودعّموهم بكلّ الإمكانيات المُتاحة، إلى درجة جرّت عليهم نقمة الأعراب، وبخاصة منهم أعراب آل سعود، كما أنهم راهنوا على المُقاومة في لبنان، وأوصلوها إلى إلحاق أكبر الهزائم بالعدو الصهيوني، وبخاصة في حرب تموز 2006، التي قلبت كلّ الموازين، وأثبتت للعرب وللعالم أجمع، أن الكيان الصهيوني هو أوهن من بيت العنكبوت، واليوم، نرى كيف أن سوريا تحصد ثمار رهاناتها الرابحة، فإيران باتت تُمثل السند القوي لسوريا، شأنها شأن حزب الله المُنتصر على الصهاينة، الذي أرسل العديد من خيرة شباب المُقاومة، لمُؤازرة الشعب السوري، وبالمُقابل، رأينا ولا نزال نرى، كيف أن آل سعود ساندوا ودعّموا قوافل الإرهابيين لقتل الشعب السوري، وكيف أن الكيان الصهيوني فتح حدوده لاستقبال جرحى الإرهابيين لعلاجهم في الأراضي الفلسطينية المُحتلة، فآل سعود وبعد عقود من الخيانة الخفية للعرب والمُسلمين، خرجوا إلى العلن، وتحالفوا مع الصهاينة ضد سوريا، وهم اليوم يتناغمون معها في مواقف العداء لإيران، ورفض ونبذ الإتفاق الذي حصل بينها وبين الأمريكيين والقوى الغربية، بخصوص ملفّها النووي، فهل نحن، وأمام هذه الحقائق الصادمة، مُضطرين لإيجاد الأدلة على التحالف الصهيوسعودي؟

برأيي أن آل سعود، إنّما عادوا إلى طينتهم وطبيعتهم ليس إلا، فهم من طينة الصهاينة الذين اغتصبوا فلسطين وأراقوا دماء شعبها، لأنّ كلاهما، أي آل صهيون وآل سعود، من صنيع الأم “بريطانيا”، ومهما اختلف الأشقاء، إلا أن أواصر الدّم بينهما، تفرض عليهما العودة إلى ما ترضى عنه الأم.

قد يطول الحديث عن أواصر الدّم بين الصهاينة وآل سعود، لكن ما يهمني هو فهم سرّ صلة القرابة بينهما وبين العُثمانيين الجُدد، الذين كانوا من أقوى العازفين في جُوقة “الربيع العربي”، وساهموا بشكل فعال للغاية في تدمير ليبيا، وتحويلها إلى أخطر بؤرة لتصدير الإرهاب والسلاح لدول الجوار بما فيها الجزائر، التي حَجزت كميات هائلة من الأسلحة، من بينها صواريخ مُضادة للطائرات، وهي اليوم أي تركيا الأردوغانية، وحاشى أن نقول الشعب التركي، لا تزال تتباكى على الرئيس المصري المخلوع محمد مرسي، الذي كانت تتحكم فيه ب “الريموت كنترول”، وتسعى جاهدة للتشويش على الثورة التصحيحية التي قام بها أكثر من 30 مليون مصري، لإزاحة حكم الإخوان، المُتحالف مع الصهاينة، فالأردوغانيون، الإخوانيون، لا يهمهم تحرير فلسطين، ولا عودة مصر إلى موقعها الطبيعي، أي موقعها القيادي للعالم العربي، وإنّما همُّهم الوحيد هو زعامة المنطقة الممتدة من سوريا إلى آخر نقطة في العالم العربي، ولذا رأينا كيف أنهم، وبعد تدمير ليبيا، واحتواء تونس عبر الحليف النهضوي الغنوشي المُقاول لهم، خطّطوا لاختراق الجزائر، وأرسلوا إليها أحد أكبر مُخرّبيهم، كسفير في العاصمة الجزائرية، وهو “عدنان كجيجي”، القنصل السابق لتركيا بحلب في سوريا، والذي فتح أبواب جهنم على أهالي حلب بين 2012 و2013، وسرق مصانع الحلبيين، وهيّأ كل الظروف لاستقبال آلاف الإرهابيين الذين نشروا “ديموقراطية” القتل والتنكيل وقطع الرؤوس وأكل أكباد وقلوب البشر في سوريا، فهذا الذي بشّر السوريين بمثل هكذا “ديموقراطية”، وأوفى بالعهد، استقبلته دولة الشّهداء وأرض الأحرار، ومكّنته من لعب دوره الخبيث، المُتمثل في تنظيم لقاءات واجتماعات في إسطنبول لحُثالات بشرية، تدّعي أنها تُمثل المُعارضة الجزائرية.

فسفير الشّر هذا، وبحسب ما كشفت عنه مصادر إعلامية محلية في الجزائر، قام ومنذ تعيينه في مهمته القذرة الجديدة بالجزائر، بربط اتصالات مكثّفة ومتنوعة مع منظمات المجتمع المدني، بما فيها التنظيمات الطّلابية المُوالية للجناح الإخواني، كما أنه وقادته من الأردوغانيين والعثمانيين الجُدد، احتضنوا في العاصمة إسطنبول، لقاء لجماعة “رشاد” التي تدعي أنها تنتمي للمعارضة الجزائرية في الخارج، وما هي، أي تركيا الأردوغانية وزيطوطها، -”نسبة إلى “محمد العربي زيطوط” غير العربي وغير الجزائري بأية حال-، سوى أدوات رخيصة في مسلسل التآمر المفضوح على العرب والمُسلمين، أكانوا سُنّة أو شيعة، لأن هدف الأردوغانيين وآل سعود، هو إرضاء المُشغّل الأمريكي والصهيوني، ولو إقتضى ذلك، نحر وذبح ملايين العرب والمسلمين، لكنّ في الحالة الجزائرية، يُمكنني أن أجزم، بأنه لولا تواطؤ بعض الجهات “السياسية”، لما تمكّنت تركيا الأردوغانية من تسريب أحد مُرتزقة الصهاينة لتولي منصب سفير في بلاد الثورة والشهداء، لكن ما لا يعلمه غير الجزائريين، أنّ مرتزقا إرهابيا وصهيونيا، كالسفير التركي، الذي ذبّح آلاف السوريين، لا يمكن بأي حال من الأحوال، سوى أن يتكفل أطفال الجزائر بطرده وبدُون رجعة، لأنه في حال تحرّك رجال الجزائر، فالأمر لن ينحصر في الطّرد وكفى، وعلى جميع المُقامرين، أن يستعيدوا صور الشعب الجزائري الأخيرة، عندما خرج عن بكرة أبيه رافعا الرايات، احتفاء بتأهل الفريق الوطني الجزائري لمونديال البرازيل، وعليهم أن يتخيّلوا ما سيرفعه هذا الشعب في حال ما إذا استشعر فقط، أن جهة ما تُحاول المساس بسيادته وكرامته، ولن أدعوهم لتصوّر ما قد يُقدم عليه أبناء وحفدة الأمير عبد القادر، وجيش التحرير الوطني، من بواسل الجيش الوطني الشعبي، الذين أحبطوا أخطر المُؤامرات التي حيكت ضدّ الجزائر، حتى قبل هندسة مُؤامرة “الربيع العربي”، فالجزائر بشعبها وجيشها، وقفت لوحدها خلال العشرية الحمراء، السوداء، ضد الإرهاب، وانتصرت، فكيف لا تنتصر اليوم، وقد انتصر السوريون والمصريون، على نفس الأعداء، وأكثر من كلّ ذلك، أسمح لنفسي أن أجزم، بأنّ شعبنا العربي لن يترك أي أثر لمُهندسي التآمر، وأدواته، حتّى وإن كانوا ملوكا وأمراء أو عثمانيين جُدد.
* زكرياء حبيبي - بانوراما الشرق الاوسط