هل تُطيح تصفية «داعش» بـ«جنيف – 2»؟

هل تُطيح تصفية «داعش» بـ«جنيف – 2»؟
الجمعة ١٠ يناير ٢٠١٤ - ٠٣:٤٩ بتوقيت غرينتش

من نافل القول إنّ الساعات والأيام المقبلة، عشية انعقاد مؤتمر «جنيف – 2»، ستكون حاسمة في رسم الوجهة التي سيسلكها النزاع الدائر داخل سوريا وحولها.

الإعلان عن توجّه وزير الخارجية الأميركي جون كيري لحضور اجتماع أصدقاء الشعب السوري في باريس، واجتماع الكويت لدعم المتضرِّرين من الحرب الدائرة في سوريا، لعلَّه يشير الى طبيعة الأجندة التي بات الجميع يتحرّك تحت سقفها.

وفي هذا الإطار، يكشف مسؤول أميركي أنّ ما أُنجز في الأيام الماضية، سواء في سوريا او في العراق، يعكس في جانب منه طبيعة الإرادة الدولية والإقليمية للقوى الفاعلة على الأرض، عندما تقرّر تغيير “اتجاه الريح” نحو مسالك ترغبها، في معزل عن المحاذير والأسباب التي تُستحضر عادة لتبرير عدم القيام بفعل ما. وينفي هذا المسؤول أيّ كلام عن نية واشنطن الإنسياق وراء شعارات تعكس رغبتها في تبديل تحالفاتها في المنطقة على قاعدة “مكافحة الإرهاب”.

ويؤكد “أنّ بعض تصريحات المسؤولين الإيرانيين أو السوريين، أو ممَّن يدورون في فلك هذا المحور، قد تجاوز الحدّ، وحوّلها “بروباغاندا” لا تخدم أصحابها كثيراً ولا مساعيهم في محاولة تصوير الوضع على هذا النحو. فواشنطن الذاهبة الى “جنيف – 2″، لا تبدو مستعجلة في تبنّي خطاب هذا المحور بالنسبة الى هذا الملف، خصوصاً أنّ عملاً كثيراً لا يزال مطلوباً منه، اذا ما أُريد له أن يعيد اصطفافه ضمن المنظومة الدولية”.

ويلخّص المسؤول الأميركي النقاط التي ستُثبّت خلال تلك الإجتماعات قبيل اللقاء المرتقب بين كيري ونظيره الروسي سيرغي لافروف في 13 من الشهر الجاري، وهي:

- انعقاد “جنيف – 2″ على قاعدة الإعتراف بمرجعية “جنيف – 1″ الذي يقوم على تشكيل هيئة انتقالية تتولى الإشراف على الجيش والأجهزة الأمنية والمؤسسات الحكومية السورية.

وقد جدّدت المتحدثة بإسم الخارجية الأميركية جين ساكي امس القول “إنّ لا مكان للرئيس السوري بشار الأسد في أيّ عملية سياسية في مستقبل سوريا”، مؤكدة أنَّ “حضور “الإئتلاف المعارض” أساسي لنجاح المؤتمر نفسه”. وفي هذا دعم سياسي للحصيلة التي نجمت من عملية تجديد الأطر القيادية فيه، بما يتجاوز “مشاغبة” أوساط إقليمية عليه، جاءت الأحداث الأخيرة على صعيد مواجهة تنظيم “داعش” لتحسم التوازن السياسي والميداني داخل صفوف المعارضة.

- استكمال المعركة مع التنظيمات الإرهابية، سواء داخل سوريا او في العراق خصوصاً، سيسير وفق أجندة قد لا تمكّن بعض الأطراف من استغلال ما جرى في مدن الأنبار لإعادة تعويم نفسها سياسياً.

فالقيادة العسكرية الأميركية التي خبرت هذا النوع من المواجهات مع تنظيمات “القاعدة”، لا يساورها الشك في أنّ نجاح العمليات العسكرية رهن المعركة التي يجب أن تُخاض في “جنة” تجمّعها وانتشارها ومراكز تدريبها وتمويلها المتمركزة عند النقطة الحدودية المشتركة بين العراق وسوريا والأردن. وما الإعلان عن بدء جولات استطلاع لطائرات أميركية من دون طيار فوق بعض المناطق العراقية إلّا تأكيداً لهذه الحقيقة.

ويكشف المسؤول الأميركي “أنّ الرسائل والإتصالات الأميركية الأخيرة مع القيادة العراقية شددت على ضرورة تحييد المدن العراقية ذات الثقل السنّي، وعلى ترميم العلاقة مع أبنائها بما يزيل أسباب الإحتقان السياسي القائم”، ما دفع برئيس الوزراء العراقي نوري المالكي الى تطمين أبناء مدينة الفلوجة أنَّ الجيش العراقي لن يقتحمها، حتى ولو بدا الأمر شكلياً حتى الساعة.

في المقابل، يرى ديبلوماسيون عرب أنّ نتائج “قلب الطاولة” على النحو الذي حصل خصوصاً في سوريا، ومع نجاح سحب ورقة محاربة الإرهاب من يد المحور الذي يدعم نظام الأسد، فإنّ حظوظ انعقاد “جنيف – 2″ أو أقلّه نجاحه في رسم خريطة طريق أولية للخروج من الأزمة، قد تتراجع كثيراً مع شعور الطرف الآخر بأنّ لا مصلحة لديه في حضوره وفق الأجندة المطروحة أو وفق ميزان القوى الراهن.

ففي اعتقادهم أنّ ما حصل في مجلس الأمن أمس الأول يشير الى تعثّر الجهود الدولية، حين رفضت روسيا والصين صدور بيان يدين قصف المدنيّين في مدينة حلب بالبراميل المتفجّرة ويدين كذلك كل الأطراف التي تساهم في قتل المدنيّين، على حد سواء، وقد يكون ذلك إشارة سلبية بالنسبة الى “جنيف – 2″ وما بعده.

ويتخوّف هؤلاء من حصول موجة عنف جديدة في سوريا أو في جوارها، في ظلّ الأجواء التي تشير الى أنَّ بدء أعمال المحكمة الدولية الخاصة بلبنان قد تكون من بين العوامل الإضافية التي ستُطيح بأيّ إنجاز سلمي مرتجى، خصوصاً أنّ بطاقة الإرهاب تُشهَر في وجه أطراف متورطة في الحرب السورية، سواء بالتكليف او بالأصالة.

*الجمهورية -جاد يوسف