لست من أهل لبنان ولكني أشهد

لست من أهل لبنان ولكني أشهد
الجمعة ٠٧ فبراير ٢٠١٤ - ٠٨:٠٦ بتوقيت غرينتش

بحكم متابعتي للتطورات التي تشهدها منطقتنا المنكوبة بالارهاب، لا يمر يوم، الا واضع قوائم بعدد السيارات المفخخة والاحزمة الناسفة التي يفجرها الارهابيون في العراق وسوريا واليمن وافغانستان وباكستان، و بعدد الشهداء الذين يسقطون، وبأسماء المناطق التي ضريتها هذه التفجيرات، ولكن ليست لدي قائمة باسماء الارهابيين الذين يصنعون هذه المأساة، لسبب بسيط، وهو انهم مجهولون قادمون من الظلام.

الا ان تمدد الارهاب الى لبنان، اخرج عملي اليومي هذا من رتابته، وجعلني اشعر ان الارهابيين ليسوا مجهولين، بل هم اشخاص لهم اسماء وعناوين واسر وارقام هواتف واصدقاء، وبالامكان ان اضع لهم قائمة الى جانب القوائم الاخرى، بل استحدثت قائمة جديدة وهي قائمة الارهاربيين الذين وقعوا بقبضة الجيش والامن اللبنانيين، قبل ان ينفذوا جرائمهم ويقتلوا الابرياء في ازقة وشوارع المدن اللبنانية.
انا لا اريد هنا ان انتقص من اداء الاجهزة الامنية في البلدان التي ذكرتها، فهي تعمل جاهدة لوقف الجرائم العبثية المجنونة التي تطال الابرياء بدون ذنب او جريرة، ويدفعون ارواحهم جراء ذلك، لكن الذي حدث ويحدث في لبنان، شيء لم اعتد عليه، انا شخصيا، فهذا البلد كما يقال مخترق من قبل الكثير من اجهزة الاستخبارات الاقليمية والعالمية وفي مقدمة هذه الاجهزة جهاز الموساد الاسرائيلي، الا ان مخابرات جيشه وباقي الاجهزة الامنية الاخرى في هذا البلد، نجحت وبحرفية قل نظيرها، في منطقتنا المضطربة، في تتبع خيوط كل التفجيرات الارهابية، رغم كل الفوضى والاجواء المسمومة التي يعيشها لبنان حاليا، وتصل خلال ساعات الى الجهات المحرضة والممولة والداعمة وصولا الى المنفذ بإسمه وعنوانه، واداة الجريمة سيارة مفخخة كانت او حزام ناسف وبأدق التفاصيل، بل اكثر من ذلك، ان هذه الجهات، الجيش ومخابراته وباقي الاجهزة الامنية الاخرى، نجحت في تجنيب الشعب اللبناني الكثير الكوارث، عندما وأدت الكثير من الفتن، عبر رصد رموز الارهاب وليس اخرهم السعودي ماجد الماجد واللبناني عمر الاطرش، بل نجحت هذه الجهات في رصد وتتبع السيارات المسروقة وضبط العديد منها وإبطال مفعول متفجراتها، وتتابع وبشكل ملفت السيارات المسروقة والتي قد تكون فخخت، والقنابل البشرية المتنقلة وتعرفهم بالاسماء، رغم انها مهمة في غاية الصعوبة، تعجز عنها حتى كبريات الاجهزة الاستخباراتية في العالم.
صحيح ان من الصعب وقف التفجيرات والارهابيين بشكل مطلق، وهو امر غير واقعي، فالامن المطلق والتام والكامل لا وجود حتى في امريكا والغرب ايضا، ولكن كان بالامكان ان تتقلص هذه العمليات الى ادنى حد لها، لوكان السياسيون في لبنان على قلب رجل واحد، او على الاقل يتفقوا على دعم الجيش وعدم  الاساءة اليه او النيل منه لاهداف سياسية رخيصة اذا ما قورنت بحجم الخسارة التي سيتحملها لبنان والشعب اللبناني جراء التعرض للجيش او اضعافه.
ان القدرة التي اظهرها الجيش اللبناني ومخابراته والاجهزة الامنية الاخرى، على تفكيك شبكات التجسس الاسرائيلية التي كانت تصول وتجول في لبنان، وكذلك تفكيك الخلايا الارهابية التي تستهدف امن واستقرار لبنان، تستحق من كل اللبنانيين، بمختلف توجهاتهم واديانهم وطوائفهم، كل اشادة ودعم وتقدير.
اتوجه الى اشقائنا في لبنان، وفي مقدمتهم زعماء الطوائف والاحزاب على مختلف انتماءاتهم، ان يعرفوا قيمة وقدر جيشهم  وقيمة و قدر اجهزتهم الامنية، عظيم ما يقومون به من دور في المحافظة على لبنان واهله، ان بامكان لبنان ان يخرج من عين العاصفة العاتية بأقل الخسائر الممكنة، اذا ارتفع السياسيون الى مستوى المسؤولية، كما يستشعرها الجيش والاجهزة الامنية. عليهم ان يفتخروا ويتباهوا بجيشهم الذي كان عصيا على الوقوع في فخ الفتن الطائفية، رافضا التمترس في خنادق هذه الطائفة او تلك، مترفعا على الرد على كل الاتهمات الظالمة والسخيفة للنيل من هيبته، لانه يعرف ان لبنان البلد، سيكون في خبر كان اذا ما خاض مع الخائضين.
ادعو الخبراء العسكريين والامنيين في لبنان وغير لبنان، من الحريصين على امن واستقرار هذا البلد الجميل، بتاريخه وبتنوعه وبثقافته وبسماحته، ان ينبروا لمهمة بيان الانجازات الامنية الضخمة والاستثنائية التي يقوم بها الجيش اللبناني والاجهزة الامنية اللبنانية، لاسيما في التصدي لجيوش الظلام، وهي انجازات تعجز حتى اعقد الاجهزة الامنية في منطقتنا من الاتيان بمعشارها، عسى ان يساهم ذلك في ضخ الدماء في عروق الغيرة الوطنية التي تصلبت لدى اغلب السياسيين في لبنان، الذين مازالوا يتصارعون على المناصب، فيما البلد يترنح على حافة الهاوية. اقول ارجو ان يشهد الجميع لجيش لبنان واجهزته الامنية بما يسطر من مفاخر، و من الانصاف ان يشهد اللبنانيون لجيشهم بذلك، اما انا، وان كنت لست من اهل لبنان، ولكني اشهد.

* ماجد حاتمي