داعش.. سلفیون وبعثیون ودراویش

داعش.. سلفیون وبعثیون ودراویش
الثلاثاء ١١ فبراير ٢٠١٤ - ١١:٣٩ بتوقيت غرينتش

في العام 2003 تغزو القوات الامیرکیة العراق.. وینتقل نشاط الجماعات المسلحة المرتبطة بالقاعدة الی العراق لیستمر الحضور العسکري الامیرکي حتی 2011 تحت مسمی محاربة الارهاب والتطرف!

وبغض النظر عن البحث في الانتماء القاعدي والذي یمکن الاستدلال علیه من الاجابة علی سؤال: من المستفید من انشطتها؟ ومن المستهدف بعملیاتها؟ فقد بدأت مقاومة الاحتلال الامیرکي في العراق من قبل مجموعات متعددة، بعضها شیعي وآخر سني، فیما فرّ البعثیون في بدایة الامر للنجاة بانفسهم من بطش الشعب والاعتقال علی ید الامیرکان.
وفي اقل من عام علی الاحتلال (2004) تشکلت جماعة "التوحید والجهاد" بالعراق علی ید الاردني ابو مصعب الزرقاوي الذي بایع في مرحلة لاحقة زعیم القاعدة اسامة بن لادن، فتحول التوحید والجهاد الی تنظیم القاعدة في بلاد الرافدین، وفي العام 2006 وبسبب تعدد الجماعات المحسوبة على القاعدة في العراق، تم تشکیل شوری المجاهدین بزعامة عبد الله رشید البغدادي، وفي نفس الشهر قتل ابو مصعب الزرقاوي، فجری انتخاب ابو حمزة المهاجر.
لکن تعدد الجماعات المسلحة التي تدعي بشکل وآخر انتماءها الی القاعدة والفکر السلفي او تتفق معها في عداء المسلحین الشیعة، کان لابد من حله لانه وصل احیانا الی حدّ الاقتتال بینها..
وفي الخامس عشر من اکتوبر عام 2006 اجتمعت عدة فضائل مسلحة واعلنت عن تشکیل الدولة الاسلامیة في العراق (داع) واختارت ابو عمر البغدادي زعیما لها.

وفي 19/04/2010 قتل ابو عمر البغدادي وابو حمزة المهاجر في قصف امیرکي علی محل تواجدهما بمنزل قرب بحیرة الثرثار بمحافظة الانبار، فاختار التنظیم المدعو ابو بکر البغدادي زعیما له والذي توسعت دائرة انشطة التنظیم في عهده لتشمل سوریا بعد اندلاع الازمة السوریة، وفي التاسع من ابريل/ نيسان عام 2013 اعلن ابو بکر البغدادي دمج الدولة الاسلامیة في العراق مع جبهة النصرة في الشام التي یقودها ابو محمد الجولاني وتشکیل تنظیم الدولة الاسلامیة في العراق والشام (داعش). القرار الذي انتقده زعیم القاعدة ایمن الظواهري ودعا الی فصل النشاطین في العراق وسوریا.

ان قرار البغدادي یعبر عن حقیقتین:
الاولی، هي ان المسارین العراقي والسوري متلازمان، وانه باحتلال الرقة في سوریا اصبح من الممکن ضم بعض المناطق العراقیة غرب الانبار الیها واقامة کیان یستطیع الحیاة من خلال دعم بعض البلدان الاقلیمیة له، مثل: ترکیا والسعودیة وقطر وبلدان خلیجیة اخری والاردن.بحیث یشکل هذا الكيان فاصلا في حلقات التواصل بين بلدان محور المقاومة الذي یمتد من طهران حتی بیروت، فیتم قطع الاتصال بین العراق وسوریا من حیث فشلوا في قطع الاتصال بین دمشق وبیروت.

والأخرى، التي دعت الظواهري الی فصل التنظیمین العراقي عن السوري، یبین ان الدولة الاسلامیة عراقیة المنشأ وان القیادات السلفیة القادمة الیها من بلدان اخری لربما یکون الهدف منه الاستفادة من الدعم العالمي والاقلیمي للتنظیم اولاً، ولصبغه باللون السلفي الوهابي ثانياً حیث لم یعرف انتشار هذا الفکر في العراق بعکس الفکر القومي والصوفي..

ان داعش في حقیقتها خلیط غیر متجانس عقائدیا، یجمع في طیاته البعثیین الذین تحولوا الی دراویش مقاتلین في جیش رجال الطریقة النقشبندیة وبقایا التوحید والجهاد وکتائب ثورة العشرین ومسلحو الحزب الاسلامي الاخواني وغيرهم...

ولعل في امکانیات التنظیم وخبراته القتالیة والاستخباریة، خیر دلیل علی ان کوادره الاساسیة هم ضباط سابقین في اجهزة المخابرات العراقیة (زمن صدام حسین) ورتب عسکریة فارة من ألویة القدس وفدائیو صدام والحرس الجمهوري.. هذه القدرات التي استطاعت ان تصادر العمل العسکري للمعارضة السوریة حینما امتدت داعش الی الداخل السوري، الامر الذي أثار حفيظة السوريين.

وهذا الخلیط غیر المتجانس من الافکار والجذور والانتماءات یجتمع حول نقطتین منفصلتین: الاولی سلفیة قاعدیة والاخری شوفینیة بعثیة، وهما:

1 ـ التفکیر والحقد الطائفي.
2 ـ الشوفینیة والعداء لایران.

وعلی اساس الانتماء البعثي والصوفي یؤسس البعض لاتهام "داعش" بانها من صنع المخابرات السوریة! على اعتبار ان بعض قیادتها كانت موجودة في سوريا فترة المواجهة مع القوات الامیرکیة في العراق.. کالشیخ عبد الله الجنابي، لکن الوثائق الأخیرة التي اعلنت عنها مصادر أمنیة عراقیة في لقاءات بین قیادات من داعش وقیادات من کتلة متحدون العراقیة (واغلبهم من البعثیین السابقین) وایضا مندوبین عن جهاز المخابرات السعودیة، کشفت ان التنظیم لا یزال في العراق یمثل أجندات سعودیة وطائفیة، في حین انه تم التخلي عنه في سوریا وذلك ایضا لاسباب، منها:
1- التضحیة به لتجمیع المسلحین ضمن تشکیل جدید یجمع بقایا الحر والنصرة والجبهة الاسلامیة ولواء التوحید والفصائل الاخری، لتحسين التفاوض في جنیف 2.

2ـ دفع الارهاب باتجاه العراق لتوسيع دائرة الخراب وافشال العملية السياسية فيه بشكل كامل، خاصة وان الارهاب الداعشي یمتلك هناك حاضنة اجتماعیة وغطاء سیاسیاً (متحدون والعراقیة).

معلومة:
في السابع من ینایر (2014) اعلن رئیس مجلس محافظة الانبار، فالح العیساوي، ان الشیخ عبد الله الجنابي، مفتي مجلس شوری المجاهدین سابقاً (بزعامة الزرقاوي) شکل مجلساً عسکریاً في الفلوجة وهو من اخرج الشرطة المحلیة من مواقعها وصادر اسلحتهم، وهو الذي یتحکم بالفلوجة، وفي تلك الایام قتل مساعده ابو طفیل القوقازي على يد أحد اهالي الفلوجة بعد تحرشه باحدی فتیات المدینة!

بقلم: علاء الرضائي