آية الله قاسم: تدهور الامن في البحرين مرده التأخر بالإصلاح

آية الله قاسم: تدهور الامن في البحرين مرده التأخر بالإصلاح
الجمعة ٠٧ مارس ٢٠١٤ - ٠٤:١٦ بتوقيت غرينتش

قال عالم الدين البحريني آية الله الشيخ عيسى قاسم ان "مرد أي تدهور في الناحية الأمنية وأي تدهور آخر في الأوضاع إنما هو هذا التأخر في الاصلاح وما يحصل من مستجدات مؤلمة كتفجيرٍ أو غيره لا يعالجه شيء كالاصلاح وجديته وكفايته والتسريع به وصدقه وتطبيقه".

واضاف الشيخ قاسم في خطبة صلاة الجمعة اليوم بجامع "الإمام الصادق (ع)" في "الدراز" "إنما يساوق غياب الاصلاح أو تأخيره هو تدهور الأوضاع كل الأوضاع وما الوضع الأمني إلا واحد منها، ولا يمكن أن يستقل وحده عنها ولا أن يتم له الاستقرار ولا الوقوف عند حد معين ما غاب وتأخر الاصلاح، ذلك ما تحتمه طبيعة الأمر علينا جميعاً رضينا أم لم نرضى، وذلك بما  لا يقبل الجدل".

وأضاف "مرد أي تدهور في الناحية الأمنية وأي تدهور آخر في الأوضاع إنما هو هذا التأخر في الاصلاح وما يحصل من مستجدات مؤلمة كتفجيرٍ أو غيره لا يعالجه شيء كالاصلاح وجديته وكفايته والتسريع به وصدقه وتطبيقه".

وأكد آية الله قاسم "في أي تفجير وما ماثله مصيبتان، فإنه في نفسه مصيبة لما فيه من خسائر بشرية أو مادية من طرف أو آخر، وكذلك فيما تتعامل به الجهة الأمنية مع بصورة دائمة، مصيبة أن الجانب الرسمي وحالما يحدث تفجير أو ما يشبهه لا يتوجه بنظره واتهامه وقبل مضي وقت على الحادث وقبل أي تحقيق إلا إلى لجهة أو أخرى من جهات المعارضة والمطالبين بالاصلاح مغفلاً تماماً أن هناك من يناوئ الإصلاح وتزعجه أي خطوة صغيرة أولية على مستوى مقدمة من مقدماته ولو من نوع دعوة جادةٍ أو غير جادةٍ للحوار، ويهب في العادة لاجهاضها ولو بدأت تتحرك فعلاً وأتخذت خطوة على مستوى التطبيق لضاعف جهده وكثفه وأشتدت مقاومته لهذه الخطوة".

 

وفيما يلي نص الخطبة الثانية لسماحته:

الإصلاح وتدهور الأوضاع:

إنما يساوق غياب الاصلاح أو تأخيره هو تدهور الأوضاع كل الأوضاع وما الوضع الأمني إلا واحد منها، ولا يمكن أن يستقل وحده عنها ولا أن يتم له الاستقرار ولا الوقوف عند حد معين ما غاب وتأخر الاصلاح، ذلك ما تحتمه طبيعة الأمر علينا جميعاً رضينا أم لم نرضى، وذلك بما  لا يقبل الجدل.

ومرد أي تدهور في الناحية الأمنية وأي تدهور آخر في الأوضاع إنما هو هذا التأخر في الاصلاح وما يحصل من مستجدات مؤلمة كتفجيرٍ أو غيره لا يعالجه شيء كالاصلاح وجديته وكفايته والتسريع به وصدقه وتطبيقه.

وفي أي تفجير وما ماثله مصيبتان، فإنه في نفسه مصيبة لما فيه من خسائر بشرية أو مادية من طرف أو آخر، وكذلك فيما تتعامل به الجهة الأمنية مع بصورة دائمة، مصيبة أن الجانب الرسمي وحالما يحدث تفجير أو ما يشبهه لا يتوجه بنظره واتهامه وقبل مضي وقت على الحادث وقبل أي تحقيق إلا إلى لجهة أو أخرى من جهات المعارضة والمطالبين بالاصلاح مغفلاً تماماً أن هناك من يناوئ الإصلاح وتزعجه أي خطوة صغيرة أولية على مستوى مقدمة من مقدماته ولو من نوع دعوة جادةٍ أو غير جادةٍ للحوار، ويهب في العادة لاجهاضها ولو بدأت تتحرك فعلاً وأتخذت خطوة على مستوى التطبيق لضاعف جهده وكثفه وأشتدت مقاومته لهذه الخطوة.

وفي كل مرة تكون دعوة من أي مستوى للحوار تهب على الساحة رياح عاتية تزلزل أمنها وتكثر من الاعلام الرسمي المرئي والمسموع والمقروء، تكثر الهجمات الشرسة اللاأخلاقية على طائفة بكاملها وعلى شخوص يسمون في الإعلام بأسمائهم الصريحة. تكثر الشتائم والتهديدات العلنية التي تتهدد مؤسسات أهلية بعينها وشخوص معينين ممن يدعون للإصلاح وحتى شخصيات رسمية رفيعة قد تُتهم عند هذا الإتجاه بميلها لتهدئة الأمور، وأصحاب هذا التوجه خارجون دائماً من دائرة التحقيق أوالاتهام ولا يحوم حولهم شكٌ من الجهة الرسمية الأمنية عند أي حادثٍ مؤلم يلمّ بالساحة، فلا تُتهم به إلا جهة من الجهات المطالبة بالاصلاح بغض النظر عمّن تكون.

وفي كل حادث سيء تشتد حملة عامة قاسية تغطي الشوارع والمناطق والأزقة التي تتواجد فيها المعارضة ويتكثف أبنائها في صورة عقاب جماعي لا يستثني أحداً ولا يرحم.

عند كل حادث سيء يتصاعد أعداد الموقوفين والمطلوبين للأمن بلا انتظار وما يترتب على ذلك من وجبات تحقيقٍ وتعذيبٍ وتثبيت الاتهام ومحاكماتٍ معروفة وارتفاعٍ في أعداد السجناء واكتظاظٍ بالسجون.

وفي كل حادثٍ تفجيري و ما ماثله أو شابهه، المستفيد طرفان والخاسر هو الشعب وصفوفه من أبناء المعارضة.

تجد الموالاة ربحاً هائلاً في أي حادثٍ من هذا النوع، وفرصة ضخمة للتملق والتسلق وفرض الشروط، أو الظهور بمظهر الحكمة والحنكة السياسية الفائقة فيما كانت توصي به من جانبها السلطة بالتشديد في القبضة الأمنية وزيادة القمع والفتك. ويجد ممن يشعرون بالجريمة وبغضب الدولة عليهم فرصةً من هذا الحادث لغسل ما هم عليه من جرم، وذلك بالسب والشتم لصفوف المعارضة.

ولا تجد جواً أكثر ملائمة من الجو الذي يثيره أي عمل من أعمال التخريب التي لا تنسب إلا الى المعارضة لتعميم العقاب وفرض السيطرة بالقوة على كل الشوارع والمداخل والمخارج والمناطق وتثبيت الاتهام على من تنوي اتهامه وهو فرصة سانحة جداً لإظهار الهيبة من قبل الجانب الرسمي.

أما المعارضة فتدفع عند أي حادثٍ من النوع الذي تجد فيه السلطة مبرراً للمزيد من القمع وممارسته القاسية ضرائب باهظة مكلفةً على مستويات وأبعاد عدّة. -المعارضة تدفع أثماناً باهظة، كلفاً غالية عند أي حادث تخريبي، ولذلك لا يكون شيئاً من هذا في مصلحتها على الإطلاق، وهذا له حسابه، وهذا ما ينبغي أن يكون له حسابه في أي عملية تحقيق وتدقيق منصف تريد السلطة أن تجريها-.

والذي نقوله هنا هو أن كل حكومة تجري تحقيقاتها فيما يجري في ساحة بلدها، لكن ما يقضي به الحق أن لا يصب النظر دائماً على طرف، ويهمل طرفٌ آخر لا تقلّ قرائن احتماله عن قرائن احتمال الطرف الآخر على الأقل خاصة مع هذا الارتباط المتكرر من أي دعوة للحوار وما يسببه أي حادثٍ مؤلم من قلب الصفحة وإثارة موجة عالية من التوتر والرعب تحمل الكثير من الآلام والخسائر للمطالبين بالاصلاح مما يغري الطرف المعادي للإصلاح لأن يستمر في تفجير الأوضاع كلما أطلّت بادرة حوارٍ برأسها على الساحة -هذا يستفيد، هذا يستغل، هذا يتعملق، هذا يتسلق من وراء أي حادث تفجيري أو ما ماثله، وهذا يتوقع عقوبة عنيفة جداً للمطالبين بالاصلاح، فلمَ لا يغريه كل ذلك لأن يكرر حادثٍ تفجيري وعمل تخريبي آخر؟-

كل حكومة تجري تحقيقها فيما يجري لساحتها من حوادث ترى ضرراً فيها، وما يقضي به الحق والعدل والدين أن لا تهدر حرمة الناس عند أي حادث، ولا تعمم العقوبة ولا يسرع بتثبيت الاتهام ولا يكون تثبيته عن طريق الاكراه وبالأساليب الضاغطة التي تكاد تفقد الإرادة ولا يخضع للتعذيب كل من تحوم حوله شبهة ولو ضعيفة جداً، ولا تتهم فئات واسعة وطوائف عامة بكاملها ولا تكون المناسبة منطلقاً لتنفيس كل حاقدٍ عن حقده، وتعبير كل جاهلٍ عن جهله وبرعاية رسمية ودفعٍ رسمي، ولا فرصةً سانحة تفتح أبوابها الحكومات لتسلّق كل متسلقٍ إلى مطمعه.

والحق ومقتضاه هنا مغيّب بالكامل عند كل حادثٍ من حوادث هذه الساحة، وكل عينٍ من عيون المواطنين تشهد على هذا، وكل أُذن لا تشك فيه.

ولستُ هنا بصدد تشخيص هذه الحادثة أو تلك، أو الانتهاء إلى ما هو الواقع ورائها، والتحقيق مرة يتعلق بمسألة أنا لستُ قادراً على تشخيص هذا الأمر ولا أملك أدوات التحقيق فيه لأنسبه لهذه الجهة أو تلك الجهة، فحينما أتحدث عن أناس يُطمعهم أن يحدث حادث تفجيري أو غيره لا أجزم بأن هذا الطرف هو الفاعل، ليس لي ذلك، لا يسمح لي ديني، لا يسمح لي عقلي بذلك.

والتحقيق مرة يتعلق بمسألة تخص فرداً، أو جهة، وله أن يستقل بالتحقيق فيها، أو يُشرك طرفاً آخر في تحقيقه ثم يبني على ما أدى به ذلك التحقيق من استمراره على موقفه العملي أو العدول عنه وتغييره، وأخرى يتعلق التحقيق بأمرٍ بينه وبين طرف آخر يرى فيه أنه خصمه ويريد أن يصل إلى الحكم العادل المترتب على نتيجة التحقيق العادل، والذي يسكت الخصم ولا يترك له حجة يحتج بها، والتحقيق في هذا الفرض له مقوّمه وشروطه مما يجعله مختلفاً عن التحقيق في مسألة تخص المحقق نفسه -الحوادث العامة هل تخص الجهة الرسمية فقط؟ أو تخص الجهة الرسمية التي تريد أن تقوم بالتحقيق ومتهم آخر هو الشعب؟-. المقوّم في هذا الفرض هو أن يكون التحقيق إما مشتركاً بين طرفي النزاع، أو من طرفٍ ثالث شرطه الحيادية وعدم ارتباط مصلحة له بهذا الطرف أو ذاك، والخبرة والدقة والعدالة والنزاهة، فحيث يكون التحقيق على يدٍ من هذا النوع وبهذه المواصفات يكون التحقيق مقبولاً ومنصفاً وقاطعاً للحجة حتى مع احتمال الخطأ، وفيما دون ذلك فإذا كان هناك اقتناع فإنما هو إقتناع صاحب التحقيق أو من كلّفه بالتحقيق، هذا هو كلام الدين والعقل بعيداً عن كل إنفعالٍ وإلتواءٍ ومغالطة.

ومن مقتضى الحق والعدل الذي لا يجوز تجاوزه هو أن لا يقل شأن القتيل من أبناء الشعب فيضيع دمه ويختفي ذكره، ولا يستحق أمره تحقيقاً صادقاً عن شأن من يُقتل من الجهة الرسمية -من ينسب إليها-، يجب أن لا يقل شأن أي مواطن من المواطنين يقتل فيضيع دمه وينسى ذكره عن شأن شرطيٍ، رجل تابع للأمن، -ونحن نحرص على سلامة الجميع ونحرم القتل والظلم لأي شخص وندين العنف والإرهاب-، لكن يجب أن لا يقل شأن المواطن عن شأن أي شرطي يقتل، عن شأن أي رجل أمن بفارق بشعٍ جداً جداً حيث تقوم الدنيا ولا تقعد عند قتل شرطي، وهذا حق الدولة وحق حرمة الدم، بينما يقتل القتيل والقتيلان والثلاثة وتذهب العشرات وتذهب المئات ثم لا ذكر ولا تحقيق يصل إلى نتيجة.

وغياب هذه المساواة شكوى مؤلمة من شكاوى هذا الشعب، فكم هُدرت من دماء أبنائه وكم ضاعت وأستخف بها وشُمت كذلك!

أكتفي بهذا وغفر الله لي ولكم.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته..

أتدارك قليلاً.. اغلقوا أبواب الفتن، وخسائر الوطن بفتح باب الإصلاح، أسرعوا بفتح بابه تسرعوا بإنقاذ الوطن.. انسوا مطامع الدنيا ولو لبعض الوقت رحمة لوطنكم وإن لم يكن بالغير فبالنفس.. فما ربحت نفس بخير من خير الدنيا بظلم الآخر إلا خسرت من الخير الأعظم أضعافاً، إن كنت مطمئناً وآمناً من أن يصيبك سوء لظلمك في الدنيا فأنت وأنت مسلمٌ لابد أن تخاف عِظم عقاب الآخرة.. أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم وللمؤمنين والمؤمنات أجمعين..