سيدة الدبلوماسية الاوروبية في طهران

سيدة الدبلوماسية الاوروبية في طهران
الإثنين ١٠ مارس ٢٠١٤ - ٠٥:٢١ بتوقيت غرينتش

تعتبر زيارة كاترين اشتون الى طهران هي الاولى لوزير خارجية الاتحاد الاوروبي ، بعد زيارة سلفها خافيير سولانا الى طهران عام 2008 ، حيث تأتي هذه الزيارة كبادرة حسن نية من قبل الاتحاد الاوروبي ازاء ايران ولكسر الفتور في العلاقات معها، كما صرح بذلك دبلوماسي اوروبي لوكالة الانباء الفرنسية.

زيارة اشتون الى طهران تأتي تتويجا للتقارب بين ايران والاتحاد الاوروبي بعد الاتفاق النووي الموقت بين ايران ومجموعة 5+1 ، في 24 تشرين الثاني/نوفمبر في جنيف ، والذي كان ثمرة من ثمار الملحمة السياسية التي صنعها الشعب الايراني في يونيو حزيران 2013 ، المتمثلة بالانتخابات الرئاسية التي اوصلت الشيخ حسن روحاني الى سدة الرئاسة في ايران.

رغم ان زيارة اشتون الى طهران جاءت بوصفها تمثل 28 بلدا اوروبيا  راغبا في فتح صفحة جديدة مع ايران في مختلف المجالات السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية ، الا ان الموضوع النووي الايراني والمفاوضات التي تتراسها اشتون نيابة عن مجموعة 5+1 مع ايران ، كان حاضرا وبقوة خلال هذه الزيارة.

اشتون التي تأخرت في المجىء الى طهران ، حيث سبقها اليها العديد من وزراء خارجية البلدان الاوروبية ، لحجز مقاعد لهم  في قطار العلاقات مع ايران والذي قد ينطلق في اية لحظة بعد التوصل الى اتفاق نهائي حول البرنامج النووي الايراني ، وهو اتفاق لم تقلل اشتون ولا مضيفوها الايرانيون من صعوبة التوصل اليه ، الا ان الجميع يراهن على الارادة ، التي قد تنتصر على الصعاب ، في حال عمل الجانبان على بناء الثقة ، التي تعتبرالمفتاح الوحيد القادر على فتح جميع ابواب المفاوضات المغلقة.

على صعيد بناء الثقة ايرانيا ، دخلت طهران  المفاوضات مع مجموعة 5+1 ، من موقع قوة ونوايا صادقة ، لانها بصراحة وضعت يدها على كل حلقات دورة الوقود النووي ، اتكالا على عقول وسواعد العلماء الايرانيين واصبحت التقنية النووية طوع بنانها ، لاستخدامها للاغراض السلمية ، لذلك ليس من مصلحة ايران، بعد تحقيق هذا الهدف، ان تختلق المبررات للصهيونية العالمية واليمين الامريكي المتطرف، لتأليب الراي العام العالمي ضدها ، لذلك ليس لدى ايران ما تخفيه في المجال النووي ، ومن مصلحتها ايضا ان تؤكد للعالم اجمع ان ليس لديها ما تخفيه ، وهذه الشفافية هي بالضبط ما يخشاه اعداء الشعب الايراني.

ان اعتراف الغرب وعلى راسه امريكا بحق ايران بالتخصيب ، هو بحد ذاته انتصار للارادة الايرانية ، التي حاولت امريكا ومن ورائها الصهيونية ، عبر ستة قرارات دولية ظالمة واجراءات احادية الجانب ، كسرها.

ان اعتراف امريكا بحق ايران بالتخصيب لم يكن منة منها على ايران ، فهو حق مارسته وتمارسه ايران بقوة علمائها وبنشاط دبلوماسييها وبقوة ردعها وقبل كل هذا وذاك بإلتزامها بالقوانين والمقررات والمعاهدات الدولية وعلى راسها معاهدة حظر الانتشار النووي ، التي تكفل للدول حقوقها في المجال النووي.

الرئيس الامريكي باراك اوباما لم يكن كرئيس وزراء الكيان الصهيوني بنيامين نتنياهو الغارق باحلام اليقظة ، فالرجل كان اكثر واقعية وبُعد نظر ، عندما اعترف انه كان يتمنى تفكيك اخر مسمار في البرنامج النووي الايراني ، الا ان هذا الامر ليس الا امنية بعيدة المنال ، لذلك كان مرغما ان يحترم حق ايران بالتخصيب.

الحكومة الايرانية برئاسة الرئيس حسن روحاني ، كانت قد فرضت نفسها على المفاوض الغربي والامريكي ، حتى قبل ان تبدا المفاوضات ، بفضل التفويض الكاسح الذي منحه الشعب الايراني لروحاني وبرنامجه الانتخابي ، وفي مقدمة هذا البرنامج  سحب البساط من تحت اقدام الثنائي الصهيونية العالمية واليمين الامريكي المتطرف ، ولاظهار صورة مشرقة لنظام السيادة الشعبية الدينية في ايران ، حيث حاول هذا الثنائي غير المقدس خلال الفترة الماضية ، الزعم بوجود هوة بين الشعب الايراني والنظام ، الامر الذي كذبته نسبة المشاركة التي قاربت نحو 80 بالمائة ، وهي نسبة لا تحلم فيها حتى اكثر الديمقراطيات عراقة ، بل ان نتائجها نزلت كالصاعقة على صناع القرار في الغرب ، الذين وجدوا انفسهم وجها لوجه امام نظام يقف وراءه شعب عظيم كالشعب الايراني ، لذلك اضطروا للاصغاء لممثلي هذا الشعب وهو ما حصل في جنيف ، عندما توصل الغرب وامريكا مع ممثلي الشعب الايراني الى اتفاق مؤقت ، يكون مقدمة لاتفاق نهائي وشامل يضع حدا لازمة غير ضروروية.

ومثلما انطلقت الدبلوماسية الايرانية من حقائق ملموسة لديها ولدى الجانب الاخر للوصول الى فهم يفضي الى بناء الثقة مع الغرب ، على هذا الغرب ان ينطلق بدوره من حقائقه وحقائق الجانب الاخر دون زيادة او نقصان للوصول الى فهم متقابل يفضي الى بناء الثقة مع ايران.

وفي هذا الاطار بالذات يمكن فهم زيارة وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي لايران، على انها محاولة لفهم الحقائق الايرانية التي برزت وتكثفت بعد الانتخابات الايرانية ، وبعد ان تبين عقم لغة التهديد والوعيد والتعويل على الحظر ضد الشعب الايراني ، وكاترين اشتون تعرف اكثر من غيرها ، انها عندما تزور ايران تحل ضيفة على الشعب الايراني قبل حكومته ، فالحكومة الايرانية تجسد ارادة الشعب الايراني دون زيادة او نقصان ، وهذه حقيقة لا نعتقد انها ستغيب عن سيدة الدبلوماسية الاوروبية.

*ماجد حاتمي