دعوات مشبوهة للمواجهة بين العرب والايرانيين

دعوات مشبوهة للمواجهة بين العرب والايرانيين
الخميس ٢٧ مارس ٢٠١٤ - ٠٦:٥٨ بتوقيت غرينتش

لا يزال هناك عدد قليل من الكتاب، ممن اعمتهم الاحقاد الطائفية وتشربوا بالافكار السلفية الوهابية، وهم يدعون الدفاع عن العروبة والقومية، يهاجمون الشعوب الاخرى من غير العرب ولا سيما الايرانيين ويتهمونهم بالشعوبية بينما الايرانيون مسلمون، دافعوا عن حياض الاسلام وشاركوا المسلمين الاخرين في الدفاع عن العقيدة الاسلامية وقدموا التضحيات الجسام في سبيل اعلاء كلمة لا اله الا الله ومحمدا رسول الله.

دعوات هؤلاء الكتبة الذين يتقاضون المال لاثارة الاحقاد الطائفية هي دعوات مشبوهة، لا تواجه بالترحيب كما يتوقعون، بل هم قلة قليلة يعتاشون على اثارة التفرقة بين المسلمين وزرع الاحقاد وتحريض هذه الجماعة  ضد جماعة اخرى.
فالكاتب في صحيفة الحياة السعودية المدعو محمد المزيني يكتب مقالا بعنوان " المواجهة المكية – النجفية  ل قم " ينفث فيه سمومه واحقاده ضد الايرانيين الذين يصفهم بالشعوبيين، و يثير كلاما سخيفا ينم عن حقد دفين تجاه الايرانيين، هذه النظرة غير الاسلامية والجاهلية الى الايرانيين نهى عنها القرآن الكريم في سورة  الحجرات، الاية 13، إذ قال عز من قائل: "يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا، إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ، إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ" .
فهو يدّعي بان الايرانيين تشربت قلوبهم بالعداوة للعرب، بسبب ما أسماه معركة ذي قار ونزاعهم مع  الجيش العراقي الصدامي. نعم الايرانيون لا ينسون جرائم صدام بحق وطنهم ولا ينسون المساعدات المادية والمعنوية للحكومات العربية لصدام في حربه ضد ايران ولا ينسون ما ارتكبه صدام وجيشه بمساعدة الحكومات الخليجية ضد الشعب الايراني وانتهاكه الاراضي والحدود الايرانية واحتلاله الاف الكيلومترات من اراضيهم وقتله النساء والاطفال والشيوخ واخذ الالاف منهم اسرى وتعذيبهم في السجون العراقية وقتلهم ودفنهم في مقابر جماعية كما فعل بالعراقيين المسلمين.
اعجب من هذا الكاتب واعجب من مسؤول صحيفة الحياة كيف سمح بنشر هذا المقال الذي يهاجم فيه الشعب الايراني المسلم الذي يصفه بابشع الصفات، بينما يرى هذا الكاتب الايرانيين كل عام وهم يشاركون في موسم الحج باكثر من 60 الف حاج بينما كان يشارك حوالي 100 الف حاج ايراني في موسم الحج قبل ان يطلب السعوديون من جميع الدول خفض عدد الحجاج.
الكاتب يشكك باسلام الايرانيين ويتهمهم بالتآمر ضد العرب، بينما الواقع يشير عكس ذلك تماما، فلعلم هذا الكاتب ولغيره من العرب الذين لا زالوا لا يعرفون الايرانيين اقول بان الايرانيين هم اكثر اسلاما وايمانا من الكثير من ادعياء الدفاع عن الدين الاسلامي الحنيف الذين يشوهون سمعة الاسلام والمسلمين أمام العالم عن طريق اطلاق الفتاوي التي تبيح قتل الانسان وحز رأسه واكل كبده، وتفجير السيارات المفخخة والاحزمة الناسفة في الشوارع والمساجد والمحلات والطرق والثكنات وتجمعات المصلين وحتى في مراسم العزاء والتأبين ضد الناس الابرياء الذين يختلف اصحاب هذه الادوات الاجرامية معهم في المذهب، لا فی الانسانیة، فالايرانيون اكثر رغبة من كثير من الادعياء في المشاركة في موسم الحج واداء الحج والعمرة  وقد اعلنت منظمة الحج والزيارة الايرانية ان ثلاثة ملايين ايراني ينتظرون دورهم لاداء فريضة الحج وزيارة  بيت الله الحرام، وان 700 الف ايراني يزورون بيت الله الحرام كل عام لاداء العمرة.
فالكاتب الذي يشكك باسلامية الايرانيين عليه ان يراجع وزارة الحج السعودية ليتأكد من هذه الارقام عدا الاف الايرانيين المقيمين في الولايات المتحدة واوروبا والدول العربية والخليجية والاسيوية الذين يتوجهون الى الديار المقدسة كل عام لاداء فريضة الحج. أقول لهذا الكاتب ولغيره ان مئات الالاف من الايرانيين مستعدون لاداء فريضة الحج كل عام لو سمحت الحكومة السعودية بذلك ولم تتحجج بقلة الامكانيات.
ان هذا الكاتب وغيره نسوا ان كبار المفسرين والعلماء والفلاسفة والفقهاء والمحدثين والاطباء واصحاب الحديث واللغويين كانوا ايرانيين وقدموا خدمات كبرى الى المسلمين طوال التاريخ وهو يسمع كل يوم ما يقوم به الايرانيون من نشاطات في كافة المجالات في الصناعة و الاختراعات والاكتشافات العلمية والطب والهندسة وصناعة السيارات و الاسلحة والمعدات الحربية والصواريخ والطائرات الحربية والمدنية وطائرات بدون طيار وارسال الاقمار الصناعية الي الفضاء واخيرا تخصيب اليورانيوم وتعزيز قدرات ايران النووية السلمية.
ان على هذا الكاتب وغيره من الكتاب الجهلة والحاقدين ان يكفوا عن كتابة الترهات وان يحترموا عقول القراء  وان يمتنعوا عن اثارة الحزازات والخلافات الطائفية والعنصرية، انه من الكتاب الذين لا يزالوا يتباهون بالعنصرية العربية ويرون بان العرب هم افضل من غيرهم وهو يدعو الى احياء المحور القومي العرقي، كما يدعو الى رص الصفوف والاستفادة من الشعارات القومية البالية لمواجهة الايرانيين الذين يصفهم بالاغراب.
إنه يدعو الى التعاون بين العرب في الحجاز والعراق  لمواجهة الايرانيين بقوله: "من الأجدر بنا اليوم العودة إلى الداخل، أعني داخل أمتنا العربية، وترتيب الأوراق بمفهوم مختلف ينهض على مركزية اللغة أولاً واستثمار القيم العربية الأصيلة وصياغة الأنسب منها، وفق تصورات الدين الإسلامي وقيمه البنّاءة، ولن يتم ذلك إلا بتحريك الاتجاه المكي النجفي نحو الالتقاء كمحور قومي وديني وعرقي مشترك، للوقوف صفاً واحداً إزاء الانتهاكات الإيرانية المستمرة، وستكون اللغة الهُوية ذات الخصائص التي تعبّر عنها كقيم العادات والتقاليد المتينة ضمانة أكيدة لمجابهة هؤلاء الأغراب. ولتعزيز العلاقات بينها، والبحث عن كل القواسم المشتركة ذات الصبغة العربية في كل أقطار العالم ودعمها، والترويج لآدابها وثقافتها، فلن ننال الاحترام إلا بها. وبها سنقطع دابر كل الدخلاء" .
ان هذا الكاتب يدعو للعودة الى قيم  الجاهلية اي العودة الى احياء العادات والتقاليد الرائجة عند العرب في الجاهلية حيث جاء الاسلام ودعا الى نسخها ورفضها ودعا المسلمين الى الاعتصام بحبل الله وعدم التفرقة والتشتت. فالكاتب يدعو العرب في الحجاز والعراق الى الاتحاد ضد الايرانيين المسلمين، رافضا قول الله عز وجل "وَاعتَصِموا بِحَبلِ اللَّهِ جَميعًا وَلا تَفَرَّقوا، وَاذكُروا نِعمَتَ اللَّهِ عَلَيكُم إِذ كُنتُم أَعداءً فَأَلَّفَ بَينَ قُلوبِكُم فَأَصبَحتُم بِنِعمَتِهِ إِخوانًا وَكُنتُم عَلىٰ شَفا حُفرَةٍ مِنَ النّارِ فَأَنقَذَكُم مِنها، كَذٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُم آياتِهِ لَعَلَّكُم تَهتَدونَ" سورة ال عمران الاية 103 .

* شاكر كسرائي