العراق.. حكومة أغلبية ام تصريف اعمال؟

العراق.. حكومة أغلبية ام تصريف اعمال؟
الإثنين ٠٥ مايو ٢٠١٤ - ٠٦:٣١ بتوقيت غرينتش

بالرغم من أن نتائج الانتخابات التشریعیة العراقیة لم تعلن بشكل رسمي من قبل المفوضیة العلیا المستقلة للانتخابات، الا ان ما تسرب وردود فعل الفرقاء ازاء التسریبات یفید بما لا یترك مجالا للشك بان ائتلاف دولة القانون الذي یقوده رئیس الوزراء نوري المالكي هو الذي حصد اكثریة المقاعد، لكن السؤال: هل الاكثریة هذه تمكنه من تشكیل حكومة أغلبیة برلمانیة، ام ان منافسیه سیتمكنون من تجمیع اغلبیة لكثرتهم؟.

بالطبع الاجابة علی هذا السؤال ستبقی رهن النتائج التي ستعلنها المفوضیة، ولن تخرج من الحالتین اللتین وردتا في السؤال.. لكن ردود الفعل علی النتائج المسربة توحي بان المالكي سیتمكن من تشكیل أغلبیة برلمانیة قد یشاركه فیها الصادقون والفضیلة والاصلاح والوفاء وبعض نواب المواطن وائتلاف العراق ولربما كتلة الاتحاد الوطني الكردستاني وحتی التغییر اضافة الى بعض قوائم المنطقة الغربية.

علما ان خطاب المالكي جاء هادئا وأعلن فیه ان یده ممدودة لجمیع الفرقاء.. عكس الخطابات الاخری التي بدت اكثر انفعالاً مما سبق العملیة الانتخابیة، فالتیار الصدري المشارك بثلاث قوائم بدأ یتحدث عن امكانیة التزویر وبعض منابر المواطن الاعلامیة بدأت تشن هجوما لاذعا علی الناخب العراقي وتتوعده بغضب الهي لانه خالف فتوی المرجعیة الدینیة ( في اشارة الی فتوی المرجع الشیخ بشیر النجفي التي حرم فیها انتخاب نوري المالكي!) أما متحدون والعربیة والوطنیة وبعض الاطراف الكردیة فقد بدت بحالة هستیریا ازاء ترشحات النتائج الانتخابیة، وظهرت فضة الی حد ما غیر ملتزمة بالاتكیت السیاسي الذي یحكم شركاء العملیة السیاسیة، وهو ما بدا خلال احياء ذكرى استشهاد السيد محمد باقر الحكيم مؤسس وزعيم المجلس الاعلى الاسبق والذي غاب عنه رموز دولة القانون باستثناء السيد هادي العامري رئيس منظمة بدر والدعوتي المخضرم الشيخ محمد سعيد النعماني رئيس المؤتمر العام للكورد الفيليين والذي كان في الصف الثاني من الحضور...

اما تاثیر النتائج الانتخابیة علی الحكومة فقد بدا بزخم وحيوية، من خلال تشدید العملیات العسكریة ضد الارهابیین في محافظتي الانبار ودیالی والتضییق علیهم، خاصة بعد الخلافات التي تجددت بین داعش وبعض المجموعات الاخری الموالیة لزعیم القاعدة ایمن الظواهري.

اما اذا جاء اعلان المفوضیة بما لا یؤمن أغلبیة برلمانیة لدولة القانون وحلفائها، واذا عجزت القوائم الاخرى المتحالفة (المواطن وتيار الاحرار ومتحدون والتحالف الكردستاني والوطنية والعربية) من تشكيل أغلبية برلمانية ولم تتفق على الرئاسات الثلاث، وهو السيناريو الثاني والاضعف لما بعد اعلان النتائج.. فأن الأزمة السیاسیة قد تطول أكثر من سنة الی حین تنقية الاجواء وتقريب وجهات النظر وتشكیل الحكومة الجدیدة، وسیبقی المالكي یدیر حكومة تصریف اعمال.. لكن من المستبعد تطبيق هذا السينايو في ظل الظروف الحالیة، خاصة وان الارادة الاقلیمیة مع دولة قویة في العراق، دولة تستطیع مواجهة المؤامرة التي تشارك فیها قوی اقلیمیة متنفذة في الجانب الآخر كتركیا والسعودیة وقطر وغیرها والتي بذلت كل ما یمكنها بذله من أجل اعاقة العملیة الانتخابیة او اجراءها بأمل تغییرات في التركیبة السیاسیة القائمة وتحویل بوصلة الحكم في العراق نحو مسارات معروفة...

ما ذكرناه لا یعفي دولة القانون من مسؤولیاته في ادارة العملیة السیاسیة باعتباره المكون الاكبر والاكثر نفوذا فیها، وكما یقال آلة الرئاسة سعة الصدر واحتواء الفرقاء وتحویل الاعداء الی محایدین والمحایدین الی اصدقاء ولیس العكس..
كما ان الوضع الداخلي العراقي على صعيد الاعمار والخدمات والبناء لايسمح بالمماطلة والترهل اكثر مما هو عليه، وخاصة المناطق الجنوبیة الآمنة التي تمثل عمق دولة القانون والمواطن والاحرار والفضيلة وسائر التنظيمات والكيانات الشيعية، فأنه بحاجة الی نهضة حقیقیة، لأن من حق العراقي أن ینعم بأكثر مما ینعم به جیرانه وغیره من البلدان التي لا تمتلك نصف مؤهلاته.. وقد أثبتت جمیع التجارب أن الرخاء والاعمار من أفضل وأنجع السبل نحو الاستقرار السیاسي والامني.

ان العراق في السنوات الاربع القادمة بحاجة الی توضیح معالم كل واحدة من سلطاته الثلاث وقیام كل سلطة منها بدورها في التشریع والرقابة، والتنفیذ، والقضاء.. والی تحویل الكیانات السیاسیة الموجودة الی تنظیمات سیاسیة مؤطرة بقانون یتجاوز ما هي علیه من شعبویة وقبلیة وعفویة في التشكیل والاداء.. فما یعانیه العراق من انفلات وعدم تقید لا یمكن معالجته بالقهر والقوة، بل من خلال قوانین واعیة تشارك في صیاغتها الاغلبیة والاقلیة ( الموالاة والمعارضة ) على حد سواء، لان الحقیقة الدیمقراطیة تقضي بان المعارض سیكون یوماً ما في موقع السلطة والسلطة في موقع المعارضة.. والایام دولة.

بقلم: علاء الرضائي