الوهابية هي من تهدد أمن تونس وليس الفن الإيراني

الوهابية هي من تهدد أمن تونس وليس الفن الإيراني
الأربعاء ١٤ مايو ٢٠١٤ - ٠٨:١٠ بتوقيت غرينتش

لم يكن مفاجئا خبر قيام وزارة الثقافة التونسية بمنع عرض افلام ايرانية بأحد قاعات العاصمة التونسية، بذريعة ان الفن الايراني يهدّد الثقافة التونسية ويمسّ بالأمن القومي التونسي ، بعد ان تعودنا للاسف الشديد ومنذ فترة ، على سماع اخبار تاتينا من تونس لا تتفق بالمرة لا مع الثقافة التونسية ولا مع طبيعة الشعب التونسي.

ونقرا في تفاصيل هذا الخبر ، ان عناصر من لجنة مراقبة العروض السينمائية قامت بإيقاف عرض احد الافلام الايرانية في احد القاعات في العاصمة تونس وإخرجت الجمهور من القاعة.

وجاء في الخبر ايضا ان وزارة الثقافة التونسية نبهت من خطورة تسلل السينما الايرانية للقاعات التونسية، واصفة اقتحام الفن السابع الايراني لدور العرض التونسية بالبلطجة الفنية والتعدّي على القانون!!.

واعتبرت الوزارة  ان هذه العروض تحمل رسائل أو إيديولوجيات أو أفكارا دينية متشددة!!، كما هو الحال بالنسبة الى الأفلام الايرانية التي تهدّد الثقافة التونسية وتمسّ بالأمن القومي التونسي من خلال الأفكار الايدولوجية التي تحملها!!.

الفيلم الايراني الذي هز تونس!! وهدد امنها القومي!! ونشر افكار شيعية متطرفة طائفية !! ، واستدعى تدخل وزارة الثقافة ، التي ارسلت عناصر الى صالة السينما لضبط الفيلم !! ، وطردت الناس من صالة السينما !!، هو الفيلم الايراني "وداعا بغداد" للمخرج مهدي نادري وبطولة الفنان مصطفى زماني ، وهو عبارة عن دراما حربية ، تناول تداعيات الغزو الامريكي للعراق ، حيث كان يعرض يوم الاربعاء 7 ايار / مايو في قاعة سينما البرناص بالعاصمة ، ضمن تظاهرة أيام السينما الايرانية في تونس (07 ـ 10 ايار/مايو 2014) ، عندما قامت وزارة الاوقاف بغزوتها المباركه!!.

رغم ان وزارة الثقافة التونسية سطرت قائمة طويلة عريضة بالاسباب التي دعتها الى منع الافلام الايرانية ، منها عدم حصول الافلام على رخصة للعرض من وزارة الثقافة ،وانها عرضت في قاعات تجارية وليس عمومية ،  الا انها جاءت للتغطية فقط على السبب الحقيقي والرئيسي وهو ، انتشار الظاهرة الوهابية التي اخذت تنخر في الجسد السياسي والثقافي والاجتماعي التونسي ، واصابت هذا الجسد بتشوهات خطيرة.

للاسف الشديد ان هذه التشوهات التي اصابت المشهد الثقافي التونسي حدثت بعد نجاح الوهابية في مسخ بعض المتعصبين والجهلة تحت يافطة السلفية ، وتحويلهم الى عصا غليظة مرفوعة في وجه المفكرين والمثقفين والفنانين ، للتضييق عليهم ، انطلاقا من الافكار الوهابية المتزمتة المتخلفة ، التي هبت كريح السموم القادمة من الصحراء ، على ارض تونس الخضراء ، تحمل معها قراءة شاذة ومشوهة وغريبة عن الاسلام ، فاحرقت جوان واسعة من خضرتها وعنفوانها.

الشعب التونسي يعرف قبل غيره ان الوهابية السلفية تسللت الى بلاده في زمن زين العابدين بن علي وحتى قبل ذلك ، من خلال غزو المساجد والتظاهر بالاهتمام بالعلوم الشرعية ، الا انها وبعد انتصار الثورة التونسية ، انقلبت على تلك الصورة وكشرت عن انيابها ، وقامت بتشكيل مجموعات وتنظيميات مختلفة ومن بينها حركة انصار الشريعة ، لا تفهم الا لغة الاقصاء والتكفير والاغتيال والتفجير والتضييق على من يخالفها ، حتى وصل الامر بهم الى التظاهر علانية وهم يحملون رايات القاعدة وصور بن لادن ، فقاموا باغتيال شخصيات ونشطاء معروفين ، كما قاموا باستهداف الجيش التونسي وقتلوا العديد من عناصره ، وقاموا في اكثر من مرة باستعرض قوتهم في مختلف المدن التونسية ، كما هاجموا الكثير من التجمعات والمراكز الثقافية والصحف ومباني التلفزيونات ، تحت ذرائع واهية ، وهدفهم الاول والاخير افغنة وصوملة تونس.

ان الوهابية لا يمكنها ان تعيش في اجواء صحية لذلك تسعى دائما الى اشعال نار الفتنة في كل المجتمعات المنكوبة بها ، لذلك نراها تكون حيث تكون الفوضى والقتل والتفجير والذبح والتكفير والاقصاء ، لذلك تعتبر الوهابية من اكبر المخاطر التي تهدد المجتمعات العربية والاسلامية ، ويكفي القاء نظرة سريعة على المجتمعات العربية والاسلامية ، التي نجحت الوهابية في التسلل اليها عبر نافذتي الجهل والفقر ، للتاكد من هذه الحقيقة الواضحة .

ترى هل كان هناك تنظيم باسم القاعدة او طالبان او داعش او جبهة النصرة او حركة الشباب او بوكو حرام او جيش العدل او انصار بيت المقدس او فتح الاسلام او انصار الشريعة  وغيرها ، التي شوهت الاسلام وفتكت باهله ، لو لم تكن الوهابية؟.

ان التشدد والتطرف والارهاب والقتل والاغتيال والتفجير والذبح واكل لحوم البشر وخطف الفتيات من مدارسهن والتنكيل بالاطفال واغتصاب النساء ونبش القبور و تفجير اضرحة الانبياء والصالحين والصحابة و وانتهاك حرمات المساجد والمعابد والكنائس وقتل علماء الدين وضرب استقرار الدول وعدم الاعتراف بالانظمة وتكفير شعوب وطوائف باكملها وتهديد الامن القومي لمختلف البلدان ، هي من عمل الوهابية التي تحاول اليوم ان تعيد تمثيل كل هذه الفظائع في تونس، بعد ان شاهدناها في افغانستان وباكستان والعراق والصومال واليمن ولبنان وسوريا وليبيا ومالي ونيجيريا وباقي البلدان الاخرى، ولا نعتقد نحن ولا يعتقد اي عاقل في العالم يحترم عقله ويحترم عقول الاخرين، انها بفعل الفن الايراني، الذي اتهمت وزارة الثقافة التونسية انه متشدد وخطر على الثقافة التونسية ويهدد الامن القومي التونسي!!.

ترى لم الحمية لم تدب في وزارة الثقافة التونسية وهي ترى السينما التونسية التجارية والعمومية!! تعرض افلاما انتجتها جهات صهيونية وامريكية تهدف الى ضرب الانسان العربي والمسلم وضرب قيمه ودينه وتاريخه ورموزه والاساءة الى عقائده واظهاره بمظهر المتخلف ، وهي صورة اصبحت مترسخة في اذهان شعوب العالم اجمع عن هذا الانسان العربي والمسلم ، فهو انسان جنسي شبقي مريض فاسد لا امل من اصلاحه ، فحيوانيته طاغية على انسانيته  ، لماذا لم يرتد جفن وزارة الثقافة امام كل هذه التهديدات والمخاطر الصهيونية الامريكية الغربية ؟، بينما اقامت الدنيا ولم تقعدها بسبب خطر الافلام الايرانية وتهديدها للثقافة التونسية والامن القومي التونسي ، بينما هذه الافلام هي منتجة في بلد مسلم ، يصلي اهلها صوب القبلة ، ويقرا اهلها القران الكريم ، ويحج اهلها الى الكعبة المكرمة ، ويصوم اهلها في شهر رمضان من كل عام ، واكثر اسماء ذكورها محمد ،  ويناصب اهلها الصهيونية العداء لانها اغتصبت ارضا عربية اسلامية ، ويعيش ويموت اهلها كباقي المسلمين ، اذن لم كل هذا الخوف و محاولات التخويف من المسلمين الشيعة في ايران ؟ ، فقط لكونهم شيعة ، وما الضير في ذلك؟ اليس الشيعة هم مسلمون؟ ،الا تصب هذه الفتن في صالح الصهاينة المتربصين بالمسلمين ، شيعة وسنة ، ؟ ، الا يكشف هذا ان الوهابية والصهيونية وجهان لعملة واحدة.

اخيرا على اهل تونس الذين اسسوا جامعة الزيتونة ، اول جامعة في العالم الاسلامي ، ارفدت العالم الاسلامي بجهابذة العلماء واشعت بنورها على جميع انحاء العالم الاسلامي ، الا يسمحوا للوهابية ان تشوه الصورة الجميلة للاسلام لدى الانسان التونسي ، والا يسمحوا ان تشوه الوهابية الصورة الجميلة لتونس لدى المسلمين.

مصطفى منيب-  شفقنا