الموصل.. الخير فيما يقع!

الموصل.. الخير فيما يقع!
الأربعاء ١١ يونيو ٢٠١٤ - ١٠:٠٥ بتوقيت غرينتش

سأبدأ بمقولة شهيرة لأسد الله الغالب علي بن ابي طالب عليه السلام وهو يصف حال من ينازلهم في ساحات الوغى: " ما قاتلت رجلاً الا واعانني على نفسه" لان شجاعة أيمان الامام علي (ع) وايمانه بالنصر او الفوز بالشهادة كفيل بأن يجعله واثق من النصر ويجعل غريمه متاكداً من الخسارة.. ومن هذه الزاوية سأنظر الى احتلال "داعش" لمدينة الموصل، ثالث مدن العراق وعاصمة الشمال التاريخية، والتي فيها تعبير وبيان لحقيقتين:

الاولى: فشل الاجهزة الآمنية والعسكرية العراقیة التي كلفت وتكلف الدولة عشرات المليارات من الدولارات على حساب الرفاه وبسط العدالة الاجتماعية وعدم كفاءة الارطان العراقية، بل ولربما تواطؤها مع "داعش" مباشرة او بشكل غير مباشر.

والثانية: حجم المؤامرة والدعم الذي تحظى به "داعش" لارباك الوضع العراقي وخلط الاوراق، حتى انها اصبحت تمتلك زمام المبادرة في مواجهة قوات عسكرية مدربة، رغم ان بعض التقارير تشير الى ان التدريب الذي يحظى به الداعشي على يد خبراء عسكريين وامنيين من مختلف الجنسيات والدول يفوق بثمانية اضعاف مستوى التدريب للجندي في افضل الجيوش العربية.

وحسب تقارير حديثة وصل مؤخراً الى العراق 1800 مقاتل مدرب عبر احد البلدان المجاورة للعراق، وهؤلاء تم تدريبهم في أحد بلدان شمال افريقيا لتنفيذ مشروع كبير حظي بمباركة الادارة الاميركية ومشاركة اطراف عراقية محوره تقسيم العراق وسوريا اذا ما استحال سقوطهما بالكامل بيد محور "الاعتدال" العربي بزعامة السعودية!

نعم.. المؤامرة كبيرة على العراق وبالتحديد على المكون الاكبر فيه، رغم ان بعض من يسمي نفسه بزعامة لايزال دون مستوى التفكير ومشغول برفض او تحقيق الولاية الثالثة، وتشارك فيها الزيارات السرية التي تتم دورياً ويومياً الى عمان (الاردن) وفرنسا وتركيا وبريطانيا، ويشارك فيها اكثر من أسم وعنوان داخل العراق وفي صميم العملية السياسية.. لكن كل ذلك لايبرر استسلام 52 الف من القوات المسلحة (جيش وشرطة) مقابل الدواعش والذي لايمكن التعبير عنه سوى بعملية "تسليم واستلام" بين الاشقاء، بين المكون "المهمش" و"المجاهدين" حسب الوثيقة التي نشرت عن محافظ الموصل أثيل النجيفي الذي كان حتى الأمس يطالب بأقليم على غرار أقليم كردستان!

ومن حق الفرد العراقي واي انسان مهتم لوضع العراق ان يتساءل: ماذا يفعل ما يقرب مليون عسكري.. واين هي الخطط الأمنية التي تجعل المبادرة بيد الدولة لا ان يكون الارهابي هو من يحدد الزمان والمكان في المواجهة والصدام؟!

عشرات القيادات العسكرية والامنية التي تكلف العراق وميزانيتة الدولة مليارات الدولارات ولاتحسن سوى ارباك شوارع المدن بسياراتها وحماياتها، اين هم الان وبماذا يجيبون؟! أليس من المعيب عليهم ان يهربوا بملابس مدنية وبشكل متنكر الى كردستان ويتركوا قطعاتهم؟!

علامات الاستفهام كثيرة وكبيرة، واتصور ان الحكومة بحاجة الى اعادة التفكیر والتخطیط والبرمجة بكل شئ من القیادات البعثیة التي جری دسها داخل أجهزة الأمن والمخابرات والجیش والشرطة، حتی الاشخاص غیر الكفوئین الذین جيء بهم علی اسس غیر نزیهة وشريفة كالمحسوبیة والمنسوبیة.

وبالعودة الی الحدث الاساس وهو احتلال الموصل من قبل داعش، لابد ان نضع في مقدمة كل التساؤلات، هذا السؤال، وهو: من المستفید ومن المتضرر الاكبر من هذا العمل؟ ولنضع قائمة طویلة من الدول والكیانات والجهات في مواجهة هذا السؤال، لنری من هو الذي یستفید من ذلك ( طبعاً هذا الی جانب الوقائع التي جرت علی الارض في الفترة التي سبقت الهجوم الداعشي ومواقف القیادات السیاسیة من مواجهة الارهاب)؟
ولان داعش هي جزء اساسي فيما یسمی بـ" الثورة السوریة " التي یتزعمها احمد الجربا (والذي التقاه اخیراً رئیس اقلیم كردستان مسعود بارزاني خلال زیارته لباریس) وتمولها قطر وتركیا والسعودیة وليبيا وتدربها الاردن (التي قصدها السيد بارزاني في زيارة اثارت شكوك العدید من القیادات الكردیة نفسها والتي يتخذها اعداء العراق الجديد مركزاً لانشطتهم السياسية والامنية والعسكرية)، فان الاتهام یطال كل من السعودیة وقطر وتركیا ورئیس اقلیم كردستان مسعود بارزاني وبعض القیادات "السنیة" كالنجیفیين وناجح المیزان وخمیس الخنجر وامثالهم.

ولعل ما یزيد من الشكوك حول الدور الكردي هو الهجوم غیر المسبوق الذي تعرضت له بعض المقرات الكردیة علی ید داعش قبل غزوة الموصل..
وايضاً التنسیق الذي نشهده بين تركيا والاقليم حتى اضحى الاقلیم وكأنه جزء من الدولة التركیة ولیس جزءاً من العراق.. شكوك ارجو ان تثبت الایام عدم صحتها!

* علاء الرضائي