لماذا لا يرى القرضاوي أي حق للمسلمين الشيعة؟

لماذا لا يرى القرضاوي أي حق للمسلمين الشيعة؟
الثلاثاء ١٧ يونيو ٢٠١٤ - ١٠:٣٥ بتوقيت غرينتش

لا ادري كيف يمكن ان يكرر الشيخ يوسف القرضاوي على اسماع الاخرين مقولته المعهودة "انني متهم بمعاداة الشيعة ولكني لست كذلك"، بينما معاداة وكره وحقد الرجل على الشيعة، لا يضاهيها الا معاداة وكره وحقد الوهابية والقاعدة، حتى اصبحت من البديهيات التي لا يختلف عليها اثنان حتى من اقرب المقربين منه.

ومن اجل الا نُتهم بمعاداة القرضاوي لمجرد انه ينتقد "بعض الشيعة الذين يحاولون نشر التشيع في البلدان الاسلامية"، واننا نظلم الرجل باتهامه بانه طائفي، لذا سنمر مرورا سريعا على مواقفه من اهم القضايا التي مرت وتمر بها منطقة الشرق الاوسط وكذلك مواقفه من ما يسمى بالربيع العربي، واخر هذه المواقف موقفه من غزو "داعش" للعراق.

رغم ان كاتب السطور كان يعرف حق المعرفة موقف القرضاوي ازاء ما يحصل في العراق بعد غزو "داعش" وارتكابها الفظاعات ضد اهله، لان الرجل عودنا ان الحق ليس في جانب الشيعة على طول الخط، وان لا حق لهم اصلا في مكان في اي بلد عاشوا وتحت اي نظام سياسي كانوا، فالشيعة متهمون من وجهة نظر هذا الرجل ولا يحق لهم حتى الاعتراض، وليس هذا فقط بل ان الانسان الشيعي لا يحق له ان يعترض حتى على ذبحه، ولكنني انتظرت لارى موقفه هذه المرة لان ضحايا "داعش" هم من اهل السنة في المحافظات العراقية التي دخلتها مثل نينوى وتكريت وصلاح الدين، فكنت اتصور انه وان كان سيقف كالعادة ضد رئيس الوزراء العراقي "الشيعي" نوري المالكي !!،  فانه سينتقد ولو بالاشارة، الفظائع التي ارتكبتها "داعش" ضد الشعب العراقي شيعة وسنة واكرادا ومسيحيين، فاذا به يخرج علينا ببيان يصف غزو "داعش" وجرائمها بانها "ثورة شعبية"!!

الحقيقة لم اتصور ان حقد الرجل على الشيعة الى هذا الحد، فقد ظهر ان هذا الحقد هو حقد اعمى ومرضي، فهذا الموقف الطائفي البغيض اثار حفيظة حتى علماء الدين السنة في العراق، فقد اعتبر رئيس جماعة علماء العراق الشيخ خالد الملا وصف قيام "داعش" باغتصاب النساء وسرقة الأموال عند دخول الموصل بالثورة الشعبية بانه أمر مغاير للحقيقة.

ان القرضاوي لم يكلف نفسه عناء الاطلاع على التقارير التي صدرت عن جهات محايدة عما صنعته وتصنعه داعش في المناطق الغربية من العراق، ليكون على بينة من امره عندما يصدر بيانه، لكنه وكما هو معهود عنه اندفع وراء حقده الاعمى ضد الشيعة، حتى لو كانوا في مواجهة مع زمر القاعدة وزمر داعش والتكفيريين، حتى ان القرضاوي لم يكلف نفسه الاستماع الى شهادات علماء دين سنة محترمين في الموصل كشفوا عن أن داعش قتلت الشيخ محمد المنصوري إمام وخطيب جامع الموصل الكبير ومثلت بجثته ،بعد أن رفض مبايعتهم وإخلاء الجامع لهم لغرض تدريب عناصرهم.

واكد إمام جامع الصديق، سلام منصور الهيتي أن عناصر داعش هددت جميع رجال الدين المعتدلين الذين لم يصطفوا معهم ورفضوا وجودهم، وهو ما اضطر أكثر من 34 إماما من أئمة الجوامع الى التوجه  إلى أربيل، خوفا من التصفيات الجسدية التي تنفذها "داعش" بدم بارد في مدينة الموصل، حسب الهيتي.

اذا كانت هذه الشهادات لايعتبرها القرضاوي موثقة لانها صادرة من "سنة مرتدين" !! كما ترى "داعش" ، كان عليه ان يطلع على تقارير دولية وغربية محايدة، وهي تقارير لا تختلف في مضمونها عما قاله علماء الدين السنة في العراق ، فهذه بعثة الاتحاد الأوروبي في العراق، اكدت إن "داعش" أقدمت على إحراق عدة كنائس في الموصل وقامت بترويع الاهالي، وقامت عناصرها باغتصاب خمس فتيات في الساحل الأيسر من المدينة ، بينما يتواصل نزوح الأهالي من نينوى هرباً من "داعش".

اما تقارير الامم المتحدة فذهبت الى ابعد من هذا، فهذه المفوضة السامية لحقوق الانسان بالامم المتحدة نافي بيلاي اعلنت إنه من شبه المؤكد أن القوات المتحالفة مع "داعش" ارتكبت جرائم حرب بإعدام مئات الرجال من غير المقاتلين في العراق على مدى الايام الخمسة الماضية.

وأضافت في بيان أن تقارير متواترة تظهر أن عمليات اعدام دون محاكمة جرت لعسكريين ومجندين وافراد شرطة وغيرهم ممن استسلموا أو أسروا.

لا اعتقد ان القرضاوي يجهل ما يجرى في العراق، الا انه وكما قلنا سجين طائفيته وحقده المرضي على المسلمين الشيعة، وهي حالة اشبه بالجنون، ترى كيف يمكن ان يصف عاقل غزو عصابات ارهابية من عشرات الجنسيات، العراق بمساعدة ضباط من الجيش الصدامي ومجموعات ارهابية اخرى، ب"الثورة الشعبية"، رغم كل الفظاعات التي ارتكبتها بحق الشعب العراقي والموثقة بالصوت والصورة؟، بينما يصف ثورة شعبية سلمية متحضرة شارك فيها اغلب الشعب في البحرين، بانها "مؤامرة الشيعة على اهل السنة" ؟!!، وكيف يمكن لعاقل يصرخ على مدار الساعة وا اسلاماه و واسنة محمداه لمجرد وجود بعض الشيعة في مكان ما، ولغزو حزب الله وايران للبلدان العربية !!، بينما هو يستجدي وبشكل مذل، امريكا والناتو والغرب لغزو ليبيا وسوريا؟

كيف يمكن لعاقل يعتبر جرائم العصابات الارهابية والتكفيرية والبعثية، ب"الثورة الشعبية" في العراق، بينما النظام القائم في هذا البلد هو نظام ديمقراطي يتغير كل اربعة اعوام؟ فاذا كان بالامكان تغيير السلطة عبر صناديق الاقتراع ترى لم كل هذا القتل والدمار وحتى تقسيم البلاد؟، الا يؤكد هذا الامر ان هذه المجموعات الارهابية ليست لديها شعبية ولا دور في الحياة السياسية، لذلك تحاول عبر الارهاب تحقيق اهدافها الاجرامية؟،  اليس من العيب والخزي على القرضاوي ان يقف الى جانب مثل هذه العصابات الارهابية ويصف ممارساتها اللاانسانية بانها "ثورة شعبية" ؟، ترى هل ثمن اسقاط المالكي وحرمان الشيعة في العراق من نظام يحترمهم، هو ان تبيع نفسك لشيطان الحقد ولابالسة الطائفية، وقبل كل هذا وذاك، ان تواجه ربا كريما بوجه اسود، اكثر سوادا من افاعيل زمر "داعش".

اخيرا على القرضاوي ان يتوب قبل ان يرحل عن هذه الدنيا، هذا اذا كان الله سبحانه وتعالى يرحمه بحسن العاقبة، واذا اراد الله طرده من رحمته، فانه سيواصل هذا النهج الطائفي الميقت، وسيلقى الله وهو محمل بذنوب تثقل كاهله لظلمة طائفة كبيرة مظلومة من المسلمين، وهم اتباع اهل البيت عليهم السلام.

* تراب تراب - شفقنا