حرب عراقية ـ سورية مشتركة ضد «داعش»

حرب عراقية ـ سورية مشتركة ضد «داعش»
الخميس ٢٦ يونيو ٢٠١٤ - ١٠:٣٥ بتوقيت غرينتش

التحالف ضد الإرهاب يخلط الأوراق في سوريا والعراق والأردن. وبحسب مصادر سورية مطلعة لم ينتظر السوريون تبلور أي وجهة سياسية إقليمية أو دولية للمبادرة لاحتواء تقدم تنظيم «الدولة الإسلامية في العراق والشام» ـ «داعش» باتجاه الشرق العراقي، والأردن، وضم قواعده في سوريا إلى مكتسباته الجديدة في الموصل والأنبار.

ويبدو الطيران السوري في سماء العراق، وعلى مقربة من الأردن، لاعباً رئيساً في «تحالف الأمر الواقع» لاحتواء «داعش»، من خلال الحرب التي يخوضها انطلاقاً من مطارات الشرق السوري، ضد ارتال أتباع زعيم «داعش» أبوبكر البغدادي، في جبهة عراقية ـ سورية، وربما أردنية مشتركة، وحدتها غزوة الموصل.
وتقول مصادر سورية رفيعة المستوى إن الطيران السوري لم يتوقف في الأيام الاخيرة عن توجيه ضربات في قلب العراق، أبعد من المناطق الحدودية او المعابر التي تفصله عن العراق في القائم وغيرها، متطابقاً مع إستراتيجية «داعش» نفسها، في التعامل بواقعية تضاهي ما يقوم به «داعش» من اختراق حدود «سايكس ـ بيكو»، وعدم التردد بالرد على «غزوة الموصل».
وكانت أنباء قد تحدثت عن قيام طائرات أميركية من دون طيار بشن غارات على منطقة القائم العراقية، وهو ما نفاه السوريون الذين يعملون في المنطقة، ويقومون برصد تحركات الجماعات «الجهادية» فيها.
وقام الطيران الحربي السوري في الأيام الستة الماضية بعمليات دعم جوي للقوات العراقية في عملياتها ضد «داعش»، كما عمل على إبطاء تقدم «داعش» نحو الحدود الأردنية، بعد استيلائه على مدينة الرطبة الإستراتيجية، التي تفتح الطريق نحو المثلث السعودي ـ الأردني، ومعبر طريبيل المؤدي إلى الأردن.
ويقول مصدر سوري رفيع المستوى إن أسراباً من الطيران الحربي السوري في المناطق الشرقية، لا سيما في دير الزور والطبقة، شنت غارات على ست مناطق عراقية، بالتنسيق مع الجيش العراقي، بعد يومين من تعرض الموصل الى هجوم «داعش». وقام الطيران السوري بطلعات تستهدف مناطق ارتال «داعش» ومواقعه في الرطبة، والقائم، والموصل، والوليد، والبعاج، ومواقع مختلفة في منطقة الرمادي. ويقوم الطيران السوري بتكثيف طلعاته في الرقة لضرب القواعد الخلفية لتنظيم «داعش»، كما يقوم بضرب تجمعاته الأساسية في الشدادي جنوب الحسكة، بعد أن حولها «داعش» إلى مركز تجميع للغنائم والأسلحة التي حصل عليها في العراق، وتدمير ما أمكن منها.
ويقول المصدر السوري إن الوقت يداهم الجميع في المنطقة، ولا بد من التحرك بسرعة لوقف تقدم «داعش»، ولن ننتظر أحداً كي نباشر العمليات. ويضيف أن التنسيق الوحيد في العمليات الجوية السورية ـ العراقية المشتركة، يستند إلى إحداثيات ومعلومات الأجهزة الأمنية العراقية والسورية وحدها، وطائرات الاستطلاع العراقية التي تحلق في المنطقة، وأن الجانب السوري يعمل على تقديم بديل عن أي تعاون لوجستي أو معلوماتي أو استشارات عسكرية أميركية. وقال المصدر السوري انه لا اتصال مع الأميركيين الذين بدأوا بالوصول إلى بغداد لتقديم المشورة للقوات العراقية في حربها ضد «داعش».
ويعمل الطيران السوري على حماية الظهير الأردني أيضاً من أي اختراق لقوات داعش في المنطقة، التي باتت تسيطر على الطريق الرئيسي الذي يخترق الأنبار نحو الأردن بدءاً من مشارف حديثة، في الوسط، حتى الرطبة. وخلال اليومين الماضيين ساهم الطيران السوري باستعادة معبر الوليد الذي سيطرت عليه «داعش»، بعد انسحاب القوة العراقية المكلفة بحمايته، وهو ما يمنع «داعش» من السيطرة على هذا المعبر الحيوي بين سوريا والعراق، ووصل مناطق دير الزور، التي تقترب من طرد غريمتها «جبهة النصرة» منها، بالأنبار العراقية .
وفي أول رد فعل على التنسيق القتالي بين الجيشين السوري والعراقي في مواجهة «داعش»، قال مسؤولون أميركيون إن الغارات التي تعرضت لها مواقع «داعش» في العراق تبدو من عمل الطيران السوري. ومن الواضح أن الأميركيين الذين بدأوا بالتوافد على العراق، وإرسال مستشارين عسكريين، لا يريدون الدخول «في تحالف الأمر الواقع» ضد دولة أبو بكر البغدادي، أو عدم الاعتراف بوجوده حالياً.
وكانت واشنطن قد طلبت من إيران عدم التدخل في العراق ريثما تختبر قدرة مستشاريها على إعادة ترتيب صفوف القوات العراقية في مواجهة «داعش». وتنصح المتحدثة باسم مجلس الأمن القومي الأميركي برناديت ميهان العراقيين بعدم اللجوء إلى السوريين في حربهم ضد «داعش»، والاتكال على قواهم الأمنية وتدعيمها لاحتواء الهجوم الذي طال أكثر من ثلث العراق وأدى إلى سقوط الموصل وتكريت وأجزاء من الأنبار، ومناطق في ديالى، وتهديد بغداد.
وتنذر ميهان العراقيين بأن «الحل للتهديد الأمني لا يكون بالاستعانة بالميليشيات، أو جيش (الرئيس بشار) الأسد، وإنما بتدعيم القوات العراقية لتكون قادرة على مواجهة التهديد».

محمد بلوط - السفير