"داعش" و بيت الطاعة الأمريكي

الخميس ١١ سبتمبر ٢٠١٤ - ٠٩:٥٣ بتوقيت غرينتش

وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف كان محقا عندما اعرب عن قلقه من احتمال توجيه ضربات امريكية داخل الاراضي السورية، في اطار الائتلاف الدولي الذي تسعى الولايات المتحدة الى تشكيله لمحاربة "داعش".

ان الذي تسرب لحد الان عن الاستراتيجية الامريكية، يؤكد وجود خطة لتوجية ضربات جوية امريكية لمواقع "داعش" داخل الاراضي السورية، يمكن ان ترجح كفة "المعارضة المسلحة المعتدلة" في صراعها مع "داعش"، و مساعدتها على قضم المزيد من الاراضي، وبالتالي مساعدتها في حربها ضد الجيش السوري.

لم يعد خافيا ان المعارضة المسلحة "المعتدلة"، التي تتحدث عنها امريكا والغرب والسعودية وقطر وتركيا و(اسرائيل)، لا وجود لها على الارض السورية، وان القوة الضاربة التي تمسك بالارض وتحارب الجيش السوري، هي تنظيمات تحمل افكارا وهابية وسلفية متطرفة، منها من هي ممثلة للقاعدة، ومنها من بايعت القاعدة، ومنها من تتعاطف مع القاعدة، ومنها من تسير على نهج القاعدة، ك"جبهة النصرة" التي تعتبر الممثل الرسمي للقاعدة في سوريا و "الجبهة الاسلامية"، الذي يعتبر تنظيم "احرار الشام" عمودها الفقري، وهو تنظيم اسسه الجهادي القاعدي ابو خالد السوري، رفيق درب بن لادن وايمن الظواهري و الزرقاوي.

هذه التنظيمات القاعدية تتلقى الدعم المالي والتسليحي واللوجستي والاعلامي من دول مثل السعودية وقطر وتركيا والاردن وامريكا، بوصفها معارضة "معتدلة"، يجب مساعدتها في صراعها مع "داعش" و الحكومة السورية، بينما الجميع يعرف ان ابو خالد السوري، الذي قتلته "داعش"، كان قد ارسله زعيم القاعدة ايمن الظواهري الى سوريا للتوسط بين التنظيمين القاعديين "داعش" و "النصرة" لحقن الدماء بين "اخوة الجهاد".

كما ان هذه المعارضة "المعتدلة"، كما نقلت صحيفة "الإندبندنت" البريطانية عن باراك بارفي المتحدث باسم عائلة الصحفى الأمريكى ستيفين سوتلوف، والذي ذبحته "داعش"، هي التی باعت سوتلوف الى "داعش" بخمسين الف دولار.

النفاق الامريكي في التعامل مع قضية في غاية الخطورة كقضية الارهاب التي تهدد العالم اجمع، اصبح عاريا، بعد ان استبعدت الادارة الامريكية سوريا من الائتلاف الدولي لمكافحة الارهاب، ورفضت التعامل مع ايران و روسيا  بهذا الشأن، وبذلك تكون قد كشفت عن عدم جديتها في التصدي لهذه الظاهرة الخطيرة، لاسباب لم تعد خافية على احد.

ان امريكا، ومنذ غزوها لافغانستان ومن ثم العراق، لم يكن هدفها يوما القضاء على الارهاب، الذي صنعته في مختبراتها، وان كل ما فعلته هو الضرب على يد من تجرأ من الارهابيين على الخروج من بيت الطاعة الامريكي، لانهم بذلك قد يشكلون خطرا على المصالح الامريكية، فالارهاب الذي يضرب الاخرين ويهدد مصالحهم ليس ارهابا من وجهة نظر امريكا، بل الارهاب هو كل ما يهدد المصالح الامريكية اينما كانت.

ان هدف امريكا من حربها ضد "داعش"، ليس القضاء عليها، بل اعادتها الى بيت الطاعة، وهو ما يفسر تجاهل امريكا لباقي التنظيمات القاعدية والتكفيرية الاخرى في سوريا وفي مقدمتها "جبهة النصرة" واخواتها، التي لم تشق عصا الطاعة، فتثير بذلك غضب رب البيت، كما اثارته القاعدة عندما خرجت من افغانستان، وكما اثارته "داعش" عندما خرجت من سوريا.


* ماجد حاتمي - شفقنا