وشهد شاهد من أهلها .. بايدن: حلفاؤنا هم من سلّحوا "داعش"

وشهد شاهد من أهلها .. بايدن: حلفاؤنا هم من سلّحوا
السبت ٠٤ أكتوبر ٢٠١٤ - ٠٦:٠٦ بتوقيت غرينتش

في الوقت الذي مازال حلفاء امريكا في المنطقة يصرون على صوابية موقفهم من الازمة السورية ولا يرون لها من حل الا الحل العسكري ودعم "الثوار" الذين يقاتلون من اجل "الحرية" ، ويتهمون من يخالفهم في موقفهم هذا ، بدعم الارهاب والارهابيين ، فجّر نائب الرئيس الامريكي جو بايدن قنبلة من العيار الثقيل ، عندما اتهم صراحة هؤلاء الحلفاء بانهم هم من دعم ومول وسلح "داعش" و "النصرة" و التنظيمات التكفيرية الاخرى التي تقاتل في سوريا منذ اربع سنوات.

ففي كلمة ألقاها يوم الخميس 2 تشرين الاول / اكتوبر في جامعة هارفارد في ولاية ماساتشوستس الامريكية قال بايدن : "مشكلتنا الأكبر كانت في حلفائنا بالمنطقة، الأتراك كانوا أصدقاء رائعين وكذلك السعوديون وسكان الإمارات وغيرهم. ولكن ماذا فعلوا؟ كان همهم الوحيد هو إسقاط الأسد وخاضوا حربا بالوكالة بين السنة والشيعة، وقدموا مئات ملايين الدولارات وعشرات آلاف الأطنان من السلاح لكل من وافق على القتال ضد الأسد".

هذه الالاف المؤلفة من أطنان الاسلحة ومئات الملايين من الدولارات وصلت بالتحديد ، وباعتراف بايدن ، الى التنظيمات التكفيرية الارهابية ، حيث يقول ما نصه : ان "الناس الذين حصلوا على المساعدة كانوا مسلحي "جبهة النصرة" و"القاعدة" وعناصر متطرفة قادمة من مناطق أخرى في العالم. أتعتقدون أنني أبالغ؟ أنظروا بأنفسكم إلى النتيجة".

وفي محاولة للتخفيف من وقع هذا الاعتراف الصاعق سعى بايدن عبر التأكيد ، وبشكل لايخلو من سذاجة ، على ان هؤلاء الحلفاء ندموا على فعلتهم وانخرطوا في التحالف المناهض للارهاب للتكفير عن ذنوبهم ، فهم الان ، وفقا لتعبير بايدن :"يعون خطأهم ووافقوا على الانضمام إلى التحالف الدولي المعادي للإرهاب .. كلهم على غير انتظار، فهموا ما يجري".

أهمية ما قاله بايدن لا تكمن في أن الرجل كشف سرا ، فما قاله كان معروفا للجميع ، ولكن تكمن في إقرار المسؤول الثاني في الادارة الامريكية شخصيا وبشكل صريح وعلني بأن تركيا والسعودية والامارات وباقي حلفاء امريكا هم من كانوا وراء "داعش" و " القاعدة" والتنظيمات التكفيرية الأخرى، وانهم من أشعل الفتنة الطائفية بين الشيعة والسنة.

جو بايدن

بدورنا نقول لبايدن، اين كانت امريكا عندما كان حلفاؤها يقومون بكل ما قاموا به في سوريا وعلى مدى اربع سنوات؟ هل كانت تعلم ام لا ؟ اذا كانت تعلم فهي متواطئة معهم ، واذا كانت لا تعلم ، وهو احتمال ضعيف جدا ، فكان عليها ان توبخ هؤلاء الحلفاء وان تعيد رسم علاقاتها معهم وان تحد من مجال تحركهم في القضايا الاقليمية بعد ان فشلوا في السيطرة على التنظيمات التكفيرية الارهابية التي تجاوزت ما هو مقرر لها ، وهو ما لم يحدث.
اعترافات بايدن ، جاءت كما يبدو كمحاولة لترميم صورة امريكا وتركيا والسعودية والامارات وقطر والاردن وباقي الحلفاء ، التي تضررت كثيرا أمام الراي العام العالمي ، بعد ان تبين ان هذه الدول كانت من اكبر داعمي وممولي مسلحي "داعش" و القاعدة والتنظيمات التكفيرية ، في الوقت الذي كان قادتها واعلامها يخدعون شعوبهم وشعوب العالم، بطبيعة المهمة التي كانوا ينفذونها في سوريا ، فكانوا يتظاهرون بمد يد العون الى مجاميع من "الثوار" انتفضوا على حكم "استبدادي" ، ينشدون الحرية والديمقراطية والعدالة والكرامة الانسانية، فجاءت النتيجة على العكس تماما كما قال بايدن ، لذا جاءت الاعترافات كنوع من النقد الذاتي والاعترف بالخطأ، ولكنه اعتراف يحمل الحلفاء دون امريكا مسؤولية ما حدث ويحدث في سوريا ، وكأن امريكا لم تكن تعلم بما كان يخطط له الامير بندر بن سلطان في سوريا بعد ان سلمه الملك عبدالله الملفين السوري والعراقي ، والرجل معروف لدى الدوائر الامريكية بارتباطه الوثيق بالمجموعات التكفيرية التي طالما استخدمها كسلاح في خدمة المصالح السعودية.

اعترفات بايدن اكدت من بين ما اكدت، اكذوبة وجود صراع طائفي وعرقي بين أبناء شعوب المنطقة لاسيما شعوب العراق وسوريا ولبنان، وان كل ما جرى ويجري من فظائع بحق السنة والشيعة والمسيحيين والاقليات القومية والدينية والمذهبية في هذه البلدان، هو مخطط جهنمي اُعد له في غرف مظلمة في واشنطن والرياض وانقرة ، لضرب الوحدة الوطنية واستقلال واستقرار هذه البلدان ، وهو ما يستدعي من شعوب المنطقة التمسك اكثر بوحدتهم وتاريخهم الطويل في العيش المشترك، الذي تستهدفه المؤامرة الاقليمية الدولية ، والا يسمحوا لهذه القوى التي تذرف اليوم دموع التماسيح على ضحايا المجازر الطائفية والعرقية ، اشاعة الفوضى والدمار والخراب في المنطقة بهدف تحقيق اهداف لم تعد خافية على أحد.

الدور الكارثي الذي قامت به امريكا وحلفاؤها في سوريا والفتنة الطائفية الكبرى التي اشعلوها في المنطقة، تعطي الآخرين الحق في ان يشككوا بنوايا وأهداف التحالف الدولي الذي يضم نفس هذه الجوقة، الذين وعوا خطأهم وفهموا ما يجري!! وفقا لتعبير بايدن ، فمن الصعب جدا تصور القيادة التركية او القيادة السعودية وكذلك القيادة الامريكية، بأنها فهمت ما يجري!!
لاسيما بعد ان رأينا كيف وضع الرئيس التركي طيب رجب اردوغان إسقاط النظام السوري كشرط أساسي لانخراط بلاده في التحالف ضد الارهاب ، وكيف احتضنت السعودية آلالاف من المسلحين لتدريبهم في معسكرات فوق ارضيها ومن ثم ارسالهم الى سوريا لقتال الجيش السوري، وكيف رفضت واشنطن التنسيق مع دمشق في الغارات الجوية التي تشنها على اهداف تابعة ل"داعش" في الاراضي السورية في اطار التحالف الدولي ضد الارهاب .. الارهاب الذي صنعته واشنطن وانقرة والرياض ، ليكون رأس حربة في معركتهم ضد سوريا.


*ماجد حاتمي - شفقنا