عذراً سيد دي ميستورا .. أنت تنفخ في رمادِ

عذراً سيد دي ميستورا .. أنت تنفخ في رمادِ
السبت ١١ أكتوبر ٢٠١٤ - ٠٨:١١ بتوقيت غرينتش

التطورات العسكرية والامنية التي يشهدها العراق وسوريا ، وخاصة المصير المجهول الذي ينتظر مدينة كوباني الكوردية السورية ، جاءت لتؤكد صوابية راي المعسكر الذي شكك بجدية هذا التحالف في مكافحة الارهاب ، بسبب تركيبة الدول المشاركة فيه ، والنتائج العملية على الارض للغارات الجوية للتحالف ، والتصريحات المقصودة والتي تقترب الى حد النعي لكل مقاومة ل"داعش" خاصة في سوريا ، لكبار المسؤولين الامريكيين.

الضجة التي اثارتها امريكا في بداية تنفيذ بعض دول الاتحاد لغارات جوية على مواقع "داعش" في العراق ومن ثم سوريا ، كانت توحي بان التحالف سيقطع اوصال "داعش" لتكون لقمة سائغة للجيش العراقي و"المعارضة المعتدلة" السورية التي هي الان في طورالتكوين في السعودية ، فاذا بالاوضاع على الارض تتغير بشكل كامل لصالح "داعش" ، وكأنها تلقت دعما خارجيا ، فانتقلت الى مرحلة الهجوم الذي بدأته في 10 حزيران / يونيو الماضي عندما احتلت الموصل ، حيث تحاصر "داعش" الان مئات القرى في الانبار واخذت تهدد باجتياح عاصمتها الرمادي ، فيما طوابير من سيارات "داعش" تتوجه صوب مدينة كركوك ، اما سوريا فتحولت الغارات الامريكية الى ما يشبه الضوء الاخضر ل"داعش" لتحتل وخلال ايام مئات القرى الكوردية  شمالي محافظة حلب.

اصوات عديدة في العراق وفي المناطق الكوردية في سوريا اخذت تتعالى مشككة بالتحالف برمته ، لما آلت اليها الاوضاع في العراق وسوريا بعد الغارات الجوية التي نفذتها امريكا وحلفاؤها ، ولعدم وجود استراتيجية واضحة للتحالف، ولضبابية اهداف هذه الغارات ، والتصريحات المحبطة لكبار المسؤولين الامريكيين حول الفترة التي تستغرقها حرب الاتحاد ضد "داعش" ، حيث توقع وزير الدفاع الأمريكي السابق ليون بانيتا إن القتال ضد "داعش" سيكون صعبا، و يستغرق ثلاثين عاما !!، اما وزير الامريكي الدفاع الحالي تشاك هيجل ما انفك يؤكد ان الضربات الجوية لن تقضي على "داعش" وانها ستستغرق وقتا طويلا ، وفي الوقت نفسه حذر الجيش السوري من مقاتلة "داعش" تحت وقع الغارات الامريكية !!، اما وزير الخارجية الامريكي جون كرى فقد اعلنها صراحة ان  الحيلولة دون سقوط مدينة كوباني في ايدي "داعش" لا يمثل هدفا استراتيجيا لواشنطن!!، متوقعا سقوطها في اي لحظة.

هذه التصريحات "الناعية" لكل مقاومة ل"داعش" لكبار المسؤولين الامريكيين ، تاتي في الوقت الذي يقف الجيش التركي ، اقوى جيوش حلف الناتو بعد الجيش الامريكي ، بدباباته وجنوده على بعد مئات الامتار من المأساة  الانسانية التي تبين ما تشهدها كوباني ، بينما مازال الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ، يرفض ليس فقط تقديم اي دعم للمقاتلين الكورد في كوباني ، بل يمنع وصول متطوعين كورد الى المدينة لمقاتلة "داعش" ، مشترطا قبل كل شيء اقامة منطقة عازلة شمال سوريا لتكون منطلقا لطموحاته في المنطقة الكوردية وفي شمال سوريا ، مستغلا بذلك ابشع استغلال هذه المأساة الانسانية ، امام مرآى ومسمع العالم اجمع.

الملفت ان  كل هذه المواقف والتصريحات المتخاذلة والانتهازية وغيرالمسؤولة وحتى المتواطئة تاتي في الوقت الذي رفع  مبعوث الأمم المتحدة لسوريا ستيفان دي ميستورا الصوت عاليا محذرا من وقوع مذبحة في مدينة كوباني على يد "داعش" وعبر عن خشيته من تكرار مذبحة سربرنيتشا التي قتل فيها الآلاف في البوسنة عام 1995.

وطالب دي ميستورا من تركيا ان تسمح للمتطوعين بعبور الحدود لتعزيز المقاتلين الكورد الذين يدافعون عن المدينة التي تقع على مرمى البصر من الدبابات التركية.

وفي محاولة لايقاظ الضمائر الميتة وبلغة مؤثرة قال دي ميستورا اذا سقطت كوباني فان الالاف سيذبحون ..  وتساءل هل تتذكرون سربرنيتشا؟ نعم نتذكرها. لم ننس مطلقا وربما لن نغفر لأنفسنا أبدا.. عندما يكون هناك تهديد وشيك لمدنيين لا ينبغي أن نلوذ بالصمت.

عذرا دي ميستورا .." لقد أسمعت لو ناديت حياً .. ولكن لا حياة لمن تنادي .. ونارا لو نفخت بها أضاءت .. ولكن أنت تنفخ في رماد " ، هذه هي الحقيقة وهي مرة ، وانت سيد العارفين ، فليس كوباني فقط بل ان الكثير من مدن العراق وسوريا محاصرة الان من جميع الجهات من قبل "داعش" .. حتى من الجو!!.

*ماجد حاتمي- شفقنا