كبسة زر واحدة من داعش وتنعزل الموصل عن العالم!

كبسة زر واحدة من داعش وتنعزل الموصل عن العالم!
السبت ٠٦ ديسمبر ٢٠١٤ - ٠٦:٤٦ بتوقيت غرينتش

تعيش الموصل اليوم عزلة كبيرة بعدما قطع تنظيم داعش الارهابي اتصالات الهاتف النقال ولم يبقِ سوى شبكة انترنت واحدة في المدينة.

"حصار مطبق" هو أقل ما يمكن أن يوصف به الوضع في مدينة الموصل اليوم، بعدما ألحق داعش الكثير من أبراج اتصالات الهاتف الجوال بقوائم ما دمره وقطع بذلك علاقة الموصليين مع العالم.

بيان مقتضب لمتحدث باسم التنظيم المتشدد قال فيه عبر إذاعة الزهور التابعة لبلدية الموصل إن عمل شركات الاتصالات في حدود التنظيم انتهى ولن يعود مرة أخرى دون ذكر الأسباب.

مهندس اتصالات أسمه جابر أيّد الشائعات التي يتناقلها الأهالي في المدينة بأن قيام التنظيم بتدمير أبراج الاتصالات وتعطيل أخرى جاء لأسباب مادية لعدم تمكن التنظيم من جباية الأموال من الشركات التي تملكها بسبب إجراءات مشددة على مكاتب الحوالات المالية خارج نينوى ولا سيما في منطقة كردستان بعد الهجوم الإرهابي الذي استهدف أربيل في التاسع عشر من الشهر الماضي.

ويتابع جابر بحسب ما نقل عنه موقع "نقاش" الإخباري "ليس من المعقول إن داعش (اختصار التسمية السابقة للتنظيم) يريد حجب الاتصالات تحضيراً لمواجهات عسكرية كما تزعم بعض وسائل الإعلام، في وقت أبقى فيه على عمل شركات الأنترنت، وخدمات الإتصالات المجانية".

ويؤمن المؤيدون لرأي جابر وبينهم الصحفي المهجّر عن الموصل عمر ماجد بأن عدم امتثال الشركات لتسديد "الإتاوات" إلى داعش لأسباب رجح أنها ضغوطات من قبل إقليم كردستان وحكومة بغداد، وربما التحالف الدولي ذاته.

أبراج الاتصالات في الموصل قائمة ضمن عقارات خاصة بالمواطنين مقابل أجور شهرية تدفعها لهم شركات الاتصال كبدل إيجار، وكانت تتعرض للاستهداف بين الحين والآخر من قبل المتشددين.

وأوضح عمر "أي مشروع تجاري صغيراً كان أم كبيراً كان يدفع للتنظيم إتاوة شهرية طوال السنوات الماضية ومنطقياً فإن أبراج الاتصالات واحدة من تلك المشاريع، خصوصاً وإن توقفها يعني خسائر مالية فادحة تلحق بشركات الاتصالات".

البعض ينظر إلى حجب "داعش" للاتصالات من زاوية أخرى، ويصرون على إنه إجراء أمني تريد من خلاله قطع أي تواصل بين المواطنين الرافضين لوجود التنظيم مع القوات الأمنية التي تحقق نجاحات في مختلف الجبهات شمالاً وجنوباً وشرقاً.

ويعتقد الناشط السياسي ربيع عوني بأن قطع "داعش للاتصالات مؤشر على الخوف الكبير لدى التنظيم المتشدد من معركة الموصل التي تعد الأخيرة لتحرير العراق من وجوده".

وقال ان ذلك يأتي بعد أيام فقط من منعه المواطنين السفر إلى خارج الموصل هرباً من واقع المدينة المرير في ظل توقف خدمات أساسية كالماء والكهرباء ، بإجبار الراغب بالسفر على إحضار من يكفله، بشرط أن لا تستمر مدة غيابه أكثر من عشرة أيام ووزع نقاط تفتيش في مداخل المدينة لمراقبة تنفيذ قراره الأخير.

تساؤل كبير يفرض نفسه في ظل ما يجري، وهو كيف يؤمن داعش الاتصالات لأعوانه خصوصاً وإن الجبهات التي يقاتل فيها واسعة وفي محافظات عدة؟

تشير مصادر في الموصل الى ان التنظيم يعتمد على أجهزة الاتصال الفضائية، لتامين الاتصالات البعيدة، كجهاز الثريا الذي شاع استخدامه في العراق في آخر عامين من عمر النظام السابق قبل سقوطه في 2003، وشرائح شركات الإنترنت الجوالة، وهذه الأخيرة بنطاق محدود لسهولة رصدها إضافةً إلى منظومات اتصالات محدودة حصلت عليها من القوات الأمنية والاستخبارية التي تركت كامل عدتها الفنية والقتالية لداعش بعد انسحابها من الموصل.

ويساور الآلاف من العاملين في مجال بيع بطاقات شحن الهواتف النقالة ومستلزماتها في الموصل ومحيطها قلق عميق أزاء وقف عمل شركات الهاتف النقال، لأن هذا يعني وبنحو عملي التحاقهم بجيش العاطلين في داعش الذي يضم أيضاً عشرات الآلاف من الموظفين والمهنيين.

وهذا الأمر يعني كذلك وقف الاتصالات الداخلية بين أحياء المدينة والقرى والنواحي والأقضية المرتبطة بها، وقطع صلتهم بالعالم الخارجي الى حد بعيد، إذ لم تعد الموصل مرتبطة به إلا من خلال شركة إنترنت واحدة تعمل حالياً وتسمى "كلمات" وهو خيط رفيع يمكن لداعش أن تقطعه في أية لحظة.