الجزيرة مصر.. قربان قطري على دكة القاهرة

الجزيرة مصر.. قربان قطري على دكة القاهرة
الجمعة ٢٦ ديسمبر ٢٠١٤ - ٠٩:٥٥ بتوقيت غرينتش

اختلف القوم بین مؤید لاغلاق قناة "الجزیرة مباشر مصر" وبین معارض، كما اختلفوا من قبل حول الجزیرة نفسها ودورها في العالم العربي،

بعد الانقلاب الذي اطاح بأمیر وجاء بآخر في قطر في 27 يونيو 1995.. حینها كانت الجزیرة هي المشروع الاوّل الذي نفذه الأمیر حمد بن خليفة آل ثاني وطاقمه علی صعید المنطقة!

ومنذ ذلك یمكن رصد نوع من التناغم بین البلد الذي تستهدفه الجزیرة في اعلامها وبین استهداف ذلك البلد، اما من قبل أميركا او من قبل الارهاب الذي لا یشك الاّ "المختلفون" بأنه صناعة أميركیة - نجدیة...

بعض المؤیدین لخطوة الاغلاق اعتبرها سدّ لباب الفتنة في المجتمع المصري ووضع حدّ للتدخل القطري غیر المبرر وللتحالف بين الجزيرة الخليجية مع الآلة الاعلامیة للاخوان المسلمین.. أما المعارضون فرأوا ان (الجزیرة مباشر مصر) كانت تمثل قوة اعلامیة بوجه الانقلاب العسكري والنظام الذي اطاح بثورة 25 ینایر 2011 لصالح فلول نظام الرئيس المخلوع، وبالتالي فان خسارتها ستؤثر علی أداء الجماعة والمعارضة بشكل عام... ومما زاد في هذا الاتجاه التصریحات القطریة التي كانت تقول ان اغلاق الجزیرة یعني فقدان الدولة (قطر) لمصداقیتها في التعامل مع مخاطبیها خارج الحدود والجماعات المرتبطة بها...

فهل فقدت قطر مصداقیتها عندما اتخذت قرار قطع بث القناة وبررتها الجزیرة بأنها عملیة اعادة ترتیب للجزیرة مباشر بانتظار ظهورها لاحقا تحت مسمی الجزیرة مباشر العامة؟!

الحقیقة ان الجزیرة فقدت مصداقیتها منذ زمن بعید عندما بدأت تتحدث بلغة طائفیة (عرفنا حینها ان المشروع الأميركي هو التفرقة الطائفیة الذي اتخذ من سقوط نظام صدام حسین ذریعة له) في العراق، في حین ان مركز قیادة القوات التي أسقطت نظام صدام حسين كان علی الارض القطریة وكان بأمكان كادر الجزيرة ان يعد بالاصابع عدد الغارات التي تنفذها المقاتلات الأميركية من هناك!
فقدت مصداقیتها عندما أخذت تصف ارهابیي القاعدة والبعثیین من القتلة الانتحاریین والذباحین بالمقاومة ولا تذكر المقاومة الحقیقیة التي جعلت المحتل یخرج في النهایة بضرباتها التي تستهدف جنود الاحتلال الاميركي والبريطاني فقط.. فیما كان زملاء الجزیرة یقتلون بالاطفال والعمال ورواد المطاعم والمقاهي وغیرهم من أبناء العراق..

وقبل ذلك فقدت مصداقيتها عندما ركبت موجة "الجهاد" القاعدي وصارت منبراً لما أسمته شقيقتها السعودية بـ"صناعة الموت" فكانت بيانات بن لادن تصل من خلالها وأنشطة القاعدة تغطى بواسطتها.. للحد الذي تنشر به صور عمليات معد لها اعلامياً قبل التنفيذ حتى صور ضحاياه والدمار الذي يخلفه.. حتى أعتقل بعض كوادرها بتهمة التعامل مع القاعدة، وبالطبع أفرج عنهم فيما بعد!

الجزیرة فقدت مصداقیتها عندما صارت الرائدة في التطبیع مع كیان الاحتلال الصهیوني من خلال استظافة مسؤولیه وأمراء حربه الملطخة أیدیهم بدماء أبناء فلسطین المحتلة، وحينها ادركنا معنی شعارها (الرأي والرأي الآخر)!

وفقدت مصداقیتها عندما حولت "الربیع العربي" الی "ربیع اعرابي" یحاول بتكفیريّه ووهابیّه وسفاحیّه النیل من سوریا العروبة والمقاومة وتدمیرها خدمة لأجندات أميركیة - صهیونیة.. حتی صارت عمالة قوی ما یسمی بـ "الثورة" وارتماءها بحضن الصهاینة "علی المكشوف" كما یقال.. والاسرائیلي یتدخل لصالح "ثوار الجزیرة" بالقصف تارة والمعلومة أخری وتقدیم السلاح والعتاد والدعم اللوجستي وفتح المشافي أمام ألویة وكتائب تسمي نفسها بالتوحید تارة والاسلام والصحابة تارة أخری!!

ولماذا العجب من اغلاق الجزیرة مباشر مصر، لقد أغلق الأمیر القطري السابق سجل اباه من قبل.. فهل یصعب علی الخلف ما قام به السلف ویبیع الاخوان بكل أحزابهم وواجهاتهم وتنظيماتهم وانتماءاتهم القطریة ومسمیاتهم.. علماً ان الاخوان لیسوا بأحسن من قطر التي تحالفوا معها، فهم من قاتل الرئیس عبد الناصر وتحالفوا مع خائن القدس وفلسطین (أنور السادات) وتعایشوا مع خلیفته حسني مبارك.. الاّ قلة قلیلة بقیت وفیه لتعالیم الشیخ حسن البنا.. ألم یتحالف الاخوان في زمن الملك فیصل مع الوهابیة السعودیة الرجعیة.. ألم یقم رئیسهم محمد مرسي بزیارة للسعودیة كأوّل زیارة له خارج مصر؟! السعودیة التي صارت المحرض والداعم الرئیس للانقلاب علیهم...!!

فما هو العیب آن تبیعهم "قطر"، اذا كان القرار الأميركي هو الاستقرار في مصر لمصالح القوی المضادة للثورة (أقصد ثورة   25 ینایر) واذا باعتهم فلن یكون لاغلاق الجزیرة مباشر مصر اي قیمة.. حتی لو بقي الاخوان متمسكین بالحكم والحلف القطري - التركي الذي یبحث عن أذرع له في المنطقة العربیة والاسلامیة.

سرعة القرار القطري باغلاق "الجزیرة مباشر مصر" لم یعط حتی العاملین فیها فرصة تودیع مخاطبیهم ومشاهدیهم، كما قال المذیع زین العابدین توفیق علی حسابه في الفیسبوك ونقله أكثر من موقع!
هكذا بیع "الرأي الآخر" في سوق السیاسة القطریة التي سرعان ما رضخت للضغوطات السعودیة - الاماراتیة وخافت من تدبیر انقلاب یفقد أسرة آل ثاني عرش شبه الجزیرة الخلیجیة الصغیرة.. وهي أعرف بما یمكن أن یدبره هؤلاء ضدها، وأنها لن تستطيع الصمود كما صمد الشعب السوري المقاوم وقيادته السياسية.. فنظامها كبیت العنكبوت.. وجنودها في "سرية الجزيرة" من أمثال جميل عازر ومحمد الكريشان وفيصل القاسم وخديجة بن قنة سيكونون أول الهاربين أو حتى يغيروا ولائهم "بمهنية"!

القرار القطري یوحي بانتهاء دوره الاقلیمي ضمن الاستراتیجية الأميركیة لصالح الدور السعودي - الاماراتي المتنامي، والذي یحاول تهدأت جمیع الجبهات لصالح جبهتین اقلیمیتین أساسيتين، هما: سوریا والیمن، وأخری داخلیة تتمثل في الوهابیین التمردین علی المؤسسة التقلیدیة.. وأنه علی قطر التعاون مع السعودیة في رؤیتها الاقلیمیة.. فهل ستفعلها قطر أم تبقی تؤدي دور الصبي المشاغب في مسرحیة كُتب سیناریوها منذ زمن عتاة السیاسة الغربیون؟!

بقلم: مروة أبو محمد