إسبانيا تحاصر "الدواعش" والفكر المتطرف بمراقبة ألف مسجد

إسبانيا تحاصر
الأربعاء ٠٨ أبريل ٢٠١٥ - ٠١:٣١ بتوقيت غرينتش

اتضح من خلال الخلايا التي جرى تفكيكها بالمملكة الايبيرية، أن جل المنتمين لـ"داعش" يستعينون بالانترنيت كوسيلة أساسية لتمرير خطاباتهم الراديكالية، لما توفره من إمكانيات التواصل في الخفاء مع العالم، بهدف استمالة الأفراد الراغبين في الانضمام إليها، وذلك من خلال مواقع للتكفيريين تحرّض على الأعمال العدائية بنشر محتويات كتابية أو صوتية أو مقاطع فيديو.

بمقابل ذلك، نجد أن البعض الأخر يتشبع بالفكر الإرهابي انطلاقا من المساجد أو من مراكز التعبد المتواجدة بالجارة الشمالية، حيث تنضم لقاءات في سرية، بغرض تلقين التطرف، ويعد كل من إقليم "كتالونيا" ومحافظة الأندلس ومدينتي سبتة ومليلية ومقاطعة "فالينسيا" والعاصمة مدريد من بين الأماكن الأكثر تجنيدا للمتعاطفين مع التيارات المتشددة، وبها يتمركز جل الأفراد الذين تم اعتقالهم بتهم تخص الإرهاب.

لهذه الأسباب ضاعفت وزارة الداخلية الإسبانية من جهودها وأعطت أوامرها لأجهزة الأمن بشتى فروعها للرفع من مستوى التأهب ومراقبة ألف مسجد ومركز للتعبد فوق التراب الوطني الإسباني، بعدما تبين أنها تقوم بتمرير رسائل متطرفة لمن يلجون إليها، قبل أن يتم التركيز على بعض الأفراد الذين تتوفر فيهم شروط تبني الفكر المتطرف، وكذا الاستعداد للسفر إلى سوريا والعراق للانضمام إلى صفوف "داعش".

إسبانيا أصبحت تراقب المساجد منذ الـ11 من مايو من عام 2004، حين تعرضت العاصمة مدريد لاعتداء إرهابي، لكن ضاعفت نشاطها مع بروز تنظيم "داعش"، خاصة وأن العديد من المراكز غدت منبعا لتلقين الارهاب إذ أن 15 شخصا ممن غادروا إلى سوريا والعراق كانوا يترددون بصفة منتظمة على مسجد "M.30" بمدريد، كما أن إمام مسجد "Yunquera de Henares" الواقع بمحافظة "غودلاخرا" التحق هو أيضا بصفوف هذا التنظيم.

وتمكنت السلطات الأمنية الإسبانية من تفكيك خلية إرهابية كان يتزعمها مصطفى مايا أمايا، أحد أبرز العناصر التي تقوم بتجنيد الأفراد للانضمام لجماعته التي أطلق عليها "الجهاديين الموحدين"، و كان ينشط بمراكز التعبد والمساجد المتواجدة بكل من "مالقا" و"سبتة" لتمرير أفكاره المتطرفة قصد إرسال المتعاطفين مع التنظيمات الإرهابية إلى كل من سوريا والعراق ومالي، إذ أنه تمكن فعلا من تجنيد العشرات خاصة من ذوي الأصول المغاربية.

ويعتبر إقليم كتالونيا الإسباني من بين النقط الحمراء والأكثر نشاطا من ناحية التجنيد، وتعد أيضا معقل التيار السلفي، إضافة إلى مدينتي سبتة ومليلية حيث ينشط أفراد منتمون إلى "حركة التبليغ"، وهو تيار لا يدخل في خانة الفكر الجهادي لكن حمولته المذهبية تدعو إلى التطرف وتساهم فيه، خاصة بمسجد السلام بمليلية والمعروف بـ"المسجد الأبيض" الواقع بحي "La cañada de Hidum" أحد الأماكن الأكثر راديكالية والأعلى في نسب الإجرام بشتى أنواعه.

وقد جرى اعتقال ستة أفراد في الـ30 من مايو عام 2014، كانوا يترددون بصفة يومية على مسجد "السلام"، حيث تمت متابعتهم بتهمة إرسال أكثر من 30 فردا للقتال في كل من دولتي ليبيا ومالي، كما يعد أيضا مكان التقاء الأخوين "إسماعيل" و"بلعيد" اللذان تم إيقافهما في الـ24 من شهر فبراير من السنة الجارية، بعدما تبين أنهما يقومان بتجنيد النساء للالتحاق بداعش.

ووفق معلومات جهاز المخابرات الإسبانية "FCSE" فإنه "يتواجد بإقليم كتالونيا 50 مسجدا ومركزا للتعبد، جلهم يتبنون الفكر السلفي، والذي غالبا ما يقوم بنشر تفسيرات أصولية بخصوص الدين الإسلامي، والتي تنافي في جوهرها مع القواعد الديمقراطية، وتتصادم مع مبادئ الحرية الفردية والجماعية للمواطنين، وكذا مع نموذج التعايش لبلدان الإتحاد الأوروبي"، على حد قولها.

وتابعت "CSEF" أن "هذا الرقم لا يعكس العدد الحقيقي للمساجد المتواجدة ب "كتالونيا" إذ أنه توجد أماكن أخرى تنظم فيها لقاءات سرية في منازل مخصصة لهذا الغرض، قصد تلقين الفكر المتطرف، قبل أن يتم التركيز على بعض الأفراد ممن توفرت فيهم شروط تنفيذ المخططات العدائية أو السفر إلى مناطق الصراع بك من سوريا والعراق"، ومن بين المراكز الأكثر نشاطا نجد "Reus" و"Torredembarra" بمدينة "ترغونا"، و"Vilanova"و"Geltru" ببرشلونة، إضافة إلى "Salt" بمدينة "خيرونا".

ويعيش حاليا باسبانيا مليون و 85 ألف مسلم، 40 في المائة منهم من أصول مغاربية، و39 في المائة يتوفرون على الجنسية الإسبانية، لكن السلطات أظهرت تخوفها من التيار السلفي حيث ترى أنه "يسعى إلى تطبيق نصوص الشرع الإسلامي كما هي، كما أن السلفيين يرفضون أي تعديلات جديدة يفرضها الواقع البشري الحالي، لأنها ستبعد المسلمين عن جوهر الدين الإسلامي ".