السفير السعودي يشكو للسيسي تجاوز إعلامييه!

السفير السعودي يشكو للسيسي تجاوز إعلامييه!
السبت ٠٢ مايو ٢٠١٥ - ٠٦:٠١ بتوقيت غرينتش

للمرة الأولى يكشف مصدر سعودي رسمي النقاب عن غضب رسمي سعودي من الحملة الإعلامية المنسقة التي تقودها جهات وأصوات إعلامية مقربة من الرئيس عبد الفتاح السيسي ضد المملكة العربية السعودية وسياساتها ومصالحها وأمنها، حسب رئيس تحرير صحيفة "المصريون".

والمفاجأة أن الحديث كان للسفير السعودي في القاهرة، أحمد القطان، والذي يندر أن يدلي بتعليقات للإعلام عن شؤون بالغة الحساسية كتلك، ولكن يبدو أن الكيل طفح بالجهات المسؤشولة في المملكة فكان لا بد من المكاشفة.

القطان أعرب عن اعتراض المملكة على تجاوزات بعض الإعلاميين المصريين بحقها.

وكشف عن مفاجأة أخرى بأنه أرسل للرئيس عبد الفتاح السيسي احتجاجًا رسميًا بهذا الشأن.. وأوضح خلال استضافته ببرنامج على قناة فضائية معروفة أنه أبلغ الرئاسة المصرية أن هناك غضبًا رسميًا و"شعبيًا" بالمملكة على تجاوزات بعض الإعلاميين في مصر، مشيرًا إلى أن الرد المصري كان التأكيد على أن هذه التجاوزات ترفضها القيادة المصرية، وأن الملف متابع من الرئيس السيسي شخصيًا.

دعنا من الغضب الشعبي، فهو معلن ويدركه أي متابع لمواقع التواصل الاجتماعي أو الإعلام بشكل عام، ولكن أن يتحدث السفير السعودي عن غضب "رسمي" من الممارسات الإعلامية المصرية فهذا أوضح مؤشر على أن العلاقات بين المملكة ومصر ليست على ما يرام، والشكوى تكشف عن أن الإساءة للمملكة تأتي من الصحف والفضائيات المقربة من السيسي، وبالتالي فهي تحمل إشارة إلى أنها تعبر عن "أجواء" مصرية غير معلنة، أو تنفس عن نفسها بعيدا عن المصادر الرسمية، وكان الإعلامي السعودي جمال خاشقجي قد كتب من قبل ما يفيد بأنه لا يمكن لأحد أن يتفلت من المسؤولية عن هذه الإساءات بدعوى حرية الإعلام في مصر، فالكل يعلم أن هذه الفضائيات موجهة، وتلك الأصوات تعمل وفق حسابات أجهزة رسمية.

بطبيعة الحال ، الغضب السعودي له ما يبرره ، لاعتبارات عديدة، في مقدمتها أن الدعم السعودي لنظام الرئيس السيسي هو الذي أبقاه على سطح الحياة السياسية حتى الآن، بالإضافة للدعم الإماراتي والكويتي، والسعودية ـ كما يعلم الكافة ـ هي قاطرة السياسة الخليجية، فلو كان لها موقف سلبي لصعب على الإمارات والكويت دعم السيسي، وبالتالي فإنه من الطبيعي أن تتساءل السعودية عن مقابلة "الإحسان" بالإساءة، والاعتبار الآخر أن الإعلام المصري، وخاصة الفضائيات، منذ تحولات 3 يوليو 2013، هو إعلام موجه من قبل أجهزة رسمية مصرية، كما أن السعوديين أكثر من غيرهم يعرفون كيف يمول هذا الإعلام وتلك الفضائيات، والدور الذي تلعبه دولة خليجية مثيرة للمتاعب والقلق في أكثر من بلد عربي، وهي التي تعزز تحالفها مع السيسي حاليا في أكثر من ملف لا تتحمس له السعودية ، وبالتالي كان منطقيا أن يتوجه السفير السعودي بالشكوى إلى السيسي مباشرة ، في إشارة إلى أنهم "أصواتك" ورجال حلفائك . والحقيقة أن "المعيار السياسي" المحض يجعل من الصعب تصور أن هذه الأصوات ، المحسوبة على السيسي، تخوض هذه المواجهة مع المملكة العربية السعودية بتوجيه من السيسي نفسه، الذي يعاني في الفترة الأخيرة من كثرة الفراغات حوله، وتحول قطاعات عديدة في الدولة، بل في رأس هرمها، إلى دوائر منفصلة أصبح واضحا أنه من الصعب عليه السيطرة عليها، بل إن بعض هذه الأصوات لم يعد يتردد في أن يهاجم السيسي نفسه وينتقده علنا، والبعض أصبح نقده يحمل صيغة التحريض الصريح.

الأمور في مصر ملتبسة هذه الأيام بشكل ملحوظ، واليقين غائب في أي شأن سياسي، والدولة تدار وفق حسابات "اليوم بيومه"، وتقاطعات القرار المصري مع حسابات دول خليجية تخترق الإعلام المصري على نطاق واسع يعقد الأمور أكثر ويجعل من الصعب الإمساك بمفاتيح الحملة على السعودية.

رأي اليوم