ويكيليكس يضرب من جديد: نصف مليون وثيقة من العام 1978

ويكيليكس يضرب من جديد: نصف مليون وثيقة من العام 1978
الخميس ٢٨ مايو ٢٠١٥ - ٠٢:٤٦ بتوقيت غرينتش

نشر موقع "ويكيليكس"، أمس، دفعة واحدة نحو نصف مليون وثيقة دبلوماسية أميركية، من عام 1978، غطت التعامل الأميركي مع معظم دول العالم.

وافاد موقع الاخبار بانه في المقدمة التي نشرها مؤسس "ويكيليكس" جوليان أسانج، أشار إلى سبب نشر هذه الوثائق، ذاكراً أن "عام 1978 كان مهماً بنحو غير اعتيادي في ما يتعلق بالتطورات الجيوسياسية" حيث شهد بداية العديد من المعارك السياسية المهمة وكثيراً من التحالفات التي استمرت في تشكيل النظام العالمي الحالي، ومازالت تؤثر في القرار السياسي حتى اليوم، ومن بينها التطرق الى القتال بين لبنان والكيان الاسرائيلي والى اتفاق كامب ديفيد، والبرقيات في بداية الثورة الايرانية.

بطرس لا يريد إدانة الاجتياح الاسرائيلي

بعد يوم على بدء الاجتياح الإسرائيلي للبنان في 14 آذار عام 1978 في ما عُرف إسرائيلياً بـ"عملية الليطاني"، سارع وزير الخارجية اللبنانية حينها فؤاد بطرس إلى السفارة الأميركية لطلب مشورة واشنطن، سائلاً السفير: ماذا يجب على الحكومة اللبنانية أن تفعل الآن؟

وقال بطرس، للسفير ريتشارد ب. باركر إن لبنان "في حالة ارتباك، إذ لسنا واثقين من نيات إسرائيل لبقائها على الأراضي اللبنانية"، لمّح حسب البرقية، إلى أن الحكومة "لا تمانع أن تدخل إسرائيل وتتخلّص من الفلسطينيين في الجنوب، لكنها تأمل أن يحصل ذلك بسرعة". بطرس، طرح على باركر حلّين بديلين: إما أن يُعلم مجلس الأمن الدولي، وهنا سأل بطرس: "لكن، هل يجب أن أدعو الى اجتماع مجلس الأمن وأطالب بإدانة إسرائيل" أم الاكتفاء بإبلاغه؟ والحلّ الثاني حسب بطرس، هو الطلب من الولايات المتحدة الضغط على "إسرائيل" لحثها على الانسحاب من لبنان.

طبعاً، جواب السفير الأولي كان: "الخيار يعود الى الحكومة اللبنانية" قبل أن يشرح للوزير تبعات كلا الخيارين. لكن بطرس عاد وشرح للسفير أن "المشكلة في اللجوء الى مجلس الأمن هي إمكانية أن يفتح الأمر النقاش حول المسألة الفلسطينية وأن يستخدم ذلك لمصلحة الفلسطينيين بدل الدفاع عن لبنان".

الجميّل: نحن مسرورون لا تضغطوا على "إسرائيل" لتنسحب

خلال اجتماعات مع قيادات ما كان يعرف بـ"الجبهة اللبنانية"، سمع السفير الأميركي كلاماً مباشراً وصريحاً حول "حسنات" الاجتياح الإسرائيلي للبنان عام 1978 وسرور بعض اللبنانيين بذلك.

في لقاء أوّل بعد يوم على بدء الاجتياح، اجتمع السفير ريتشارد ب. باركر برئيس حزب الكتائب آنذاك بيار الجميّل ونجله أمين، على طاولة الغداء الذي بدا امين حينذاك مسروراً بشكل واضح بتوجيه الكيان الاسرائيلي ضربات قوية للفلسطينيين، قال إن ذلك قد ينتج منه أمران: إما أن تنظّف "إسرائيل" الجنوب وتنسحب، ما يعيدنا الى الستاتوـ كو السابق، أو "أن الإسرائيليين سيقررون البقاء لمدة كافية كي يتأكدوا من أن المنطقة ستبقى آمنة"، حسب ما نقل باركر عن أمين.

الحصّ يقاوم

لعلّ البرقية المنطقية الوحيدة بين برقيات السفارة خلال اجتياح 78 هي التي نقلت لقاء السفير ريتشارد ب. باركر برئيس الوزراء الأسبق سليم الحصّ، بعد 6 أيام على بدء الاجتياح، بينما كان بعض المسؤولين يطالبون بإطالة أمد العدوان والاحتلال، طالب الحصّ السفير بالعمل على إنهاء الاجتياح فوراً.

رئيس الوزراء الأسبق وفي مداخلة "عاطفية مؤثرة" كما تذكر البرقية، اتهم الكيان الاسرائيلي بتأزيم الأوضاع في الجنوب وتشريد العائلات بتهجير نحو 150 ألف شخص من القرى الجنوبية، وقتل مئات المدنيين الأبرياء.

السادات: بيغن شجاع وجريء

من بين الوثائق التي نشرت، 12 ألف وثيقة أظهرت التحضيرات التي سبقت توقيع اتفاقية كامب دايفيد في عام 1978، بين الرئيس المصري الاسبق أنور السادات ورئيس حكومة العدو مناحيم بيغين، وبحضور الرئيس الأميركي جيمي كارتر، وذلك كشاهد عليها.

نصت الاتفاقية على انسحاب إسرائيلي من شبه جزيرة سيناء، بالإضافة إلى تراجع العدو إلى حدود 1967، خصوصاً في الضفة الغربية وقطاع غزة، وهو ما لم يجر حتى يومنا هذا. وأظهرت الوثائق المسربة الجهد الذي بذلته الولايات المتحدة للتسويق لاتفاقية التسوية وما حصلت عليه الكيان الاسرائيلي في المقابل من مساعدات: أسلحة، نفط، وأموال.

ففي إحدى الوثائق المؤرخة بتاريخ 30 تشرين الأول 1978، التقى سفير الولايات المتحدة في الرياض بالأمير عبد الله بن عبد العزيز الذي كان رئيساً للحرس الوطني السعودي حينها للطلب من السعودية الضغط على الفلسطينيين للتسويق للاتفاقية. وفي وثيقة تحمل رقم 1978CAIRO00070_d قال السادات لمستشار إلمانيا الغربية هلموت شمت إن "«بيغن رجل جديّ وصريح وشجاع"، وإنه غير متشائم مما يحمله المستقبل.

للشاه مساهماته في الطريق إلى "كامب ديفيد"

بدأت السنة الإيرانية ـــ الأميركية 1978 بزيارة الرئيس الأميركي جيمي كارتر لطهران، وانتهت بتحوّلات في المشهد الذي يختصر العلاقة بين الدولتين. «ويكيليكس» لخّصت تلك الحقبة بـ5،692 وثيقة، شهدت على أوج العلاقة بين الرئيس الأميركي جيمي كارتر والشاه الإيراني محمد رضا بهلوي، كما نقلت بداية الثورة الإيرانية في 175 برقية تمحورت حول التظاهرات التي شهدتها إيران في ذلك العام، والتي ستبلغ ذروتها بإسقاط الشاه المدعوم من الولايات المتحدة وبريطانيا في عام 1979.