الأحكام الصادرة بحق قتلة الشهيد شحاته هل ستردع التكفيريين؟

الأحكام الصادرة بحق قتلة الشهيد شحاته هل ستردع التكفيريين؟
الإثنين ١٥ يونيو ٢٠١٥ - ٠٤:٤١ بتوقيت غرينتش

الكثيرون ، وانا منهم ، كانوا ينتظرون الحكم الذي سيصدر عن القضاء المصري بحق تلك المجموعة السلفية الوهابية ، التي شوهت صورة مصر امام العالم اجمع ، عندما قامت بقتل اربعة من الشيعة بينهم الشيخ الشهيد حسن شحاته عام 2013 ، بطريقة “داعشية ” وحشية بشعة ، تبرأ منها حتى مشايخ السلفية الوهابية في مصر ، لبشاعتها ، رغم انهم كانوا ومازالوا من المحرضين على هذه الافعال المشينة والبعيدة كل البعد عن الثقافة المصرية والتسامح المعروف عند المصريين.

الاحكام الصادرة بحق قتلة الشيخ حسن شحاته وشقيقه محمد شحاتة ، ونجل شقيقه شحاتة محمد شحاتة ، وعبدالقادر حسنين عمر ، قضت بسجن 23 سلفیاً تکفیریاً لمدة 14 عاماً، نزلت كالصاعقة على رؤوس من كان ينتظر ان تكون الاحكام بحجم الجريمة النكراء ، وان تكون بحجم المخاطر التي تهدد مصر من الجماعات السلفية التكفيرية ، وان تكون رادعة لهم كي لا يتمادوا في غيهم ويكرروا فعلتهم مرة اخرى ، وعندها ستكون مصر مسرحا ، لبغيهم وعنفهم وطيشهم وتخلفهم ، يعيثون فيها فسادا ، تحت مبررات واهية ، كما يعيث رفاقهم فسادا في سوريا والعراق وليبيا واليمن وغيرها من البلدان التي اصيبت بنكبة السلفية الوهابية.

نقلت وسائل اعلام مصرية عن المفكر الشيعي الدكتور أحمد راسم النفيس، الذي اعتبر سبب الاحكام المخففة ، تعود الى أن النيابة العامة أحالت قضية قتل الشيخ حسن شحاتة وآخرين إلى المحكمة بتهمة القتل العمد، ولكن المحكمة حوَّلت التهمة إلى “ضرب أفضى إلى الموت”، وليس إلى “قتل عمد” ، رغم ان كل الحقائق والدلائل الموثقة عن الجريمة البشعة تشير إلى أنها قتل عمد بعد هذا التجمع وهذا التحريض الذي رأيناه في مقاطع الفيديو.

وأضاف النفيس، في تصريحات صحفية ، أن الأجهزة الأمنية لم تقم بإحالة المحرضين على هذه الواقعة إلى المحاكمة، بدعوى أنهم خارج مصر ولكن في حقيقة الأمر هناك شخصيات داخل البلد.

ان جريمة قتل الشيخ الشهيد حسن شحاته ورفاقه ، موثقة بالصوت والصورة ، وهي جريمة ارتكبت مع سابق اصرار وترصد ، حيث نقلت وسائل الاعلام المصرية تفاصيل الجريمة التي وقعت في يوم الاحد 23 حزيران / يونيو عام 2013 في ذكرى مولد الامام المهدي (عجل الله تعالى فرجه الشريف) ، بشكل كامل ، واشارت الى ان الشيخ حسن شحاته قد قدم إلى دار أحد المواطنين المسلمين الشيعة من سكنة قرية زاوية أبو مسلم للإحتفال بذكرى المولد ، ونقلت عن أحد الشهود الذي كان داخل المنزل في ذلك الوقت ، قوله انه شاهد حشداً يبدأ في التجمع أمام المنزل، ووسطه اثنان من شيوخ السلفية يجرون مكالمات هاتفية ويوجهون الناس على ما يبدو .. “ثم يكسروا المدخل، فصعدنا إلى الطابق الثاني وأوصدنا الباب الحديدي المؤدي إليه، لكنهم بدأوا يطرقونه بدوره. وبدأوا يحطمون قطع الأثاث كلها ويلقون بالطعام في الشارع. ثم صعدوا إلى السطح وتمكنوا من إحداث ثقب في سقف إحدى الغرف. وكان هذا أخطر الأمور، فقد بدأوا يلقون زجاجات المولوتوف داخل الغرفة من الثقب، فأشعلت النيران في ثياب أحد الرجال. ثم بدأوا يلقون زجاجات المولوتوف من الشرفة ، عندها

قرر الشيخ حسن في لحظة معينة مغادرة المنزل مع شقيقه وابن شقيقه ورجل رابع، يدعى عماد، لحماية الموجودين داخل المنزل من تواصل الهجوم، بما أن الواقفين بالخارج كانوا ينادون باسم الشيخ حسن. وبناءً على شهادات شهود ومقاطع فيديو، اعتدى الحشد على الرجال الأربعة بشكل وحشي، بالقضبان الحديدية والعصي الخشبية، ضرباً على الرؤوس والظهور. ثم أوثق الحشد أيديهم وجرّهم عبر الشوارع .

كما يصور مقطع فيديو ، نقلته وسائل الاعلام المصرية حينها ، حشداً يهتف “الله أكبر” و”بالروح بالدم نفديك يا إسلام” وهم يحيطون بجثة مدماة على الأرض ويقوم رجلان على الأقل بعد ذلك بدهس الجثة بالأرجل.

ما ذكرناه الان هو ما حصل فعلا ، وموثق بالصوت والصورة ، فهل يعقل ان يكون هذا الفعل “ضرب أفضى إلى الموت”، وليس إلى “قتل عمد” . كان الاولى بالقضاء المصري ان يلاحق اصحاب العقول الفاسدة ، والمعروفة للشارع المصري ، والتي تعمل ليل نهار على نشر الكراهية والحقد والبغضاء والعنف والتطرف والتخلف بين الشعب المصري ، مدعومة من انظمة خليجية رجعية متخلفة ، تضخ الاموال القذرة والكتب الصفراء وتوفر امكانيات ضخمة لنشر السلفية الوهابية في مصر ، ويكفي نظرة سريعة الى اهم رموز السلفية في مصر ، وماتروج لها من عقيدة فاسدة ، حتى نعرف حجم الجريمة التي ترتكب ضد مصر وشعبها وتاريخها وحضارتها وثقافتها.

كان من المنتظر ان يلقن القضاء المصري ، هذه المجاميع الغوغائية ، والجهات التي تستخدم جهل هذه المجاميع وحاجتها للمال ، درسا قاسيا ، حتى لا تتمادي بغيها وتتجرأ اكثر للترويح للسلفية الوهابية في مصر ، ولتطبيقاتها العملية ، كما تم الترويج لها في ليبيا وتونس والجزائر واليمن وسوريا ، من قبل دون ان يتم التصدي لها بجدية ، فتحولت الى سرطان يفتك بالمجتمعات في تلك الدول.

ان على مصر ان تحصن نفسها من خطر المجموعات السلفية الوهابية التكفيرية ، اذا ارادت ان تنجو من المصير الذي وصلت اليه بعض الدول العربية ، فمصلحة مصر العليا تكمن في الضرب بيد من حديد ، ضد كل من يغلف العنف والتطرف والجريمة ، بغلاف الحرص على التوحيد ، والحمية على الصحابة ، بينما الفعل عبارة عن معول يهدم الدول ويفكك المجتمع وينشر التكفير والحقد والتخلف.

* سامي رمزي/ شفقنا