ويكليكس وعبيد السعودية .. جعجع مثالا

ويكليكس وعبيد السعودية .. جعجع مثالا
الأحد ٢١ يونيو ٢٠١٥ - ٠٧:١٩ بتوقيت غرينتش

اثارت مواقف رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع، ازاء جرائم الجماعات التكفيرية وعلى رأسها “داعش” ضد المسحيين في سوريا والعراق والتهديد الوجودي الذي تشكله الى جانب “جبهة النصرة” على المسيحيين اللبنانيين وعلى راسهم “داعش” و”النصرة”، الكثير من علامات الاستفهام لدى المسيحيين في لبنان وخارجها.

علامات الاستفهام الكبيرة كان مردها، الموقف غير المسؤول واللامبالي بل وحتى التبريري لجرائم “داعش” و “النصرة” ضد المسيحيين، لرئيس ميليشيا مسلحة كان يرفع لواء الدفاع عن وجود المسيحيين في لبنان، وارتكب العديد من جرائم القتل والتصفية الجسدية ضد خصومه الذين كان يعتقد انهم ينافسون زعامته في الدفاع عن المسيحيين في لبنان.
بعض السذج كان يبرر موقف جعجع المتخاذل والمتقاعس ازاء جرائم التكفيريين، بانه جاء كرها لحزب الله، الذي يتحمل اليوم مسؤولية الدفاع عن جميع مكونات الشعب اللبناني امام همجية “النصرة” و”داعش”، ويقدم الشهداء على طريق الدفاع عن لبنان واهله وامنه.
الخطر الوجودي الذي يمثله التكفيريون على المسيحيين وجميع مكونات الشعب اللبناني، لا يمكن وضعه في معادلة الخلافات السياسية بين مكونات الشعب اللبناني، فهو خطر يتجاوز كل معادلة وكل مكون من مكونات هذا الشعب، وكل حديث عن تبريرات للمواقف المتخاذلة لبعض رموز 14 اذار وفي مقدمتهم رئيس القوات اللبنانية، لا تعني الا التواطؤ مع التكفيريين، ومساعدتهم على اضرام الحريق في المجتمع اللبناني كما اضرموا النار في العراق وسوريا.
حقيقة موقف جعجع وامثاله من المخاطر التي تهدد مكونات الشعب اللبناني وخاصة المكون المسيحي على يد التكفيريين، كانت مكشوفة للعارفين بالعلاقة التي تربط الرجل بالسعودية واجندتها في لبنان والمنطقة، الا ان هذه الحقيقة اصبحت في متناول الجميع بعد ان قامت صحيفة “الاخبار” اللبنانية بنشر وثائق سرية عن المملكة العربية السعودية بالاتفاق مع موقع ويكيليكس، والتي عرت الطابور الخامس السعودي في العديد من الدول العربية ومن بينها لبنان، وبات واضحا للجميع ان جعجع لم تتحجر مشاعره ولم يُشل احساسه ازاء المخاطر التي تهدد المسيحيين في لبنان، لاسباب مرضية، بل ان الرجل فقد كل احساس ازاء هذه القضية بسبب سحر الدولارات السعودية التي دُست في فمه ففقد االقدرة على النطق وبالتالي الاحساس.
وثائق ويكليكس كشفت ان احد صقور “ثورة الارز” والمتحدث الاعلى صوتا عن السيادة واستقلال لبنان، ليس الا موظفا ومنفذا بائسا لاوامر آل سعود، كما كتبت صحيفة الاخبار اللبنانية :”ففي يوم 23/4/1433 هجري (17/3/2012 ميلادي) يرسل السفير السعودي في لبنان علي عواض العسيري إلى وزارة خارجية بلاده برقية يقول فيها أنه استقبل «السيد إيلي أبو عاصي، موفداً من قبل رئيس حزب القوات اللبنانية، وتحدث عن صعوبة الاوضاع المالية التي يعيشها حزبهم ووصلت الى حد باتوا عاجزين معه عن تأمين رواتب العاملين في الحزب، وتكاد تصل بهم الأمور الى العجز عن الوفاء بتكاليف حماية رئيس الحزب سمير جعجع، ولاسيما في ظروف المواجهة التي يعيشونها من جراء مواقف بعض الزعامات المسيحية، كالجنرال ميشال عون والبطريريك الماروني، المتعاطفة مع النظام السوري. وأشار الى انه وصل بهم الامر الى حد ان السيد سمير جعجع جاهز للسفر الى المملكة لعرض وضعهم المالي المتدهور على القيادة في المملكة». وبعد هذا التقديم، يبدأ العسيري بالتحدّث عن محاسن القوات اللبنانية، كونها «بقيادة الدكتور سمير جعجع القوة الحقيقية التي يعول عليها لردع لحزب الله ومَن وراءه في لبنان». ثم يوصي العسيري رؤساءه «بتقديم مساعدة مالية» لجعجع، «تفي بمتطلباته، ولاسيما في ضوء مواقف السيد سمير جعجع الموالية للمملكة والمدافعة عن توجهاتها». وختم العسيري تقريره عن لقاء أبو عاصي بالقول: «إن جعجع هو الاقرب الى المملكة بين الزعامات المسيحية وله موقف ثابت ضد النظام السوري، وفوق ذلك فهو يبدي استعداده للقيام بما تطلبه منه المملكة». برقية العسيري تلقاها وزير الخارجية حينذاك سعود الفيصل، واحالها على الملك عبدالله بن عبدالعزيز. ويوم 28/5/1433 (20/4/2012)، أصدر عبدالله «التوجيه السامي» باستقبال جعجع، وهو ما جرى تنسيقه لاحقاً بين وزارة سعود الفصيل ورئاسة الاستخبارات السعودية”.
هذه ليست المرة التي يتم فيها تعرية قادة “ثورة الارز” في لبنان، فهؤلاء تعودوا على العري، فمن قبل فضحوا بعد أن عرتهم وثائق سرية لوزارة الخارجية الامريكية، عندما ظهروا بذلك المظهر المخزي والخياني، عندما تواطؤا مع العدو الصهيوني الذي كان يقصف بوحشية الضاحية الجنوبية لبيروت عام 2006، مطالبين اياه لمواصلة القصف حتى القضاء على حزب الله وبيئته الحاضنة، امتثالا لاوامر اسيادهم من آل سعود، الذين لم يكتفوا بتحويلهم الى طابور خامس لهم في لبنان، بل كعبيد ينفذون أوامر آل سعود دون نقاش، كما قال جعجع بنفسه، دون ان يعيروا ادنى اهتمام لمستقبل و وجود المكونات اللبنانية التي يدعون تمثيلها، الامر الذي يلقي على عاتق هذه المكونات مسؤولية خطيرة تتمثل في وضع هذه الزعامات في حجمها الحقيقي ووقفها عند حدها قبل ان تدفع ثمنا باهظا من وجودها، بسبب رخص هذه الزعامات التي تحولت الى عبيد من اجل حفنة من الدولارات.


* جمال كامل - شفقنا