الى المخلفين.. انه موسم الحج الی طهران

الى المخلفين.. انه موسم الحج الی طهران
الثلاثاء ٢١ يوليو ٢٠١٥ - ١٢:٣٥ بتوقيت غرينتش

یوم أمس الاثنین 20 تموز ـ یولیو 2015 صادق مجلس الأمن الدولي علی الاتفاق النووي بین الجمهوریة الاسلامیة الایرانیة والسداسیة الدولیة (1+5) الذي تم التوصل الیه في الرابع عشر من الشهر الحالي بفیینا.

المصادقة مجرد اجراء بروتوکولي یعزز الاتفاق الذي تم بین ایران والدول الدائمة العضویة في مجلس الأمن الدولي اضافة الی ألمانيا، وبالطبع بمبارکة الاتحاد الأوروبي الذي أید یوم أمس أیضاً الاتفاق.. لکنه رسالة واضحة الى الاطراف المعارضة للاتفاق، الأميركية منها والاقليمية، على ان الأمر منجز ولا تفيد معه المعارضة، التي ستعني عزلة دولية ولوعلى مستوى الاعلام فقط!

والغريب ان المصادقة الأممية رافقها اعلان نتائج استطلاع قامت به أحد المؤسسات الأميركية يفيد بأن 56% من الأميركيين يؤيدون الاتفاق.. أما تصريحات وزير الدفاع الأميركي، اشتون كارتر، سواء تلك التي صرح بها في الطائرة التي أقلته الى تل أبيب او تلك التي ادلى بها عند وصوله الى فلسطين المحتلة، في ان الخيار العسكري لايزال على الطاولة، فهو مجرد ذر رماد في عيون الاسرائيليين والخليجيين ونأمل ان يدركها اشقاؤنا العرب جيداً!

الموقف الدولي الحقيقي من الاتفاق، هو ما عبرت عنه زيارة وزير الاقتصاد الألماني ونائب المستشارة ميركل (زيغمار غابريل) الى طهران على رأس وفد ضم 100 شخصية اقتصادية... وما سوف يتبع ذلك من زيارة لوزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، الذي يأمل ان يتشارك مع ايران في صناعات السيارات والطائرات والحصول على حصة من السوق البترولية الايرانية... فرنسا التي صوّرت نفسها أشد المعارضين للأتفاق واستغفلت عرب الخليج الفارسي وفي مقدمتهم السعودية، اصبحت اوّل اللاهثين نحو طهران والحجاج اليها.. وقد سبق هؤلاء الأيطاليون وسيتبعهم البريطانيون والنمساويون والاسبان و... الخ.

الحقيقة السلوك الغربي ليست خافياً على أحد، والايرانيون أفضل من يقرأونه وقد خبروه في مواطن عديدة، وهو ليس غريبا.. لكن الغريب ان بعض الأنظمة العربية والخليجية على وجه التحديد، لاتزال تغفل عن قراءته ورؤيته على حقيقته، بل وتراهن عليه، كما راهنت على الموقف الأميركي من قبل.. ونصحنا وقلنا من قبل انكم بهذا التخبط السياسي "كالمتجير من المرضاء بالنار"!

نعم.. هكذا أرى ان العرب ولغباء بعض قياداتهم ومنظريهم وانقيادهم الأعمى للغرب، سيكونون آخر من يستفيد من الاتفاق النووي وغلبة المنطق الدبلوماسي في حلَ النزاعات الدولية والاقليمية.. رغم ان هذا الاتفاق الذي عملوا جاهدين على افشاله ولا زالوا يراهنون على تعثره، جنبّهم هم بالذات ويلات كبيرة، كانوا سيتحولون بدونه الى حطب الغرب في حربه مع ايران.. ومع هذا لاتزال بعض الانظمة الخليجية ضد الاتفاق النووي!

بالتأكيد لن يستفيد العرب من فرصة المصالحة والاتفاق، لانهم لايحسنون الاستفادة من الأشياء ومتمسكون بما ألفوا عليه الأسلاف، فعنىما جاءهم الاسلام حولوه الى مذاهب ومؤامرات وحروب وقتل واستبداد وتكفير ووهابية والقاعدة وداعش.. وتركوا طلب العلم لغيرهم من الاقوام التي ادخلوها هم الى الأسلام! ومن لايصدق فالينظر في الانتماءات القومية والجغرافية لأشهر علماء الاسلام على مدى التاريخ ومن جميع مذاهبه..

وعندما جاءتهم الحداثة على دوي المدافع الأوروبية والفرنسية بالتحديد، فانقسموا الى دويلات تتقاتل فيما بينها، لأن بعضها يتبع لبريطانيا وتحالف معها والآخر لفرنسا والثالث للاتحاد السوفيتي...

وبعد مضي ثلاثة أجيال بترولية وضخامة العائدات التي وصلت اليهم لايزالون في بداية الطريق.. لأن التنمية والتطور والحداثة تحول لديهم الى سيارات فارهة وأسواق استهلاكية وبرامج ترفيهية وسفرات الى نيس وكان ولاس فيغاس... واخيراً شراء نوادي رياضية، دون أية بنى حقيقية يمكنها ان تدير حياة الناس والمجتمعات التي عودها على نمط معين من الحياة الريعية.. فلا مؤسسات دولة ولامشاركة جماهيرية ولاتداول سلطة ولا صناعات ولا مراكز تحقيقية وبحثية ولا ولا... الخ.

لذلك فأن هذه العقلية تعجز عن ادراك الواقع السياسي والدولي الذي يحيط بها.. حتى لو أقسم جميع خبراء العالم ومحللوه السياسيون وسياسيوه بأن ما قبل الاتفاق النووي بين ايران والسداسية يختلف عما قبله!

ولنكن صريحين... ان الأميركيين والأوروبيين الذين دفعوكم سرّاً وعلانية للعداء مع ايران من أجل أن يبيعونكم اسلحتهم وينقذوا شركاتهم من الافلاس ويوفروا فرص عمل لمواطنيهم... كانوا أوّل من حج الى طهران..

وما أرجوه هو أن تكون لكم الجرأة والمرونة وأن لاتبقوا مع المخلفين.. عندها ستجدون أبواب طهران مشرعة امامكم وايدي الأيرانيين ممدودة اليكم.. فلاتحملّوا شعوبكم ما لاطاقة لهم به...

بقلم: علاء الرضائي