أردوغان واللّعِب مع "داعش"

أردوغان واللّعِب مع
الأربعاء ٢٢ يوليو ٢٠١٥ - ١٠:١٩ بتوقيت غرينتش

لا يمكن تناول التفجير الارهابي الذي استهدف متطوعين اكرادا في مدينة سروج التركية ذات الاغلبية الكردية، كانوا ينوون العبور إلى عين العرب (كوباني) للمشاركة في نشاطات لاعادة إعمارها واسفر عن مقتل 32 شخصا على الأقل وإصابة نحو 100، على انه عمل ارهابي تقف وراءه “داعش”، كباقي التقجيرات الاخرى التي نفذها هذا التنظيم الارهابي في سوريا والعراق واماكن اخرى في العالم.

اصرارنا على عدم وضع هذا التفجير في اطار موجة الارهاب التي تضرب المنطقة والتي تقف وراءها الجماعات التكفيرية وفي مقدمتها “داعش”، لا يأتي من عدم، بل من العلاقة الوثيقة، بل الوجودية، التي تربط هذا التنظيم بالسلطات التركية وخاصة بحكومة حزب العدالة والتنمية وشخص الرئيس التركي رجب طيب اردوغان، فلولا اردوغان وحكومته لم تكن هناك “داعش” في سوريا، بل لم تكن هناك حرب في سوريا، ولكانت الازمة السورية قد تم تسويتها منذ اربع سنوات، فالكل يعرف من اين جاء عشرات الالاف من “الدواعش” والتكفيريين الى سوريا، باعتراف الغرب وامريكا، فتركيا الاردوغانية متورطة من رأسها الى اخمص قدمها في الحرب المفروضة على سوريا وبشهادة نائب الرئيس الامريكي جوبايدن نفسه.
لا يمكن ان تُقدِم “داعش” على فعل يمكن ان يقطع عنها الشريان الذي يمدها بالمقاتلين وبعوائد النفط المسروق وبالاسلحة والعتاد والغطاء السياسي والاعلامي، وكل الامكانات التي جندتها سوريا للتكفيريين و “داعش” لاسقاط الحكومة السورية .
يبدو ان الاحزاب التركية ليست بالسذاجة التي يتصورها اردوغان وحزبه وفريقه الامني، فقد شهدت اسطنبول وبعض المناطق الكردية تظاهرات احتجاجية على تفجير سروج، واتهم المتظاهرون والاحزاب السياسية المعارضة، حكومة اردوغان بانها وراء هذا التفجير من اجل ضرب اكثر من عصفور بحجر واحد .
ومن العصافير التي يحاول اردوغان اصطيادها بحجر “داعش”، والتي مازالت عصية على الاصطياد حتى هذه اللحظة، رغم كل المحاولات المستميتة التي بذلها اردوغان خلال السنوات الاربع الماضية:

- اظهار “داعش” على انها تشكل تهديدا لتركيا كما باقي البلدان الاخرى، بعد الاتهامات الامريكية والغربية العلنية لاردوغان بدعمه ل”داعش”.
- ايجاد مبررات للتدخل في الشأن السوري.
- محاولة لاقناع امريكا بالتدخل التركي في سوريا وفرض “منطقة آمنة” شمال سوريا، لمنع “داعش” من “التمدد في تركيا”.
- توفير الارضية امام تركيا للتدخل مباشرة لصالح الجماعات التكفيرية لاسيما في حلب، التي كانت ومازالت ضمن دائرة الاطماع التركية، تحت غطاء محاربتها.
- محاولة ترهيب الشعب التركي من “داعش”، في حال وصلت الاحزاب القومية واليسارية والعلمانية الى السلطة.
- ضرب كل تطلع كردي تركي لاقامة حكم ذاتي في تركيا.
- حشر الاكراد بين مطرقة “داعش” وسندان الجيش التركي.
- اشعار اكراد تركيا ان لتعاطفهم مع اكراد سوريا ثمنا يجب ان يدفعوه.

هذه كانت بعض العصافير التي يحاول اردوغان اصطيادها بحجر “داعش”، وقد لمح رئيس الوزراء التركي احمد داود اوغلو الى هذا الامر بقوله: ” اجتمعنا مع المسؤولين الأمنيين، وخططنا للخطوات التي سنتخذها. والتدابير على الحدود مع سوريا ستستمر، وستزداد”.
تصريحات اوغلو هذه تأتي في الوقت نشرت السلطات التركية ومنذ فترة آلاف الجنود وعشرات الدبابات قرب الحدود مع سوريا، لذلك لا نعتقد ان التدابير التي اعلن عنها اوغلو ستكون نشر المزيد من الجنود والدبابات، بل ستتجاوز هذا الامر الى ما هو اخطر منه بكثير، ولكن نتمنى ان يقتنع اردوغان، قبل فوات الاوان، ان لعبته مع “داعش” ستفتح ابواب جهنم على تركيا.

* منيب السائح - شفقنا