مرشح رئاسة الجمهورية اللبنانية..

عون: ايران حققت انتصاران، الاكتفاء الذاتي والانفتاح

عون: ايران حققت انتصاران، الاكتفاء الذاتي والانفتاح
الأحد ٢٦ يوليو ٢٠١٥ - ١٠:١٦ بتوقيت غرينتش

أكد رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون ان الجمهورية الاسلامية في ايران كسبت خلال مفاوضاتها النووية امرين مهمين: الاكتفاء الذاتي في ظل الحصار، والانفتاح الذي سيسمح لها بالتطور وتحقيق مصالحها.

في مقابلة أجرتها معه وكالة الجمهورية الإسلامية للأنباء (إرنا) يجيب الرجل الثمانيني . بهدوء لافت وصوت منخفض واقتضاب.. مواقفه تعكس وضوحا في الرؤية وثباتا في المواقف.
البداية من الحدث الابرز الذي شغل المستويين الاعلامي والسياسي في لبنان كما العالم، الاتفاق النووي الإيراني. يرى العماد عون أن "إيران حققت شيئا مهما قبل الاتفاق. فالمدة الطويلة التي قضتها الجمهورية الإسلامية تحت الحصار ساهمت في تحقيق الاكتفاء الذاتي للشعب الإيراني. لقد اصبح لدى الإيرانيين القدرة على تلبية حاجاتهم كما استطاعوا تطوير الصناعة والعلوم وامور اخرى، اما بعد الاتفاق فإيران حصلت على الانفتاح على الاخرين وبذلك كسبت إيران امرين مهمين الاكتفاء الذاتي في ظل الحصار والانفتاح الذي سيسمح لها بالتطور وتحقيق مصالحها".
يبدي عون ارتياحا كبيرا لنتائج المفاوضات وردا على سؤال حول ما اذا كان انجاز إيران الإسلامية يخيفه كزعيم مسيحي مشرقي يجيب عون دون اي تردد: "هذا الانجاز لا يخيفني بل هو مصدر ارتياح بالنسبة لي. فالانجاز هو لدولة إسلامية لديها تفسير سلمي للتعاليم الإسلامية وهذا ما يطمئن الجميع. فالشعب الإيراني يحترم حرية المعتقد وحق الاختلاف مع الاخر ويحترم ويجسد قول الامام على (ع): الناس صنفان اخ لك في الدين ونظير لك في الخلق، فان لم نكن اخوة في الدين فنحن اخوة في الخلق".
ليس هذا فقط مصدر اعجاب عون بالطرف الإيراني هناك سبب اخر يتحدث عنه رئيس تكتل التغيير والاصلاح انه "التوازن بين المؤسسات الإيرانية ما يمنع احتكار السلطة من قبل اي طرف".
وعند سؤاله عن المقارنة بين إيران والسعودية مثلا يرفضون بشدة وجود امكانية للمقارنة ويقول مشددا "لا مقارنة ابدا هناك في إيران انتخابات رئاسية وبرلمانية وبلدية وهناك جدل سياسي ونقاشات بعكس ما هو موجود عند الاخرين".
يلفت عون ايضا إلى وجود ممثلين عن كل المكونات في البرلمان الإيراني ويقول "على الرغم من اني لم ازر إيران إلا مرة واحدة ولمدة قصيرة الا أن لدي معرفة عن أن لليهود ممثلين في البرلمان الإيراني وللارمن والاشوريين كذلك".
يبدي عون استعدادا ورغبة بزيارة إيران مرة اخرى للتعرف اكثر عليها ويقول ممازحا في سياق التعليق على الاقبال الغربي الكبير على زيارة إيران "قد تكون فرصة لي للقاء الاميركيين والاوروبيين هناك".

الايرانيون يتمتعون بالصبر والصلابة والليونة المشفوعة
بالعودة إلى الملف النووي يشير عون إلى مواصفات الدبلوماسية الإيرانية، "الصبر الذي يتمتع به الإيرانيون والصلابة لكن دون أن يتخلوا عن الليونة المشفوعة بالقوة وهذا ما ظهر بشكل واضح في اداء الدبلوماسية الإيرانية".
يتحدث عون بحماسة لافتة عن اداء وزير الخارجية الإيراني ويقول: "إن السيد ظريف كان بارعا في معالجة المشاكل مع اميركا وبدبلوماسية مميزة. لقد استطاع بادائه تخطي التراكمات السلبية الظالمة التي راكمها الغرب منذ انتصار الثورة واستطاع ببراعة لافتة أن يحل كل العقد التي كان من الممكن أن تؤدي إلى فشل المفاوضات".
يضيف عون إن "ظريف ما كان ليستطيع أن ينجح هو وفريقه لولا دعم السيد خامنئي ولولا اداء الرئيس حسن روحاني ومتابعاته الجيدة ودعمه المتواصل".
يشير عون ايضا إلى ما يسميه "ارادة الفريق الاخر بانجاز الاتفاق" ويوضح أن "الرئيس اوباما كانت ارادته ثابتة للوصول إلى ما وصلنا اليه لانه ورث حروبًا كثيرة وهو لا يريد أن يورث حربًا لغيره ممن يريد أن يستلم مكانه في البيت الابيض"
يتوقف رئيس تكتل التغيير والاصلاح ايضا عند ردود فعل الغاضبين والمعترضين على الاتفاق فيعتبر أن تخوف اي طرف يفترض أن يكون من "اخطاء ترتكب وليس من معاهدة تحمل بوادر سلام في الشرق الاوسط".
وينصح عون هؤلاء بـ"مراجعة مواقفهم وان يتوبوا لانهم قد اختاروا الجهة الخاطئة في الصراع". يرى أن هؤلاء "خسروا في المنطقة لكنهم يستطيعون التراجع عن خطيئتهم وسيجدون من يقبلهم في مجتمعاتهم، اما اذا اصروا على الخطأ والذهاب للأبعد في مواقفهم فاعتقد أن الخطأ الجديد سيكون جسيماً جداً".
الاتفاق بنظر عون هو صناعة مشتركة ومفيد للجميع ولذلك يوجه الدعوة إلى الدول العربية تحديدا للدخول في المسار السلمي لأن "بوادره ستكون مفيدة لكل الاطراف"، مشددًا على أنه لا يري موقفا إيرانيا معاديا تجاه الدول العربية
"فالجمهورية الإسلامية دولة موجودة بذاتها وضمن حدودها الجغرافية ولم تقم بممارسات معادية للقضايا العربية لا بل أن ايران هي الدولة الوحيدة التي لا زالت تساند وتدعم وتدافع عن القضية الفلسطينية التي تعتبر القضية العربية الاساسية".
وعن مدى احترام الاطراف للاتفاق يرى عون "ان الجميع وقع على الاتفاق مع إيران والجميع سيحترم توقيعه"، ويقول: "إيران عودتنا وعودت العالم على أن تلتزم وتحترم توقيعها.. الكل وقع ولا اعتراض عليه.. الكل يحتاج إلى أن يطور اقتصاده ولذلك كلهم قالوا سيأتون إلى إيران لعقد عقود تجارية وصناعية وتنموية، ووجود المصالح يعطي الشعور بالطمأنينة".
أما عن موقف الولايات المتحدة الاميركية فيقول عون أن "المواقف الحقيقية والنوايا ستظهر عند التصويت في الكونغرس".
وعن انعكاس الاتفاق على المنطقة يتوقع عون تأثيرات ايجابية فيقول "اعتقد اننا مقبلون على تسوية في سوريا لأن خطر الارهاب التكفيري وصل إلى المجتمع الاوروبي، لذلك اصبحوا ملزمين في مواجهة هذا الخطر في سوريا والعراق وايضاً في اليمن، لأنه غير مقبول ابدا لا بالقوانين الدولية ولا انسانيا أن تستمر هذه الحالة في اليمن، وغير مسموح استمرار هذا العدوان وهذا الحصار الذي يسبب المأساة لليمنيين".

الأميركيون يعتقدون أن لا أحد يواجه الإرهاب بجدية غير إيران وسوريا
تفاؤل عون له حدود. فردًا عن سؤال حول ما اذا كانت المنطقة ستتغير بعد الاتفاق يعتبر عون أن " لا شيء على الارض يشير إلى ذلك، فالتغيير يحتاج إلى اساليب جديدة في الحكم وتعاطي مختلف، وحتى الان لم يظهر هذا الامر جلياً" ويستشهد عون بطريقة التعاطي مع الارهاب الذي بدأ يخرج عن السيطرة الا أن كثيرين يتنصلون منه مع انهم يغذونه بالسلاح والمقاتلين وامور أخرى".
وعن دور إيران بمواجهة الارهاب التكفيري يتحدث عون عن أن الجميع في اوروبا واميركا يلمس اهمية الدور الإيراني على هذا الصعيد"، ويروي عون في هذا السياق حادثة عايشها على المستوى الشخصي يقول: "انا شخصيا سمعت هذا الامر من بعض الاميركيين الذين قالوا لي أن لا احد يقارب مواجهة الارهاب بالجدية اللازمة الا إيران وسوريا، هذا الكلام سمعته من سياسيين اميركيين".
عن نتائج الاتفاق على لبنان يؤكد عون أن هذا الاتفاق ستكون له تداعياته الايجابية على لبنان ولكنه يسجل خشيته من "من أن يلجأ المعترضون واليائسون من الاتفاق على القيام باعمال امنية سيئة لذلك يجب أن تكون عندنا صحوة وانتباه شديدين في هذه المرحلة".
يضيف إن "تحديد مستوي العلاقات وطبيعتها سيتم داخل الحكومة اللبنانية"، ويلفت إلى "انه لا موجب لعدم استئناف افضل العلاقات مع إيران طالما استعادت إيران علاقاتها مع العالم الغربي والعربي. ولبنان مرتبط بأوروبا والشرق الاوسط والدول العربية لذلك لماذا الاعتراض على استئناف العلاقات مع إيران؟؟ اللهم الا اذا كان هناك شيء مخفي لم تستطع الحكومة اللبنانية الخروج منه، وهذا سيظهر في الايام المقبلة اذا كان الحال كما نقول".
ويشدد الجنرال على ضرورة قيام علاقات طبيعية بين لبنان وكل دول الشرق الاوسط ماعدا "إسرائيل"، وهو يوجه "نصيحة للحكومة اللبنانية بأن تقبل الهبات العسكرية الإيرانية للجيش اللبناني وايضا العروض الإيرانية في قطاع بالكهرباء نظرا للاثر الكبير الذي يمكن أن تتركه هذه التقديمات على الوضع الاقتصادي اللبناني".
هذا في الاقتصاد ولكن ماذا عن المستوي السياسي، وعن امكانية انفراج بعض الملفات سياسيا؟ يجيب عون بان قناعته هي أن التأثر الايجابي وارد لكنه يسجل تخوفه من أن يحاول البعض القيام بإجراءات تشويشيه قد تكون امنية ويضيف "إن اليائس قد يلجأ لخيار الانتحار".

دعمنا للمقاومة خيار استراتيجي وثابت وليس موقفا موسميا
عند الغوص في الملفات الداخلية ترتفع نبرة الجنرال ميشال عون بشكل لافت.. نبدأ من ذكري حرب تموز التي نعيش هذه الايام ذكراها التاسعة.. يومها سجل عون موقفا تاريخيا داعما للمقاومة منذ اليوم الاول للحرب الاسرائيلية وحتى اللحظة الاخيرة. آمن الجنرال بالنصر منذ البداية واعتبر أن استهداف المقاومة هو استهداف للبنان كله.
يتذكر عون تلك الايام فيشير أن تقديره للوضع العسكري ونهاية هذا العدوان الذي كان "يختلف عن تقدير مجموعة كبيرة في الداخل اللبناني وحتى في الخارج. عندما قلنا أن المقاومة ستنتصر على "اسرائيل" اتهمنا بالتجديف.. كان هناك غضب كبير علىنا لقد اتهمونا بالهذيان والخرف.. لقد ضايقتني هذه الاتهامات كثيرا..".
يضيف الجنرال عون: "لكن كل هذه الاجواء لم تغير من موقفنا الداعم للمقاومة. هذا خيار استراتيجي وثابت وليس موقفا موسميا وحتى الان علاقتنا مع الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله وضد "اسرائيل" وضد الارهاب التكفيري هذه هي العلاقات الاستراتيجية. احيانا قد نختلف حول بعض الملفات الداخلية هذا امر طبيعي لكن في الاستراتيجية الاساس نؤكد على الوحدة الوطنية والتواصل مع الدول التي تشكل امتدادا طبيعيا وجغرافيا وبشريا لنا مثل سورية ولبنان والعراق وإيران. يجب أن نكون على تفاهم مع هذه الدول وعلى علاقة جيدة".
اما عن الثمن الذي دفعه نتيجة علاقته بالمقاومة يؤكد عون أن موقفه هذا "تاريخي فحزب الله يدافع عن كل اللبنانيين وما ربحته من حزب الله ربحه الكل.. حزب الله لم يكن يقاتل لمصلحته الشخصية والنصر الذي حققه في اشرف معركة خاضها لبنان ضد "اسرائيل" شكل ثمرة تقاسمها الذين هم معنا والذين هم ضدنا".
اما عن نغمة نزع سلاح المقاومة التي تتردد بين فترة وأخرى، وكان رئيس "القوات اللبنانية" سمير جعجع احد الذين تحدثوا عنها مؤخرا خلال زيارته إلى السعودية يعلق عون مشككا: "من يستطيع نزع السلاح فليجرب".
الكلام عن سمير جعجع لا يتوقف عند هذا الحد. الخصم اللدود منذ الحرب الاهلية شهدت العلاقة معه انفراجا لافتا خلال المرحلة الاخيرة ويتحضر الطرفان لاعلان ورقة مبادىء مشتركة. تخوف البعض من أن تؤثر زيارة جعجع الاخيرة سلبا على التقارب الذي طرأ بين "القوات" و"التيار الوطني الحر".
نسأل الجنرال ما اذا كان يعتبر أن زيارة جعجع إلى السعودية قد تؤثر سلبا على العلاقة الجديدة فيخفف من اهمية الموضوع ويضيف "لا اعتقد أن جعجع سيتراجع عن التفاهمات، بصراحة انا لا احدد وضعه وهو يستطيع أن يفعل ما يريد اننا لا نقيد له حريته".
ويتابع عون "ان الرياض لم تعد تتعاطى مع الاطراف اللبنانية من خلال تيار المستقبل. لقد كسرت الاحتكار السني وبدأت بتوزيع علاقاتها مع الكل"، ويؤكد عون عدم انزعاجه من هذه الزيارة "لأن وجودي وقواعدي وقوتي في لبنان وليس في الخارج الكل يعرف حدودي والعلاقة السياسية اعتبرها علاقة صداقة مع الآخرين وليست علاقات لنفوذ علينا، علاقة صداقة نقف مع اصدقائنا عندما يكونون مضغوطين او بحاجة الينا".
وعن الضجة المثارة في الداخل اللبناني حول مشاركة حزب الله في سوريا يشير عون إلى أن "هناك ١٥٠ دولة أرسلت وترسل مقاتلين من التكفيريين، فلا ضير بأن يكون هناك حزب من لبنان يقاتل إلى جانب السوريين ويدافع عن الناس.. المهم أن حزب الله ليس تكفيریًا.. هل هناك بلد في العالم لم يرسل تكفيريين إلى سوريا؟".
يؤكد الجنرال عون "حزب الله يدافع عن نفسه وعن لبنان وينظف الحدود اللبنانية.. وانا قلتها سابقاً في الاعلام لا يمكن للبعض أن يمتنع عن الدفاع عن لبنان وفي نفس الوقت يمنع الآخرين من القيام بواجبهم. خاصة أن التكفيريين مازالوا في جرود عرسال، وعرسال اصبحت قاعدة لهم".
ينتقد عون طريقة تعاطي الحكومة اللبنانية مع ملف الخطر التكفيري وقضية العسكريين المخطوفين خاصة بعد زيارة الاهالي للجنود المخطوفين في جرود عرسال ويعلق قائلا: "ان الفريق الحاكم في لبنان يريد أن يمارس الحرب بروح رياضية !! اما الزيارات فتثير السخرية لأنه ليس هناك شيء جدي".
يذهب قائد الجيش اللبناني الأسبق إلى حد توجيه الانتقاد لقيادة الجيش الحالية وتحديدا لسلوكها في ملف عرسال ومعركة 7 آب التي انتهت بخطف عدد من جنود المؤسسة العسكرية. ويقول "انا منذ ساعة الصفر لم أؤيد ما فعلته قيادة الجيش.. لقد اخطأوا بوقف اطلاق النار والقبول بالتفاوض مع المجموعات التكفيرية بوساطة جهات لم تكن صادقة لقد أدى هذا السلوك إلى خطف عسكريي الجيش اللبناني القضية تتطلب تحقيقا لكني اشك في حصوله في الظروف الراهنة".
كما البداية كذلك نهاية المقابلة بالاتفاٌق النووي. التطورات المتسارعة فرضت الامر.. اثناء المقابلة تورد وكالات الانباء خبر اقرار مجلس الامن الدولي رفع الحظر عن إيران.. يتوجه الجنرال بالتهنئة للشعب الإيراني والقيادة الإيرانية فيقول: "نتمنى للسيد الخامنئي العمر الطويل في قيادة الجمهورية الإسلامية والنجاح والتقدم ونتمنى، ان شاء الله، أن يكون هذا العمل الجبار الذي قامت به كل الهيئات الرسمية والحكومية لتحقيق الاتفاق النووي هو نتيجة ايجابية لتحقيق الخير والازدهار لإيران وايضاً للشعوب المجاورة التي يجب علىها الاستفادة من هذا السلام كما ونهنئ الشعب الإيراني على صموده خلال ٣٠ سنة الماضية أمام العالم كله وكل القوى وبالفعل صنع معجزات ساهمت في تقدم إيران وصنع مجدها".