التيارات الإسلامية وفداحة الخطأ في تشخيص العدو من الصديق

التيارات الإسلامية وفداحة الخطأ في تشخيص العدو من الصديق
الأحد ٢٣ أغسطس ٢٠١٥ - ٠٥:١٩ بتوقيت غرينتش

في خطابه الذي القاه في بعثة الحج الايرانية الى الديار المقدسة، يوم السبت 22 اب / اغسطس، وضع قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي الخامنئي اصبعه على اكبر جرح اصاب الجسد الاسلامي، وأوشك ان يأتي على الجسد كله، وهو جرح “الخطأ” في تشخيص العدو من الصديق الذي وقعت فيه بعض التيارات الاسلامية بالمنطقة.

ولفت سماحته في هذا الخطاب الى ان هذا “الخطأ” الذي أفشل تجربة بعض التيارات الاسلامية في الحكم، لم يقع فيه الشعب الايراني، الذي ادرك منذ البداية، ان اميركا والكيان الصهيوني هما العدو الحقيقي وليس بعض الدول التي انخدعت واصبحت اداة بيدهم.
واعتبر اية الله الخامنئي الشعارات ضد اميركا والصهيونية، التي يطلقها الشعب الايراني في جميع المناسبات الوطنية والاسلامية الكبرى، تأتي تاكيدا لادراكه العميق والثابت بان الاستكبار العالمي والكيان الصهيوني هما العدو الحقيقي واللدود للشعب الايراني والامة الاسلامية.
بوصلة تشخيص العدو من الصديق في التجربة الاسلامية في ايران، ظلت ثابتة رغم كل الحروب والضغوطات والتحديات التي واجهتها، فهي تشير الى الاستكبار العالمي والكيان الصهيوني باعتبارهما العدو الاول والاخير لها، حتى بعد تحريضهما الدول العربية ضد ايران، وخاصة ابان الحرب الظالمة التي فرضها النظام الصدامي على الثورة الاسلامية، فلم تنظر ايران قط الى هذه الدول على انها عدو، بينما بوصلة تشخيص العدو من الصديق في تجربة التيارات الاسلامية الاخرى في الحكم، فكانت متذبذبة، بل في اغلب الاحيان كانت تشير الى محور المقاومة، الذي يضم ايران وسوريا وحزب الله، على انهم “عدو”، مستخدمة ابشع العبارات في القاموس الطائفي، لوصف هذا “العدو الوهمي”.
هذا “الخطأ” الفادح في عدم القدرة في تحديد العدو من الصديق، دفع هذه التيارات الاسلامية الى ان تتماهى في بعض الاحيان، مع الجماعات التكفيرية، التي لاعدو لها سوى “الشيعة الروافض، والفرس المجوس، والنصيريين المشركين و..”، وتجلى هذا التماهي بابشع صورة في سوريا ولبنان والعراق واليمن، بينما لا أثرا ل”اسرائيل”، ولا لداعميها وفي مقدمتهم امريكا، في خطابات هذه الجماعات.
لسنا هنا في وارد تحديد الاسباب التي ادت الى وقوع هذه التيارات الاسلامية التي حكمت في مصر وتونس، واليوم تحكم في تركيا وبعض البلدان العربية والاسلامية، في هذا “الخطأ”، فهذا موضوع يطول وذو شجون، ولكن هذا “الخطأ” الحق اضرارا بالغة بتاريخ ومستقبل هذه التيارات، فمن الصعب على الانسان المسلم ان يتقبل فكرة:
- ان اعداء “اسرائيل” وامريكا في المنطقة، وفي مقدمتهم محور المقاومة، هم “اعداء السنة” ايضا.
- او ان تتقاطع مصلحة “التنظيمات التي ترفع راية الاسلام”، في سوريا وغيرها مع مصلحة “اسرائيل”، العدو الاول للامتين العربية والاسلامية.
- او ان يحذف “اسرائيل” وكل جرائمها ضد العرب والمسلمين، من وجدانه، وينظر اليها كصديق، ويفرض في مقابل ذلك الجمهورية الاسلامية في ايران على هذا الوجدان كعدو.
- او ان يضع حزب الله، القوة التي اذلت “اسرائيل” ومرغت انفها بالتراب، في كفة واحدة مع جماعات تكفيرية، هدفها الاول والاخير، التفنن في قتل المسلمين وتشويه دينهم وتدمير حضارتهم، بينما يتلقى عناصرها العلاج في مستشفيات “اسرائيل”.
في ذات الخطاب وبعد اشارته الى تداعيات “الخطأ” الذي وقعت فيه بعض التيارات الاسلامية في المنطقة، يرى سماحة السيد الخامنئي في “الوحدة” بانها انجع دواء لجراح المسلمين، معتبرا النزاعات الداخلية في بعض الدول العربية، بذرائع مذهبية وسياسية وحتى حزبية، بانها نكران لنعمة الوحدة، مذكرا ان الباري تعالى لا يحابي احدا من الشعوب واذا لم يعرف شعب ما قدر الوحدة والتعاضد فان الله يبتليه بالخلافات والنزاعات.
رغم كل مؤامرات القوى الدولية الظالمة ضد ايران، الا ان قائد الثورة الاسلامية، لا يرى في هذه المؤامرات استهدافا للشيعة او ايران، بل هي استهداف للقران والاسلام بالدرجة الاولى، لان الاعداء يدركون بان الصحوة الاسلامية تنبع من القرآن والاسلام.
هذه الاشارات الدقيقة في خطاب السيد الخامنئي، الى ما يجري من حولنا، تمنح الانسان المسلم الشعور بالتفاؤل وبقدرة المسلمين على افشال المخطط الصهيوامريكي الرامي لتفتيت بلدانهم وشرذمتهم، عبر اشعال نيران الفتن الطائفية، لكن شريطة الا يبقى هذا الخطاب يتيما، وان يتم مؤازرته بخطابات، تنطلق من دول عربية واسلامية، تكون بذات العمق والمسؤولية.

* ماجد حاتمی - شفقنا