مؤكدا على هدف أميركا والكيان الصهيوني في تقسيم المنطقة وإذكاء الطائفية..

طاهر المصري:"داعش" تخدم الأهداف الإسرائيلية والأميركية

طاهر المصري:
الأربعاء ٢٦ أغسطس ٢٠١٥ - ٠١:٣٢ بتوقيت غرينتش

اعتبر السياسي الأردني البارز، طاهر المصري، أن تراجع الدعم الأممي للاجئين الفلسطينيين في الأردن، يعد مؤشراً على ذهاب المجتمع الدولي نحو تصفية القضية الفلسطينية، عبر “توطين” هؤلاء اللاجئين.

وفي حوار مع الأناضول، قال المصري إن ملف القدس سيضع بلاده بين مطرقة وصايتها على المقدسات هناك، وسندان السلام الاقتصادي الذي يتجلى عبر المشاريع الأردنية الكبرى المشتركة مع الكيان الإسرائيلي.

ووصف رئيس الوزراء الأردني الأسبق، العلاقات بين المملكة والسلطة الفلسطينية بـ”الفاترة”، متوقعا أن تؤدي بعض المخططات الإسرائيلية الاستراتيجية، والتحولات الطارئة في المنطقة، لإرجاء عملية السلام إلى أجل غير مسمى.

وفي الملف السوري، يرى المصري – الذي شغل سابقاً منصبي رئيس مجلس الأعيان (الغرفة الثانية للبرلمان)، ووزير الخارجية،  أن خيار إقامة منطقة عازلة على الحدود السورية مازال مطروحاً، في ظل عدم التوصل إلى حل سياسي للأزمة هناك.

وفي الشأن الداخلي، اعتبر أن الراية ذات اللون القرمزي التي سلمها العاهل الأردني مؤخراً لقيادة الجيش، ليس لها أية دلالات سياسية توسعية، وهي ذات صلة بولاية العهد، دون أن يشرح طبيعة هذه الصلة، منتقداً ما وصفه بالعقلية النمطية في إدارة العمل العام ببلاده (سياسيا واقتصاديا واجتماعيا)، والتي يتسم بها قادة تقليديون (لم يسمهم)، أتت بهم الوظيفة الحكومية وليست القواعد الشعبية.

وقال المصري: أخشى أن يكون هناك توجه دولي يعتبر اللاجئين الفلسطينيين الذين في غزة والضفة الغربية هم فعلياً على أرضهم ويمثلون 43% من مجموع أعداد اللاجئين، وأن يُنظر إلى اللاجئين الفلسطينيين في الأردن على أنهم مواطنون يحملون الجنسية الأردنية، بالتالي فإنه قد يأتي يوم يتفاوض فيه الغرب على عودة أعداد محدودة من هؤلاء في سوريا ولبنان فقط، وتوطين البقية.

 أما عن المخاوف من ذهاب الفلسطينيين منفردين نحو حلول للقضية، فلا أظن أن ذلك وارد، لأنه لايوجد أساساً حلول، فالتسوية بعيدة المنال، وعملية السلام، عملياً، جرى إغلاق ملفها إلى أجل غير مسمى، ضمن حالة الابتزاز الإسرائيلي المتوقعة لأميركا على مسار القضية الفلسطينية، كجزء من ثمن الاتفاق النووي مع إيران الذي تعارضه "إسرائيل"، إضافة إلى السياسة الإسرائيلية الهادفة إلى قضم المزيد من أراضي الضفة، وإلحاق المستوطنات ببلديات الاحتلال كمقدمة لإعادة فرض السيادة الإسرائيلية على مناطق واسعة في الضفة، والمباشرة بتنفيذ مخطط يهودية الدولة على الأرض، مستغلة في ذلك الاضطرابات التي تجري في المنطقة، والتي أدت إلى صرف الأنظار عن القضية الفلسطينية.

إن اسرائيل “التوراتية” تطمح إلى الاستيلاء على كامل التراب الفلسطيني، من خلال معتقداتها التي تدعي أن حدودها تتخطى الساحل، وتمضي نحو ممالك يهودية مزعومة في “يهودا والسامرا” كما يسمون (الضفة الغربية)، ورمز هذه المرحلة من الحلم الإسرائيلي الديني، الهيكل المزعوم.

ومن المتوقع، قبل نهاية العام، أن يقوم الكيان الإسرائيلي بفصل الحرم القدسي على غرار ما فعلته في الحرم الإبراهيمي، وأمام كل هذه التطورات لا يمكن أن يكون هناك عملية سلام، وستوضع القضية الفلسطينية ضمن الأولويات الأميركية المتدنية.

 وحول علاقة الاردن بالكيان الغاصب، قال المصري: أظن أن الأردن سيسعى لإحداث توازن بين وصايته على المقدسات الإسلامية والمسيحية في القدس، في ظل الانتهاكات الإسرائيلية المتكررة لها، وبين مشاريعه الاقتصادية الكبرى مع الكيان الاسرائيلي. فمع أن الأردن لن يلزم الصمت إزاء أية تطورات ضمن ملف القدس، وسيقود حراكاً دبلوماسياً مكثفاً من خلال المجتمع الدولي ومجلس الأمن، لكنه في الآن ذاته لن يعطل أية مشاريع اقتصادية حيوية له مع "اسرائيل" كمشاريع الغاز والمياه والمناطق الحرة وغيرها.

 وحول سوريا، قال: لا أدعي أنني مطل على حلول وشيكة للأزمة السورية، لكن على ما يبدو أن ثمة مواقف جديدة انبثقت عن تحالفات أبصرت النور مؤخراً في المنطقة، وقد يكون لها أثر في إحداث التغيير، وستكون تركيا لاعباً فيها، خاصة بعد أن تأثرت هي الأخرى بالتداعيات السلبية لما يجري على هذه الساحة الملتهبة.
أما بالنسبة لتدفق اللاجئين السوريين إلى الأردن فقد توقف نسبياً، بعد أن أصبح عدد اللاجئين كبيراً جداً، وهذه إحدى الملامات التي تُثار في وجه الحكومة الحالية، حين أشرعت الحدود دون تخطيط استراتيجي لمستقبل هذه الأزمة التي قد يطول حلها.

وبالنسبة للأوراق التي يملكها الأردن، فأظن أن المنطقة العازلة على الحدود السورية باتت موضوعة على الطاولة بقوة، في ظل عدم التوصل إلى حل سياسي للأزمة هناك.

وبشأن من صنع "داعش" قال: أنا لا أعلم تماماً من صنع هذه المجموعات أو المنظمات، لكنها وتنظيم داعش على رأسها، بالتأكيد هي الآن في خدمة الأهداف الإسرائيلية والأميركية، وهناك غموض شديد يكتنف ظهور هذه التنظيمات وتقدمها المتسارع، عبر آلاف المدربين عسكرياً، ويقودون الدبابات، ويخططون استراتيجياً، ولديهم كل مستلزمات الجيوش الحديثة ما عدا سلاح الجو، ويحتفظون بمناطق تحت سيطرتهم داخل العراق وسوريا، فمن يمولهم، ومن يأمن لهم خطوط الإمداد والتموين والسلاح والرواتب؟.

هذا التنظيم وُجد لخدمة مشروع إعادة تقسيم المنطقة، وإشعال الحروب والفتن الطائفية والفوضى، كما أنه يصرف أنظار الشارع العربي والمجتمع الدولي عن القضية الفلسطينية، وعن ما تقوم به إسرائيل على الأرض من فرض حلول أحادية الجانب.

وأردف يقول: هنا أضرب مثالاً استنتاجياً، في (أنغولا) كان ثمة حرب أهلية، وكان الحكم فيها اشتراكياً، ولديها كميات من النفط، فانطلق الغرب عبر جنوب أفريقيا لإضعاف هذه الحكومة، واستعان الأنغوليون بالكوبيين لحمايتهم وحماية النفط الذي كانت تهاجمه منظمات مدعومة أميركياً وتستخرجه شركات أميركية ويدفع الجانب الأميركي أيضاً المال للكوبيين لقاء توفير الحماية لمنابع النفط.

 ورد المصري على سؤال يقول بان تسليم العاهل الأردني مؤخراً راية قرمزية لقيادة الجيش، أثار العديد من التكهنات والشائعات، لدرجة أن البعض اعتبرها إيذاناً بتوجه البلاد نحو التوسع الجغرافي.. فقال: لا أعتقد أن هذا صحيحا، لأن الراية ليس لها أية أبعاد سياسية خارجية، وإنما لها علاقه بولاية العهد فقط، وأعتقد أن الأردن، وخاصة الملك عبدلله، لا يفكر بهذا التوسع على الطريقة المطروحة في أذهان البعض.

الأردن يدرك نتائج الإقدام على خطوة من هذا النوع، لاسيما في ظل واقع المنطقة، ومخاوف تقسيم سوريا، وقضايا الإثنيات، و"المخاوف" الخليجية من إيران وتذبذب الموقف الأمريكي حيالها، بل قد يعتقد البعض في ذات الإطار المتعلق بإطلاق الشائعات والتكهنات أن هذا التوسع المزعوم سيكون على حساب تسوية القضية الفلسطينية.