التحالف الستيني.. التحديات والمهام

التحالف الستيني.. التحديات والمهام
الثلاثاء ٠٨ ديسمبر ٢٠١٥ - ١٠:١٦ بتوقيت غرينتش

بمئات الطائرات الحربية الحديثة والتجسسية وانواع الصواريخ المتطورة وبمتابعة الأقمار الاصطناعية الدقيقة. بدأت الولايات المتحدة في تحالف مع ستين دولة ( وهو الاوسع في التاريخ)، بدأت حربها على الارهاب (حسب زعمها) في التاسع عشر من سبتمبر من العام الماضي 2014 في العراق، وتلاها بعد ثلاثة ايام من نفس العام في سوريا ...

نفذت خلالها وحسب ما هو معلن 20000 عملية جوية ضد داعش، قالت انها دمرت من خلالها10684 هدفا في كل من سوريا والعراق، وبعد مضي حوالي عام ونصف العام لم تثمر عنها نتائج مؤثرة على الارض، ضد المجموعات الارهابية المنتشرة مابين سوريا والعراق بما يقارب مساحة بريطانيا ... بل العكس تماما حيث كانت لها تداعيات سلبية من كل الجوانب، ومنها تدميرالبنىى التحتية لهذين البلدين وذلك حسب وسائل إعلام أمريكية والتي أكدت ان قصف طائرات التحالف ومن ضمنها خمس دول عربية، استهدف المنشآت النفطية ومخازن الحبوب ومحطات الكهرباء وزاد من نقص المواد الغذائية ورفع أسعار السلع الاستهلاكية لدى المواطنين وبذلك زادت من معاناة الشعبين العراقي والسوري، ووفرت الدولار للدواعش واخواتها .
وفي كل هذه الاجواء والتعقيدات يتحدث الرئيس الامريكي عن محاربة داعش بأنها المهمة الاساسية، وان الفشل في الرمادي وسقوطها كانت مجرد انتكاسة تكتيكية... بينما لم يوضح لحد الان لماذا لازالت النتائج عكسية، وكلها تصب في مصلحة الارهاب ... فاذا تقهقرت داعش من بعض الاماكن في سوريا او العراق هنالك من مهد لها الطريق وأمن لها السبيل للخروج الى ليبيا والظهور في حضرموت واليمن والوصول الى باريس وامريكا ...
والجواب واضح وضوح الشمس، المال والجغرافيا والتوجه المذهبي .. والثلاثة تتجسد في سياسات تركيا والسعودية وتلك القرية الصغيرة التي تدعى قطر.... لكن ماذا نفعل حين يكون حاميها حراميها كما يقال ... وفيهم الخصام وهم الخصم والحكم .
فتركيا التي هي ضمن التحالف، وتقول انها سخرت مطار انجرليك للعمليات الجوية الغربية ضد داعش، كما تدعي .. تتحدث عن الدفاع عن السنة في الموصل واربيل وتدريب الميليشيات الكردية والحشد الشعبي فيها ..بينما ابتزت التحالف الى درجة منحها السكوت مقابل قصف حزب العمال الكردستاني والقرى الكردية السنية، وهم شريحة من الدولة التركية، على الرغم من تناسي هذا الواقع من قبل اكثر وسائل الاعلام عمدا .. وهي تستهدف الكرد السنة في كوباني وتحاصرهم، وهم يقاتلون داعش في سوريا.. وتعلن خوفها نفاقا من حكومة كردية بجوارها على الارض السورية ... وتشتري النفط وتقدم المساعدات والتدريب للحكومة الكردية في شمال العراق المحاذي لحدودها ايضا ... ثم تسقط الطائرة الروسية التي تقصف داعش بحجة الدفاع عن التركمان لانهم شريحة من الشعب السوري وهم معارضون للنظام السوري وليسوا ارهابيين، حسب زعمها ... وتركيا هذه هي ضمن التحالف ضد الارهاب وخاصة داعش، ولا تسعى لقصف مقراته في الموصل (كما تقصف مقرات حزب العمال الكردستاني) ... المجاورة لمعسكر بعشيقة التي ارسلت لها الدبابات والمدرعات تحت مسمى تدريب السنة ..
وليس من احد يسأل كيف تمكنت تركيا من تحرير افراد قنصليتها من مخالب داعش في الموصل ومن كان الوسيط .. وذلك بعد عام من احتجازهم .. ومن اين لداعش كل هذه الصهاريج التي تحمل النفط اليها باسعار شبه مجانية .. وكيف تصل اليها كل هذه الذخيرة ... ولماذا تفجرت غضبا حين استهدفت روسيا الصهاريج المحملة بنفط الشعب السوري ( موال كان او معارض)
بينما تبارك القصف البريطاني للبنى التحتية لحقول النفط السوريه ... ومن مهزلة القدر ان يخرج وزير خارجيتها مولود تشاووش أوغلو الاثنين ليقول: أن السياسات الطائفية لإيران خطيرة على المنطقة .
اما السعودية المنتمية للتحالف الستيني ايضا، فحدث ولا حرج .. فهي تلعن ما تسميه بالتدخل الايراني في العراق وسوريا واليمن. وهي لم تفتح حتى سفارة لها في العراق طيلة السنين التي تلت سقوط صدام والتي ساعدت خلالها امريكا في احتلال العراق وتدميره بالكامل، بدأ من الجيش وانتهاءا بكل البنى التحتية وتمويل القاعدة والدواعش تحت مسمى الدفاع عن السنه .. واما في سوريا فموقفها واضح من خلال دعمها واحتضانها لنوع المعارضة على الارض السورية ...
واما اليمن فهي تراجيديا تاريخية .. ووصمة عار على جبين كل العرب الذين اشترت السعودية سكوتهم وصمتهم بثمن بخس، ودولارات ملطخة بالدم .
فالتحالف الذي أسسته السعودية بمباركة الجامعة العبرية، عفوا العربية، بدل ان يتجه نحو ليبيا لضرب الارهاب واعادة الامن لبلد دمره المال السعودي في الاساس .. او على اقل تقدير لحماية التمدد الارهابي من ليبيا نحو مصر الحليفة لها .. توجه نحو اليمن بكبش الفداء هادي وبحجة التدخل الايراني .. ولا ندري لماذا كل القتلى سعوديون واماراتيون وسودانيون والخ .... ولم نسمع بسقوط عشرة ايرانيين في كل هذا القصف الغاشم ... ترى هل تقصف السعودية قواتها لتثبت مظلوميتها؟ ثم تتحدث في حربها ضد داعش ودعمها الكامل للتحالف الستيني .. وهي لاترمي ولو بنواة تمرة على الارهابيين في حضرموت وعدن، علها تجرح هامة احدهم ..
واخيرا جمعت ماتسميهم بالمعارضة السورية لتوحيد الصف .. لكنها تحفظت على دعوة الاكراد الى المؤتمر المزعوم، بحجة ضبابية انتمائهم.
تناقظات تفضي كلها الى تفسير واحد، ان مهام التحالف الستيني هو على النقيض من التحديات التي تأسس من اجلها هذا التحالف، الى درجة اعلنت الصحيفة الألمانية "دير تاغس شبيغل" بالامس، أن الحفاظ على وحدة سوريا أمر غير ممكن بسبب الاختلاف الكبير في مصالح الأطراف المعنية. واثارغضب السيناتور الجمهوري جون ماكين حتى قال: إن 75 % من الغارات الجوية تعود فيها الطائرات إلى قواعدها دون أن تلقي حمولتها من القنابل والصواريخ بسبب عدم القدرة على تحديد الأهداف.
وخير وصف للتحالف في واقعه الحالي هو في المثل الايراني القائل: إن فلان رفيق القافلة وشريك اللصوص.

• رائد دباب