الدعاية "الداعشية": مشاهد بالغة الوحشية لمواجهة "الملل"

الدعاية
الأحد ١٣ ديسمبر ٢٠١٥ - ٠٧:٤٠ بتوقيت غرينتش

تلجأ جماعة "داعش" الإرهابية إلى اتباع ممارسات أكثر وحشية تروج لها عبر آلته الدعائية، كلما تزايدت الضغوط العسكرية على مقاتليها، وذلك في محاولة لتصدر عناوين الصحف ونشرات الأخبار حول العالم.

وجاء في "السفير" أنه ومنذ إعلانها "الخلافة الإسلامية" على مناطق سيطرتها في سوريا والعراق في حزيران العام 2014، ذاع الصيت السيئ للجماعة على خلفية العقوبات المروعة التي كانت تنفذها للاقتصاص من كل من يخالفها الرأي أو من يشك بانتماءاتها.
واستفادت الجماعة المتطرفة من مواقع التواصل الاجتماعي، لتعمم مقاطع "فيديو" توثق عمليات إعدام جماعية وقطع رؤوس، وهي جرائم صنفتها الأمم المتحدة بـ"جرائم ضد الإنسانية". وتمكنت الجماعة من تصدر واجهة الاهتمام العالمي بشكل خاص بعد نشرها مقاطع فيديو باللغة الانكليزية تُظهر اعدامها بطريقة مروعة لعدد من الرهائن الغربيين.
وتحدث الرئيس الأميركي باراك أوباما الشهر الماضي، عن مقاتلي الجماعة لا بوصفهم "عقولاً مدبرة"، وانما "حفنة من القتلة مع شبكة تواصل جيدة".
ولجذب اهتمام اعلامي أكبر، تلجأ الجماعة بشكل متزايد إلى أساليب قتل مرعبة وغير مسبوقة.
وتقول الاستاذة المحاضرة في جامعة ولاية جورجيا ميا بلوم، لوكالة "فرانس برس": "يلجأ التنظيم إلى التصعيد لأنه يعتقد أن الناس تشعر بالملل وتحتاج أو تريد أن تبقى على اطلاع".
ولعل أكثر أساليب القتل المروعة التي استخدمتها جماعة داعش، هي إطلاق القذائف على الرهائن أو ربطهم إلى أعمدة ثم تفجيرها ،على غرار ما فعلت في مدينة تدمر الأثرية وسط سوريا والتي تسيطر عليها منذ أيار.
وفي شريط "فيديو" من العراق نشرته أخيراً، استعاضت الجماعة عن نشر صور الرهائن قبل قطع رؤوسهم وبعدها، لتنشر لقطات مروعة توثق عملية الإعدام بأكملها.
وأعلنت الجماعة الشهر الماضي مسؤوليتها عن اعتداءات عدة خارج سوريا والعراق، أبرزها اعتداءات باريس المتزامنة، والتي أوقعت 130 قتيلاً بالإضافة إلى إسقاط طائرة الركاب الروسية في مصر، ما تسبب بمقتل 224 شخصاً.
وتوضح بلوم أن "هذه المشاهد العنيفة تجذب نماذج أشخاص يودون أن يعيشوا على أرض الواقع لعبة (كول أوف ديوتي)، أشخاص لديهم ماض عنيف ويريدون إعادة اختراع انفسهم"، في إشارة إلى لعبة "فيديو" ذائعة الصيت تعتمد التصويب ويجد فيها اللاعب الوحيد نفسه وسط حرب ضارية.

وحشية "غير مسبوقة"

وفي سيناريو شبيه بلعبة "فيديو"، نشرت جماعة "داعش" مطلع الشهر الحالي، شريط فيديو يظهر جنوداً أطفالاً وهم يتسللون بين أنقاض قلعة للعثور على مجموعة من الرهائن وقتلهم.
وتوظف الجماعة استخدامها الاطفال في عمليات خطرة في حملتها الدعائية، نظراً لوقع الصدمة الذي تتركه لدى المتلقين.
وتقول بلوم "ينتقل الأطفال من كونهم مشاهدين للعنف على هامش عمليات التنظيم، إلى مشاركين بفاعلية وملتزمين بالكامل في مقاطع مصورة"، مشددة على أن ذلك "غير مسبوق".
ويقول المحلل تشارلي وينتر، المواكب لنشاطات "الجهاديين" عبر الإنترنت، لوكالة "فرانس برس"، إن جماعة "داعش" تستخدم "العنف المفرط" للتأثير في مناصريها ولترويع خصومها والأهم لـ"نشر رسالته حول العالم".
ويوضح أن الحملة الدعائية للجماعة تمزج بين صور العنف من جهة وبين تصوير "الخلافة" بوصفها طوباوية إسلامية.
ويشير الى أن المشاهد التي تتضمن أساليب قتل مبتكرة تترك وبشكل خاص لدى المتحمسين للجماعة على مواقع التواصل الاجتماعي "تأثيراً كبيراً".
وإذا كانت مشاهد قطع الرؤوس وإطلاق النار تعد "نادرة" العام الماضي، ما يفسر حجم ردود الفعل تجاهها، فإن أي حادثة جديدة اليوم لم تعد تثير الاستياء العالمي ذاته.
ويوضح وينتر "في الأشهر القليلة الماضية، واصل تنظيم داعش استكشاف أساليب جديدة أاكثر انحرافاً، كقتل الأشخاص عبر ربطهم بسيارات رباعية الدفع وسحلهم حتى الموت، وإغراقهم وإحراقهم وعلى هذا المنوال".
ويضيف "عمم التنظيم عملية قطع الرؤوس إلى درجة لم تعد تصدم الناس".

تراجع إصدارات التنظيم

وربما تعكس الوحشية المتزايدة في الحملة الدعائية للجماعة الضغط العسكري المتزايد الذي تواجهه في سوريا والعراق من جهة، ورغبتها من جهة ثانية بتقديم صورتها كصاحب قوة وتأثير، على الرغم من تباطؤ إصداراتها.
ويقول المحلل آرون زيلين، في تعليق للمركز الدولي لدراسة التطرف والعنف السياسي، إن إصدارات الجماعة تراجعت في الأشهر الأخيرة مع تكبد الجماعة خسائر عسكرية عدة.
وبلغت إصدارات الجماعة المتطرفة ذروتها خلال الصيف مع تحقيق الجماعة تقدماً ميدانياً في مدينة تدمر الأثرية في وسط سوريا ومدينة الرمادي في غرب العراق.
ويشير زيلين إلى أن نتاج الجماعة المتعلق بسوريا بلغ ذورته مع 3762 إصداراً خلال ثلاثة أشهر من حزيران، حتى آب، لكنها انخفضت إلى 2750 إصداراً في الأشهر الثلاثة اللاحقة، تزامناً مع بدء روسيا حملة جوية مساندة للحكومة السورية.
ويرجّح زيلين أن يكون هذا التراجع مرتبطاً أيضاً بمقتل عدد من أبرز ناشطي التنظيم الإعلاميين، وبينهم جنيد حسين، ومحمد إموازي، اللذين قتلا تباعاً جراء غارات للائتلاف الدولي بقيادة واشنطن في شهري آب وتشرين الثاني.
وكان حسين يعد من وجوه التنظيم البارزة على موقع "تويتر"، في حين أن إموازي المعروف بلقب "الجهادي جون" أو "سفاح تنظيم داعش"، ظهر في تسجيلات فيديو عدة خلال إعدام عدد من الرهائن الغربيين وبينهم صحافيون وعاملون في المجال الإنساني.
ويتزامن هذا التراجع أيضاً مع نكسات عدة للجماعة التي فقدت سيطرتها في العراق على مدينة بيجي في تشرين الاول، وكذلك على مدينة سنجار الشهر الماضي، بالإضافة إلى تمكن فصائل عربية وكردية من طردها من الريف الجنوبي للحسكة، شمال شرقي سوريا، بمؤازرة غارات الائتلاف الدولي.