إسدال الستار على مسرحية "أردوغان ومناهضته لإسرائيل"

إسدال الستار على مسرحية
الأحد ٢٠ ديسمبر ٢٠١٥ - ٠٧:٠٤ بتوقيت غرينتش

لم يتفاجأ المراقبون لاداء الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وحكومته، حكومة العدالة والتنمية، التي يقودها الاخوان المسلمون في تركيا، بعودة العلاقات التقليدية الحميمة بين تركيا و (اسرائيل) لمعرفتهم بحقيقة شخصية اردوغان والتنظيم الدولي الذي ينتمي اليه.

هؤلاء المراقبون لم ينخدعوا، كما انخدع الكثير من البسطاء، بالمواقف الاستعراضية للرئيس اردوغان من (اسرائيل) ورئيس هذا الكيان حينها شمعون بيريز، خاصة على خلفية العدوان الصهيوني على غزة، والهجوم على سفينة مرمرة التركية واستشهاد عدد من المواطنين الاتراك الذين كانوا على متنها، يحاولون كسر الحصار عن غزة، وانتهى الحادث بسحب السفير التركي من تل ابيب، ووضع اردوغان لشروط عديدة لعودة العلاقات في مقدمتها رفع الحصار عن غزة والاعتذار من تركيا، حيث تم تسويق هذه المواقف من قبل الاعلام الطائفي و "الاخواني" على حد سواء، على انها انتصارات كبرى حقهها السلطان العثماني على (اسرائيل)..
كان واضحا حينها ان الرئيس التركي كان بحاجة الى تلك المواقف الاستعراضية من اجل ايجاد شعبية له بين الشعوب العربية والاسلامية، لتكون هذه الشعبية رصيدا له ولحزبه، يستخدمه عندما تكتمل الخطة الامريكية الصهيونية لتقسيم المنطقة، اعتمادا على بذور الصراع الطائفي المرير الذي زرعه اردوغان والنظامان القبليان في السعودية وقطر في المنطقة وخاصة في سوريا والعراق، بدعم امريكي صهيوني واضح وفاضح.
كان واضحا منذ البداية ان القطيعة التي وقعت بين تركيا و(اسرائيل)، لم تكن قطيعة حقيقية بل كانت بمثابة ذر الرماد في العيون، فكل الذي حدث ان تركيا سحبت سفيرها من تل ابيب دون ان تمس العلاقات الامنية والعسكرية والاقتصادية والمعاهدات الاستراتيجية التي تربطها بالكيان الصهيوني، وقد بان هذا التنسيق واتضح من خلال التحالف غير المقدس بين الثلاثي الطائفي البغيض السعودية وقطر وتركيا وبين الكيان الصهيوني في سوريا، فلولا هذا الرباعي المشؤوم، لما كانت "داعش" تتمكن من ايجاد موطأ قدم لها في سوريا او تتمدد في المنطقة.
يبدو ان رياح المنطقة اليوم لم تعد تهب كما تشتهي سفن اردوغان، فهذه الرياح لم تاخذ معها الا اوراق التوت التي كان اردوغان يخفي وراءها عورته وعورة نظامة "الاخواني"، المتحالف حتى العظم مع الصهيونية العالمية، لذلك وبعد انكشاف حقيقة اردوغان وحزبه للشعب التركي والشعوب العربية والاسلامية، لم يجد اردوغان امامه سوى التذلل ل(اسرائيل)، الذي وجد فيها طوق نجاة له ولنظامه بعد تخبطه وغرقه في وحل اخطائه واحلامه المريضه للسيطرة على العالم الاسلامي عبر اشعال نيران الفتن الطائفية، فنراه يسارع الى ارسال مساعد وزير خارجيته فريدون سينيرلي أوغلو الى سويسرا للقاء رئيس مجلس الأمن القومي الاسرائيلي ورئيس جهاز "الموساد" الإسرائيلي يوسي كوهين، لتمهيد الارضية لاعادة العلاقات الكاملة مع عدو العرب والمسلمين، وتنازل بذلك عن كل شروطة الاستعراضية السابقة، حيث نصت مذكرة التفاهم بين الجانبين على: إعادة سفيري البلدين إلى أنقرة وتل أبيب، وموافقة تركيا على إلغاء الدعاوى القضائية بحق جنود وضباط الجيش "الإسرائيلي"، على خلفية الاعتداء على سفينة مرمرة، بالإضافة إلى موافقة (إسرائيل) على تأسيس صندوق خيري!! لمتضرري سفينة مرمرة، إلى جانب استعداد تركيا لمنع “الأنشطة الإرهابيّة” (حماس) ضد (اسرائيل) انطلاقًا من أراضيها، وأيضًا موافقتها على مرور أنبوب الغاز "الإسرائيلي" عبر أراضيها، ومنع القيادي في حركة "حماس"، صلاح العاروري، من الدخول والإقامة في تركيا!!!
هذا الموقف المخزي والعار الذي وقفه الرئيس "الاخواني" التركي لاعادة العلاقات مع (اسرائيل)، وقفه من قبل رفيق دربه الرئيس المصري "الاخواني" محمد مرسي، عندما كتب رسالته العار والمخزية للسفاح شمعون بيريز، واصفا اياه ب"الصديق الوفي"، وهي الرسالة التي تبرأ منها مرسي ومن معه، وكذلك مناصريه ومحازبيه من امثال كبيرهم القرضاوي، وانكروها، ولكن رغم مرور ثلاثة سنوات على تلك الرسالة سننقلها بالكامل، لكي يتعرف القارىء على حقيقة هؤلاء القادة الذين يدعون الاسلام ويرفعون رايته كذبا وزورا، ولكي نؤكد ان الاجيال لا يجب ان تنسى هؤلاء المنافقين الذين دمروا البلدان وشردوا الشعوب، بنفاقهم وعمالتهم، واستخدامهم الدين كوسيلة لتحقيق اغراضهم الرخيصة، والتي تصب بمجملها لصالح الصهيونية والغرب.
وهذه نص الرسالة التي بعثها مرسي لبيريز:
"محمد مرسي رئيس الجمهورية،
صاحب الفخامة السيد شيمون بيريز رئيس دولة (إسرائيل)،
عزيزي وصديقي العظيم
لما لي من شديد الرغبة في أن أطور علاقات المحبة التي تربط لحسن الحظ بلدينا، قد اخترت السيد السفير عاطف محمد سالم سيد الأهل، ليكون سفيراً فوق العادة، ومفوضاً من قبلي لدى فخامتكم، وإن ما خبرته من إخلاصه وهمته، وما رأيته من مقدرته في المناصب العليا التي تقلدها، مما يجعل لي وطيد الرجاء في أن يكون النجاح نصيبه في تأدية المهمة التي عهدت إليه فيها.
ولاعتمادي على غيرته، وعلى ما سيبذل من صادق الجهد، ليكون أهل لعطف فخامتكم وحسن تقديرها، أرجو من فخامتكم أن تتفضلوا فتحوطوه بتأييدكم، وتولوه رعايتكم، وتتلقوا منه بالقبول وتمام الثقة، ما يبلغه إليكم من جانبي، لاسيما أن كان لي الشرف بأن أعرب لفخامتكم عما أتمناه لشخصكم من السعادة، ولبلادكم من الرغد.
صديقكم الوفي،
محمد مرسي
تحريراً بقصر الجمهورية بالقاهرة
في 29 شعبان 1433
19 يوليو 2012"
هذه الرسالة المخزية، لم يتجرأ حتى السادات ومبارك ان يستخدما عباراتها في مخاطبة زعماء العصابات الصهيونية في (اسرائيل)، الا ان مرسي ارسلها دون ادنى حياء او خجل، مرسي الذي مازالت قطر والرجعية العربية تطبل ليل نهار، له ولحزبه، وتشيد بمواقفه "الاسلامية والوطنية المشرفة"، بينما حال مرسي كحال اردوغان، كان يتصور ان بتملقه ل(اسرائيل) سيضمن حكم مصر لعقود، الا انه فاته كما فات اردوغان، ان حبل الكذب قصير، وان العنتريات والشعارات لم تعد تنطلي على الشعوب، في ظل ثورة المعلومات، ف"السلطان اردوغان"، ظهر على حقيقته، ممثل بارع اجاد دور المناهض ل(اسرائيل)، لارباك المشهد العربي والاسلامي، الا ان هذا الدور انتهى اليوم، واسدلت (اسرائيل) الستار على مسرحية "اردوغان ومناهضته للصهيونية"، فعاد اليوم كما كان موظف بسيط لدى الصهيونية العالمية.

* جمال كامل - شفقنا