طبول السياسة والعسكر تقرع على أسوار الموصل

طبول السياسة والعسكر تقرع على أسوار الموصل
الثلاثاء ٢٣ فبراير ٢٠١٦ - ٠٩:٤٣ بتوقيت غرينتش

على الرغم من الجدل الكبير الذي يدور بين أكثر من طرف له علاقة بموضوع الموصل، بشأن إمكانية البدء بمعركة التحرير، إلا أن التحضيرات تتواصل استعدادا للمعركة التي لا تبدو وشيكة.

الإشكالية الأكبر في هذا الموضوع تتمثل في تحديد الجهات التي ستشارك فعليا في هذه المعركة الخطيرة والمصيرية، وأهم ما يدور الجدل حوله هو مشاركة «الحشد الشعبي».

ففيما يصر «الحشد الشعبي» على ضرورة مشاركته وانه لا يمكن لمعركة الموصل أن تتم من دونه، تلمح الولايات المتحدة إلى عدم مشاركته، في محاولة للضغط على السلطات العراقية، وكذلك يحمل آل النجيفي ومن معهم الرغبة نفسها.

قضية الموصل تبقى شائكة ومعقدة، وربما سيساهم هذا التعقيد، في تأخير إطلاق المعركة.

«السفير» تحاول الوقوف على الحقائق، وتتلمس ما يدور في الكواليس حول الاستعدادات لتحرير الموصل.

وقال النائب عن محافظة الموصل حنين قدو، لـ«السفير»، إن «عملية تحرير الموصل لن تتجاوز عقبة التوافق السياسي، على اعتبار أن هناك صفقات يحاول البعض فرضها على الحكومة العراقية، وخاصة ما يتعلق بموضوع عدم مشاركة الحشد الشعبي في عملية تحرير محافظة نينوى».

ويرى قدو أن «الكتل السياسية لا تزال بعيدة عن الوصول إلى اتفاق، أو طبخة وطنية، لتحرير المحافظة، من أجل إتاحة المجال لكل العراقيين الشرفاء لينالوا شرف المشاركة في التحرير».

أما بخصوص الاستعدادات، فيؤكد قدو أن «الاستعدادات لا تزال في بدايتها، وعدد القوات الموجودة، والتي تحركت إلى منطقة مخمور قليلة جداً، بحيث لا يتجاوز العدد الأربعة آلاف عنصر، في حين أننا بحاجة إلى 50 ألف جندي لتحرير محافظة نينوى، والسيطرة على كل المحافظة وتطهير مدينة الموصل نهائيا».

أما عن دور «الحشد الشعبي»، فقال قدو إن «لدى الأميركيين رؤية خاصة في قضية تحرير الموصل، تتركز على عدم مشاركة الحشد الشعبي في تحرير محافظة نينوى، والذهاب إلى أن يكون للعشائر العربية، مع البشمركة الكردية، بالإضافة إلى مشاركة قوات أثيل النجيفي من أجل تحرير المحافظة».

من جانبه، أكد النائب عن «كتلة الأحرار»، المنضوية في «التحالف الوطني»، ماجد الغراوي أن «الاستعدادات جارية على قدم وساق من أجل تحرير هذه المدينة، حيث باشرت عمليات نينوى بعض الإجراءات التي من شأنها تعزيز وجودها العسكر».

وقال الغراوي، عضو لجنة الأمن والدفاع النيابية، لـ«السفير» إنه «تم نقل الكثير من القطعات إلى قضاء مخمور، خاصة بعد تحرير الكثير من المناطق والقصبات البعيدة من مركز محافظة الموصل في شمال نينوى»، مشيراً إلى أن «وزارتي الدفاع والداخلية قامتا بإنشاء مراكز للتدريب في معسكر سبايكر، وتهيئة الشرطة الاتحادية والشرطة المحلية، بالإضافة إلى ذلك تم إشراك أبناء العشائر الشرفاء من محافظة الموصل والحشد الوطني في دورات قتالية».

أما عن الكيفية التي سيتم بها تحرير المحافظة وهل ستشبه عمليات تحرير محافظة الانبار، حين تم تقسيم المحافظة إلى عدة محاور، قال الغراوي إن «قيادة العمليات المشتركة هي من تحدد الكيفية التي يتم بها تحرير الموصل، ومن المحتمل أن يكون للبشمركة دور في بعض المحاور، خاصة القريبة على سهل نينوى».

وبيّن الغراوي الصعوبات التي ستواجه القوات الأمنية في معركة تحرير الموصل، والمعضلة الكبيرة التي ستعيق الضربات الجوية وتقدم القطعات، و«هي وجود المدنيين داخل المدينة، وان "داعش" سيستخدمهم دروعاً بشرية في مراكز مهمة وفاعلة»، لكنه أشار إلى أن القوات الأمنية تملك خططاً بديلة لهذا الأمر، «فهي ستفتح منافذ كبيرة من أجل خروج المدنيين لتجنب إلحاق الضرر بهم من قبل تنظيم "داعش"، الذي يحاول منعهم من الخروج خارج المدينة، حتى يحتمي داخل المناطق السكنية».

وحول مشاركة «الحشد الشعبي» في تحرير محافظة نينوى، أوضح الغراوي أن «لجنة الأمن والدفاع النيابية تسعى لأن يكون الجيش العراقي هو من يحرر المدينة، حتى يكون له شأن كبير في المرحلة المقبلة، خصوصاً بعد تحقيقه الكثير من الانتصارات في قاطع عمليات الانبار ومناطق أخرى من صلاح الدين، ونسعى أيضاً إلى مشاركة العشائر من أهل نينوى. كذلك هناك توجه إلى عدم إشراك أي مقاتل أجنبي في معارك تحرير الموصل أو أي مدينة أخرى، لأننا لا نريد أي محتل أو تدخل خارجي».

المتحدث الرسمي باسم «الحشد الوطني» محمود السورجي أكد أن «هناك موافقة على مشاركة الحشد العشائري من أهل الموصل، حيث يتم استقبال أعداد كبيرة من عشائرنا الذين أبدوا استعدادهم للمشاركة في تحرير المحافظة. وهناك إمكانية بشرية هائلة لتحرير المحافظة، حيث يبلغ عديد الحشد الوطني 8200 مقاتل، ويصل عدد أبناء العشائر إلى 18 ألف مقاتل. وبالإضافة إلى ذلك، فإن البشمركة يقاتلون في سهل نينوى منذ أكثر من سنة، ولهذا سيكون لهم دور رئيس»، مشيراً إلى «وجود تنسيق بين قوات البشمركة وقوات عمليات نينوى وبقية القطاعات، بالتنسيق مع التحالف الدولي»، مضيفا أن «الحشد الوطني يتدرب منذ سنة، أما بقية العشائر فهي بالأساس متدربة على السلاح، وتبقى الأمور بيد القيادة العامة للقوات المسلحة».

وقال السورجي إن «الإدارة المحلية وضعت، منذ أكثر من سنة، جميع الخطط المدنية التي ترافق الخطط العسكرية لأجل عملية الإخلاء. وعملت على فتح الممرات الآمنة للمدنيين وإيوائهم، إضافة إلى تهيئة المستشفيات المتنقلة لهذه الخطة المدنية المتكاملة».

وتوقع السورجي أن «تكون عملية تحرير الموصل في غاية السهولة، خاصة إذا سيطرت القوات الأمنية على جنوب شرق الموصل وشرقها، لأنها ستقطع وقتها الإمدادات عن "داعش"، وسوف تكون هناك ثورة داخل المدينة من قبل أبناء المحافظة»، لكنه أكد أنه ليس هناك أي سقف زمني محدد للشروع بالتحرير.

وعن إمكانية مشاركة «الحشد الشعبي» في عملية تحرير الموصل، قال السورجي «هناك إمكانية بشرية هائلة من أبناء محافظة نينوى، وجميعهم يسعون للمشاركة في تحرير الموصل، حتى يكون لهم الدور الأساس، خاصة بعد اتهام أهل نينوى بأنهم هم من أدخلوا "داعش" إلى المحافظة»، مضيفا «إذا ما عجزت هذه القوات عن تحرير المحافظة فلن نتردد في طلب المساعدة من أي جهة، والقائد العام للقوات المسلحة هو من سيقرر هذا الأمر».

وكان رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي قد أكد أن قوات «الحشد الشعبي» ستشارك في العمليات العسكرية المرتقبة لتحرير مدينة الموصل من سيطرة تنظيم «داعش» الإرهابي..

وقال العبادي، خلال جلسة في مجلس النواب من أجل مناقشة الواقع الاقتصادي والتعديل الوزاري المرتقب، إن «الحشد الشعبي سيشارك في عمليات تحرير الموصل»، محذراً من محاولات «الإیقاع» بین «الحشد الشعبي» والدولة. وفیما أشار إلى وجود جهات تحاول إیقاف «الإصلاح»، أبدى رفضه استخدام المقاتلین لـ «أغراض سیاسية».

واعتبرت کتلة «بدر» النیابیة أن مشارکة «الحشد الشعبي» في تحریر الموصل «ستقضي على آمال من یزرع بذور الفتن»، معتبرة أن «النصر محسوم» في معرکة الموصل بوجود «الحشد».

یذکر أن رئیس ائتلاف «متحدون» أسامة النجیفي كان قد اعتبر، في تصريح 8 شباط الحالي، أن «طبیعة معرکة الموصل لا تحتاج لمشارکة الحشد الشعبي لمنع استغلال "داعش" الورقة الطائفیة»، مشيراً إلى أن «هذه المعرکة تستوجب تعزيزات کبیرة، أهمها زیادة عدد وتجهیزات الحشد الوطني ليكون لهم الدور الأساس في التحریر والإمساك بالأرض»

*سعاد الراشد / السفير

114-2