في يوم الإنتخابات.. أصابع الإيرانيين ترسم المستقبل

في يوم الإنتخابات.. أصابع الإيرانيين ترسم المستقبل
الجمعة ٢٦ فبراير ٢٠١٦ - ٠٦:٤٨ بتوقيت غرينتش

في الوقت الذي تكافح شعوب المنطقة “داعش” والقاعدة والجماعات التكفيرية، وفي الوقت الذي اصبحت للحكومات الاستبدادية والقبلية الصوت الاعلى في سياسات المنطقة، وفي الوقت الذي تضرب الفوضى والصراعات الدموية العديد من بلدان المنطقة، يتوجه الشعب الايراني اليوم الجمعة ومنذ الساعات الصباح الباكر للادلاء باصواتهم لانتخاب اعضاء مجلس الشورى الاسلامي في دورته العاشرة، واعضاء مجلس خبراء القيادة في دورته الخامسة.

عملية التصويت التي تبدأ من الساعة الثامنة صباحا ستنتهي عند الساعة السادسة مساء في جميع المراكز الانتخابية في ايران، اي ستستمر 10 ساعات على الأقل، وهناك إمكانية لتمديد مهلة التصويت في الدوائر الانتخابية اذا اقتضت الحاجة، ويحق ل 54,915,027 ايرانيا التصويت لتجديد المقاعد ال290 في مجلس الشورى وال88 في مجلس الخبراء المكلف النظر في تعيين او عزل قائد الثورة الاسلامية، من بين 4844 مرشحا، بينهم 586 امرأة، لمجلس الشوری، و من بين 166 مرشحا لمجلس خبراء القيادة، ويتعين على الناخبين اختیار 30 مرشحا لمجلس الشورى و16 مرشحا لمجلس الخبراء في العاصمة طهران.
توقع وزير الداخلية الايراني عبدالرضا رحماني فضلي، مشاركة بنسبة 70 بالمائة في انتخابات مجلس الشورى الاسلامي ومجلس خبراء القيادة، مستندا في ذلك على استطلاعات الراي التي اجريت في مختلف مناطق البلاد والتی اشارت الى احتمال مشاركة تتراوح بين 65 الى 75 بالمائة من الناخبين في انتخابات مجلس خبراء القيادة ومجلس الشورى الاسلامي.
الملفت انه وفي الوقت الذي تشن امريكا وبريطانيا و”اسرائيل” عبر اعلامها حرباً نفسية ضد الشعب الايراني، وفي الوقت الذي تشن الحكومات العربية الرجعية، التي لا دور لشعوبها في الحياة السياسية والاقتصادية، هجمات اعلامية شرسة على الانتخابات الايرانية، ممنية النفس بتثبيط عزم الشعب الايراني في الانتخاب، تؤكد معلومات وزارة الداخية الايرانية على ارتفاع عدد المرشحين للانتخابات الحالية بنسبة 120 بالمئة، مقارنة بالانتخابات السابقة.
في طهران التي يبلغ عدد الناخبين الذين يحق لهم المشاركة في الانتخابات، نحو 8 ملايين و500 الف ناخب، تم تخصيص 6 الاف و138 مركز اقتراع للدوائر الانتخابية الخاصة بالعاصمة، كما تم تخصيص 35 مركز اقتراع للاقليات الدينية في الدائرة الانتخابية لمدينة طهران، فهناك 13 مرشحا عن الاقليات الدينية سيتنافسون في الدورة العاشرة من الانتخابات النيابية.
الديمقراطية الايرانية، المعروفة بالداخل الايراني ب”السيادة الشعبية الدينية”، هي نسخة من الديمقراطية الخاصة بنكهة ايرانية، مستمدة من مبادىء الاسلام الحنيف ومن الثقافة الايرانية الشرقية، التي يمكن ان تكون نموذجا يحتذى للشعوب الاسلامية الاخرى، لمشاطرة الشعوب العربية والاسلامية الاخرى للشعب الايراني في هذا الاواصر، وهذا النموذج الايراني الباهر في دمج بين الاسلامية والجمهورية، جعل من الشعب الايراني صاحب الكلمة الفصل في كل شؤون البلاد، فعلى اصوات هذا الشعب تُقام كل مؤسسات الجمهورية الاسلامية في ايران بدء من القيادة ومرورا بمجلسي خبراء القيادة وصيانة الدستور وانتهاء بمجلس الشورى الاسلامي.
اقتراب النموذج الايراني في الديمقراطية من ثقافة الشعوب العربية والاسلامية، هو الذي يبرر كل هذا العداء الغربي الصهيوني والعربي الرجعي لايران، والذي يتصاعد مع كل انتخابات تشهدها ايران منذ انتصار الثورة وحتى اليوم، فلم يعد تنطلي على شعوب المنطقة، ما تبثه وسائل الاعلام التابعة لهذا التحالف غير المقدس عن ايران وخاصة الانتخابات الايرانية، فهذه الشعوب ترى بأم عينها، كيف تنتقل السلطة في ايران بشكل سلس، بين الاحزاب والشخصيات السياسية الايرانية، وهي سلطات (حكومات) تنتقل من “يمينية” الى “اصلاحية” الى “معتدلة”، وفقا لرؤية الاعلام المعادي لايران، وهو اعتراف ضمني، من قبل هذا التحالف غير المقدس، بوجود ديمقراطية ايرانية تسمح في تشكيل حكومات تمتد على هذه المساحة الكبيرة من المشارب السياسية.
اليوم يضع الايرانيون اصابعهم في الحبر الازرق مرة اخرى، لرسم مستقبل بلادهم، في ظل نظام اسلامي جمهوري، اعاد الثقة للشعب الايراني بنفسه، فانتقل بالبلاد، من بلد تابع لا يملك ناصية قراره، الى بلد يقارع اكبر قوى الارض، دون ان يتسلل الضعف الى ارادته، فلم تجد هذه القوى الا الرضوخ لهذه الارادة، فجنحت للحوار مضطرة، فاوضتهم ايران مفاوضة الانداد، فانتزعت حقوقها بالمنطق والحكمة، فقدمت درسا للشعوب العربية والاسلامية، مفاده ان الاصابع الملونة بحبر الانتخابات تصنع المعجزات.

* فيروز بغدادي – شفقنا

205