تفجير لبنان يخدم "اسرائيل"

تفجير لبنان يخدم
الجمعة ٠٤ مارس ٢٠١٦ - ٠٧:٠٠ بتوقيت غرينتش

یرى بعض المراقبین ان تطورات الاوضاع الاقلیمیة المرتبطة بلبنان، تشیر الى ان هناک جهات اقلیمیة عقدت العزم على تفجیر الاوضاع فی لبنان، على خلفیة التطورات المیدانیة فی سوریا والعراق، والتی رجحت کفة الحکومتین السوریة والعراقیة، وعلى خلفیة الطریق المسدود الذی وصلت الیه الحرب المفروضة على الشعب الیمنی.

ما دفع هؤلاء المحللین الى تبنی هذه الرؤیة، هی الاجرءات التی تتخذ وبشکل تصاعدی ضد لبنان بدء من وقف الهبة السعودیة للجیش اللبنانی ومنع المواطنیین الخلیجیین من السفر الى لبنان، ومرورا بالهجمة الاعلامیة الشرسة ضد حزب الله وشخص الامین العام لحزب الله سماحة السید حسن نصرالله وانتهاء بالبیان الذی اصدره الأمین العام لمجلس التعاون الخلیجی عبد اللطیف بن راشد الزیانی، والذی اعلن فیه أن المجلس قرر ب”الاجماع” اعتبار حزب الله “منظمة إرهابیة”.

الامر الذی زاد من وقع بیان الزیانی، کان الخبر الذی نقلته قناة تلفزیونیة ترکیة، قبل یوم واحد من ذلک البیان، مفاده ان “قوات خفر السواحل الیونانیة أوقفت سفینة محمّلة بالأسلحة قبالة سواحل جزیرة کریت على متنها 6 حاویات، منها 2 مملوءتان بالأسلحة والذخیرة، کانت متجهة من ترکیا إلى لبنان .. وأن السلطات الیونانیة احتجزت طاقم السفینة وهم 11 شخصاً، هم ستة سوریین وأربعة هنود ولبنانی الامر الذی أعاد إلى الأذهان باخرة «لطف الله» الترکیة الى الاذهان، التی ضبطها الجیش اللبنانی عام 2012، وتبیّن أنها کانت محمّلة بعشرات الأطنان من الأسلحة المهرّبة من لیبیا إلى لبنان عبر مرفأ طرابلس.

یبدو ان الانظمة الخلیجیة لن تکتفی بما اتخذته من اجراءات ضد حزب الله، وهناک مؤشرات قویة للدفع بتفجیر الاوضاع فی لبنان عبر اخراج مئات الالاف من اللبنانیین العاملین فی الدول الخلیجیة، بهدف ممارسة الضغوط على حزب الله وتحمیله مسؤولیة ما یجری، وکذلک دفع الجامعة العربیة، بعد هیمنة هذه الانظمة على القرار العربی، الى اتخاذ مواقف مماثلة، وهو ما حدث بالفعل فبعد ساعات فقط على القرار الخلیجی وصف بیان لوزراء الداخلیة العرب حزب الله ب”الارهابی”، وهو وصف رفضه لبنان والعراق.

نهاد المشنوق وزیر الداخلیة اللبنانی، اعترض على هذا الوصف وذلک «صوناً لما تبقى من مؤسسات دستوریة فی البلد»، وجاء هذا الاعتراض بعد مناقشة بینه وبین رئیس الدورة وزیر داخلیة البحرین، الشیخ راشد بن عبدالله. وتدخل وزیر الداخلیة السعودی ولی العهد، محمد بن نایف، وطلب تسجیل هذا الموقف فی محضر الجلسة.

من جهة أخرى، قال وزیر الداخلیة العراقی، محمد الغبان، بعد انسحابه من جلسة مغلقة، «نحن هنا لمناقشة خطط مشترکة للتصدی للإرهاب، ووضع استراتیجیات عمل وتنسیق الجهود، لا لإصدار بیانات سیاسیة لخدمة أطراف سیاسیة معینة»، رافضا تصنیف حزب الله «جماعة إرهابیة» لأنه موضوع خلافی یفجر مزیداً من المشاکل فی المنطقة العربیة، قائلاً إنّ مکان البلاغات السیاسیة لیس مؤتمر وزراء الداخلیة العرب.

قرار اعتبار حزب الله “منظمة ارهابیة” سیوقع المحسوبین على الانظمة الخلیجیة فی لبنان فی تناقض فاحش، فالحزب مکون کبیر وهام ومؤثر فی الحکومة والحیاة السیاسیة فی لبنان، ولا یمکن ان تقوم قائمة للحکومة ولا للحیاة السیاسیة فی لبنان دون حزب الله، وهذا تناقض ما اسرع ان وقع فیه رئیس «تیار المستقبل» فی لبنان النائب سعد الحریری، عندما أید قرار الدول الخلیجیة باعتبار حزب الله منظمة إرهابیة من جهة، وأکد أنه سیستمر فی مواصلة الحوار الثنائی القائم بین تیاره وحزب الله من جهة ثانیة، کما استند الحریری لتبریر الموقف الخلیجی، بموقف الإدارة الأمیرکیة التی صنفت حزب الله علی أنه «منظمة إرهابیة» علی خلفیة مقاومته للاحتلال الصهیونی فی جنوب لبنان وموقفه من القضیة الفلسطینیة، عندما قال: إن ‘تصنیف الحزب علی أنه «إرهاب» لیس بجدید.. فأمیرکا تصنّفه منذ زمن علی أنه «إرهاب»، فبدا الحریری مؤیدًا التصنیف الأمیرکی فی الموقف من المقاومة، هذه المواقف الغریبة العجیبة، تکثت اکثر عندما اصر الحریری على انه مازال یؤید انتخاب رئیس «تیار المردة» النائب سلیمان فرنجیة (أحد حلفاء حزب الله) رئیسًا للجمهوریة، رغم أن النائب فرنجیة أعلن أنه لن یشارک فی جلسة انتخاب الرئیس إلا بالتنسیق مع حلفائه فی قوی «8 آذار».

ان من الخطا اعتبار القرار الخلیجی یستهدف حزب الله او حاضنته فقط، بل یستهدف لبنان بکل طوائفه، فلبنان محکوم بالتوافق ولن یکون بالامکان تجاهل او اقصاء ای مکون من مکوناته مهما کان صغیرا، فهذا التجاهل والاقصاء یعنی تفجیر لبنان بجمیع مکوناته، لذا یمکن تصور مدى فداحة المشهد اللبنانی اذا ما تم اقصاء مکون ضخم وضخم جدا مثل حزب الله، الذی اذل “اسرائیل” ومرغ انفها بالتراب، عندها سیتأکد للجمیع مدى خطورة القرار الخلیجی على لبنان والمنطقة برمتها، وسیتأکد ایضا بأن لا مصلحة لاحد بتفجیر لبنان، الا اذا استثنینا “اسرائیل”، لذا نرى ان کل هذه المحاولات غایتها اسکات حزب الله ومنعه من قول الحق فی القضایا العربیة والاسلامیة العادلة وفی مقدمتها القضیة الفلسطینیة وقضیة الشعب الیمنی المظلوم، ولکنها غایة لا یمکن ان تحققها الجهات التی تقف وراء القرار الخلیجی فی جمیع الاحوال، حتى لو استخدمت الى جانبها الضغوط الاقتصادیة، والاسلحة المهربة والفتن الطائفیة المتنقلة.

* ناصر ابو فخری ـ شفقنا

2-210