مجلس التعاون ... حقيقة العروبة وواقع الاعراب

مجلس التعاون ... حقيقة العروبة وواقع الاعراب
الثلاثاء ٠٨ مارس ٢٠١٦ - ٠٣:٤١ بتوقيت غرينتش

حق من قال إن التاريخ يُعيد نفسه ، فبينما كان العرب قبل الاسلام صناع حلف الفضول، نصرة للمظلوم ، كان هنالك من الاعراب بعد الاسلام من حاصروا المسلمين العرب في شعب ابي طالب.

وبعد خمسة عشر قرنا لازال الاعراب هم انفسهم لم يتغير منهم سوى شماغ بروجيه، ويبدو ان العقلية لم تبتعد عن البداوة شبرا واحدا .. ومن يظن ان الوهابية والتكفير هي وليدة اليوم فهو مخطئ . اذ يكفي ان نعود بالتاريخ قليلا ، ففي عام 1221 هـ ،  استولى الوهابيون على المدينة المنورة وهدموا القباب التي فيها كما تفعل داعش اليوم، ومنها قبة أئمة البقيع بالمدينة ، واخذوا جميع ذخائر الحجرة النبوية وجواهرها.. وعطلوا الحج ثلاث سنين . وفي عام 1225 هـ هجم عبد الله بن سعود الوهابي على بلاد حوران في الشام فنهب الأموال وأحرق الغلال وقتل الأنفس البريئة وسبى النساء وقتل الأطفال وهدم المنازل .... وها هم اليوم يعيدون الكرة مرة اخري .. فبينما قام الدواعش بتفجير مرقد عبد الله بن عاصم بن عمر بن الخطاب في منطقة مخمور جنوب شرق الموصل ، وهو ليس من الروافض كما يدعون ... تقوم السعودية وعلى غرار الجاهلية الاولي بمحاصرة اليمن برا وبحرا وجوا الى جانب قصف المقامات الدينية .. فقد قامت السعودية باربعة عشر غارة استهدفت قبر حسين بدر الدين الحوثي مما أدى إلى تدميره نهائيًا.

واذا كانت السعودية اليوم تابعة للغرب واميركا والصهاينة في المنطقة ، فان حكام مجلس التعاون مجبرون على ان يتبعوها ..فالتجربة اثبتت ان من يرفض سياسات الرياض عليه ان يواجه تدفق الدواعش على ارضه . وهذا هو بالضبط ماجعل بريطانيا ان تسلم ارض الحجاز الى الوهابيين وخيانة الشريف حسين .

هذه هي السياسة التي اعتمدتها السعودية في العراق وسوريا واليمن واخرها وليس اخيرها لبنان .. وهو المساهمة في تسليط الانظمة الديكتاتورية على رقاب الشعوب العربية ، حفاظا على ديكتاتوريتهم ... وتجويع هذه الشعوب قدر المستطاع حتى لاتتمكن من النهوض ضد الواقع المرير .. مع صرف الملايين من الدولارات لنشر الفكر التكفيري الوهابي ، ليس بدافع الدين بل بدافع تفريغ الاوطان العربية وعلى رأسها السعودية من المعارضة .. وهذا ما حصل في دفعهم الى افغانستان تحت ذريعة قتال الروس الكفرة بينما كان الكيان الصهيوني ولايزال يستبيح الارض والعرض العربي في فلسطين ويدنس الاقصي في كل يوم ... فكل من شائت الظروف ووقع في فخ الفكر الوهابي ، بدل ان يجدوا له عملا يرتزق مكن خلاله بالحلال ، قدموا له السلاح ليقتل الاخرين من المسلمين او يقتل ... وهذه الفكرة استخدمها الرومان في القضاء على اي تمرد من خلال استخدامهم كمقاتلين للوحوش او ابناء جلدتهم تحت مسمي الغليدياتور .. فالهدف تصفية الانسان فكريا ومن ثم جسديا في مواجهة المعارضين والمخالفين لتمرير السياسات التي لاتخدم سوى الاباطرة من حكام العرب والصهيونية العالمية.

ولايجب ان نردد اليوم مقولة الغرب في كم الافواه بمقولة اعتماد نزرية المؤامرة ، فلا تجد من يربط الاحداث كما هي،  إلا ووصموه بانه مصاب بفوبيا المؤامرة ...
فليس من الصدفة ان نجد سعد بن عبد العزيز الحريري (الذي يقيم خارج لبنان اساسا وهذه هي المرة الثالثة التي يزوره فيها منذ خروجه من الحكم في العام 2011 ) وبعد وصوله من السعودية الى بلده الثاني لبنان في الرابع من عشر من فبراير( ذكرى اغتيال الرئيس الحريري) ، يهاجم وبشكل مفاجئ حزب الله وايران ويتحدث بالاجماع العربي ويقول " "نحن عرب ولن نسمح لأحدٍ بجرّ لبنان إلى خانة العداء للسعودية وأشقائه العرب، ولن يكون لبنان تحت أي ظرف من الظروف ولاية إيرانية".. وليس بالصدفة ان يجمع سعد بن عبد العزيز الحريري سياسيين وأصحاب ثروات، ليطالبوا اللبنانيين بالتوقيع على عريضة تناشد الملك السعودي "احتضان" لبنان. الى درجة ان بعض الموقّعين وعلى رأسهم السنيورة ،ـ خفض رأسه كثيراً ليصل إلى حيث يريد كتابة اسمه ... اذلالا للكرامة اللبنانية .

وليس من الصدفة ايضا ان يتبع ذلك باقل من عشرين يوم ، توقيف خفر السواحل اليونانية سفينة كانت تحمل ست حاويات، منها حاويتين مملوئتين بالأسلحة والذخيرة والمتفجرات حملت من مدينة "ميرسين" بجنوبي تركيا ومتوجهة إلى لبنان... ثم يلي ذلك مباشرة قرار دول مجلس التعاون اعتبار حزب الله بكافة قادتها وفصائلها والتنظيمات التابعة لها والمنبثقة عنها "منظمة ارهابية".  وهذا يعني ان كل فصائل المقاومة الفلسطينية ذات العلاقة بحزب الله هي ارهابية ايضا .. ومن ثم قطع الهبة السعودية للجيش اللبناني .. كل ذلك تحت ذرائع واهية لايرضها العقل ... فلو كانت مواقف حزب الله هي السبب من وراء قطع الاسلحة عن الجيش فكان من الاولى باميركا ان تفعل ذلك قبل وقت طويل وتوقف مساعداتها عن الجيش اللبناني، لان الشعار الذي يعتمده حزب الله منذ اليوم الاول هو الموت لاميركا ، ولااتمضي مناسبة الا ونرى كوادر حزب الله تدوس العلم الاميركي .... فماذا كانت السعودية لتفعل بلبنان اذا رمى احد اللبنانيين الملك سلمان بحذاء كما حصل مع جورج بوش الابن في العراق ؟

انه حقد الاعراب وفكر البداوة التي لم تتحرر من قوقعتها رغم شماغ بروجيه الفرنسي.

ولرب ضارة نافعة كما يقال . ذلك لان هذه الامور سوف ترفع اللثام عن واقع  حكومات البترول . ونفاق السعودية الذي بات لايخفى على احد .. فبينما تستضيف السعودية قاتل الشعب التونسي زين العابدين بن علي وتحضنه بعفوها .. تسعى لتخرج من هذا الاحراج لتعلن انها تقدم  هبة عسكرية لتونس بمنحها 48 طائرة من طراز اف 5 تحت مسمى دعم جهودها العسكرية ومساعدتها على مكافحة الإرهاب خاصة. وهي طائرات صممت في الخمسينات ودخلت خط الإنتاج في بداية الستينات ، اي قبل ستين عاما وباتت لاتستخدم اليوم ولا تصنع لها قطع غيار ايضا.

وعلى اية حال علينا ان نسأل ، لماذا لم تسحب السعودية هذه الهبة من التونسيين بعد موقفهم المشرف من حزب الله ، هل تظن السعودية ان تونس مكب لنفاياتها ؟ وهل من الصدفة ان يظهر الدواعش على حين غرة ليهاجموا مدينة بن قردان ...

هنا علينا ان نحذر الحكومة الجزائرية من غضب السعودية القادم على خلفية موقفها المشرف من حزب الله ونقول : دفع الله ما كان اعظم.

بقلم رائد دباب  

106