لماذا "يطبع" اردوغان العلاقات مع تل ابيب وليس موسكو؟..

لماذا
السبت ٠٩ أبريل ٢٠١٦ - ٠٥:٥١ بتوقيت غرينتش

كتبت صحيفة "راي اليوم" في افتتاحيتها على موقعها الاكلتروني ان وزارة الخارجية التركية اكدت في بيان رسمي مساء امس تحقيق “تقدم” و”تقارب” بين تركيا والكيان الاسرائيلي، والاتفاق بين الطرفين على الاسراع في وضع “اللمسات الاخيرة” على اتفاق لتطبيع علاقاتهما “الباردة” منذ عام 2010، وبالتحديد منذ الهجوم الذي نفذته قوات الاحتلال ضد سفينة “مرمرة”، ومقتل عشرة ناشطين كانوا على ظهرها في اطار مهمتهم لانهاء الحصار التجويعي على قطاع غزة.

ويستعرض الكاتب مسار المفاوضات التي بدأت في انقرة، وانتقلت الى جنيف، واختتاميتها في لندن قبل يومين، بمشاركة نائب وزير الخارجية التركي فريدون سيرينلي اوغلو، ممثلا لحكومته، وجوزيف سيهانوفر ممثلا عن رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو ويضيف: الرئيس التركي رجب طيب اردوغان ربط تطبيع العلاقات بثلاثة شروط: اولها، اعتذار اسرائيلي واضح عن الجريمة، وثانيها، تقديم تعويضات لاسر القتلى، وثالثها، رفع الحصار المفروض على قطاع غزة، ملمحا الى تصريح رئيس الوزراء التركي احمد داوود اوغلو الذي ادعى ان "اسرائيل" تجاوبت مع الشروط الثلاثة، وان التوقيع على الاتفاق النهائي ربما يتم في الجولة المقبلة والاخيرة من المفاوضات.

وبحسب الافتتاحية فان هناك امران ملفتان للنظر: الاول، ان التسريبات حول هذه اللقاءات وفحواها تأتي في الغالب من الجانب التركي وليس الاسرائيلي، والثاني، ان تفاصيل هذا الاتفاق وبنوده ما زالت “سرية”، ولكن اطالة امد المفاوضات يوحي بوجود “عقبات” لا بد من تذليلها.

ويرى الكاتب ان الشرطين الاولين من الشروط التركية، وهما مسألتا الاعتذار، والتعويض لا يمكن ان يشكلا صعوبة، فنتنياهو اعتذر، او بالاحرى، عبر عن اسفه عن الجريمة في مكالمة هاتفية اجراها مع اردوغان بطلب وحضور الرئيس الاميركي باراك اوباما، وبادر الرئيس التركي بالاتصال هاتفيا بنظيره الاسرائيلي روفين ريفيلين قبل اسبوعين معزيا بمقتل خمسة اسرائيليين في تفجير اسطنبول الاخير الذي اعلنت تركيا ان “داعش” تقف خلفه، وعبرت الحكومة الاسرائيلية اكثر من مرة عن استعدادها لدفع تعويضات مالية لاسر القتلى. لكن المشكلة تكمن في الشرط الثالث، وهو رفع الحصار المفروض على قطاع غزة، فـ"اسرائيل" كانت تعارض بشدة هذه الخطوة، ورفضت معظم، ان لم يكن كل المقترحات التركية للتوصل الى حل يخفف الحصار منذ عشر سنوات تقريبا، ومن الاغلاقات شبه الدائمة لمعبر رفح.

ويطرح الكاتب تساؤلات حول طبيعة الاتفاق الذي جرى التوصل اليه بين الحانبين حول هذه المسألة ويقول: لا نملك اجابة واضحة عن هذا السؤال، لكن ما يمكن قوله ان اردوغان، وفي ظل تصاعد حالة التوتر في علاقات بلاده مع روسيا على ارضية اسقاط طائرة قاذفة روسية من طراز “سو 25″ قرب الحدود السورية التركية، توصل الى قناعة بأن كيان الاحتلال قد يكون المخرج والملاذ لمواجهة الحصار، وربما التهديد الروسي ... موضحا ان اردوغان الذي تعتمد بلاده بنسبة 60 بالمئة من احتياجاتها من الغاز الطبيعي على وارداتها من روسيا، يبحث عن مصادر بديلة وقريبة كأجراء احتياطي لمواجهة اي وقف لضخ الغاز الروسي عبر انبوب مشترك، لاي سبب من الاسباب، ويعتقد ان "اسرائيل"، وبدرجة اقل قطر، يمكن ان توفر طوق النجاة في هذا المضمار، مضافا الى ذلك ان اردوغان يريد استمالة “اللوبي اليهودي”، الى جانبه مرة اخرى في مواجهة الادارة الاميركية التي باتت اكثر ميلا الى خصومه الاكراد، وترفض مطالبه بوضع ميليشيا قوات حماية الشعوب الكردية السورية على قائمة الارهاب.

ويرى الكاتب ان اردوغان يستجير من الرمضاء بالنار، والرمضاء في هذه الحالة “موسكو” والنار هي “تل ابيب” ويضيف: هذا ينطوي في رأينا، على خطأ كبير في الحسابات، علاوة على كونه خيار محفوف بالكثير من المخاطر على مكانة الرئيس التركي، ومستقبله السياسي، والانجازات الاقتصادية والسياسية، التي حققها حزب العدالة والتنمية الذي يتزعمه على مدى السنوات العشر الماضية. فاذا كانت المسألة مسألة كرامة شخصية، واعتداد بالنفس، فانه من الاولى والاكرم لاردوغان ان يتصالح مع موسكو، وان يقدم لها الاعتذار المطلوب لحل الازمة معها، وطي صفحة اسقاط الطائرة الروسية، فروسيا دولة عظمى، وجارة لبلاده، ويمكن ان تكون بديلا لاميركا الحليف الذي ادار له الظهر، وتخلى عنه في الازمة مع روسيا، ولم يقف الى جانبه في الوقت الحرج.

ويؤكد الكاتب ان اردوغان اساء التقدير في موقفه تجاه سوريا عندما اعتقد ان النظام سيسقط في غضون اسابيع، وان ايامه معدودة، وها هو يخطيء مرة اخرى، عندما يذهب من النقيض الى النقيض، ويطبع العلاقات مع الكيان الاسرائيلي، الكيان المارق الذي يحتل المقدسات الاسلامية، واراض عربية، ويسلب حقوق شعب مسلم، ولا يتوقف عن شن العدوان تلو الآخر ضده، ويقتل الآلاف من ابنائه، ويختم بالقول: الكيان الاسرائيلي قد يوفر الغاز البديل لتركيا، ولكنه قطعا لن يقف الى جانبها في اي حرب ضد روسيا، والا لكان حلف “الناتو” الذي يعتبر انقرة احد مؤسسيه فعل ذلك.

المصدر / راي اليوم

109-2