تقرير امريكي: الفلوجة "مصنع" السيارات المفخخة

تقرير امريكي: الفلوجة
الثلاثاء ٢١ يونيو ٢٠١٦ - ٠٢:٥٢ بتوقيت غرينتش

تمثل استعادة مركز مدينة الفلوجة (تبعد 60 كم غرب بغداد العاصمة)، خسارة موجعة لداعش لن يشفى منها، ودليل آخر على ان تآكل "خلافته" قد بدأ من الداخل، حتى قبل ان ينعم في النصر بالاراضي التي استطاع السيطرة عليها.

استعادة المدينة مثل عنصرا مهما اخر يضاف الى عوامل فناء "داعش"، التي امست اقوى من مسببات وجوده الى حد كبير، فنهاية التنظيم الان مرهونة بـ"الوقت فقط".

ومع تقدم القوات العراقية، وتراجع التنظيم الى حد فقدان السيطرة على معظم المدينة، فان النصر يعد مهما على مستويات عدة، اهمها تلك التي تخص السياسة العراقية تحديدا، كما عبر عن ذلك "دوغلاس اوليفانت" الضابط السابق ومعاون مستشارية البيت الابيض حول الشأن العراقي، الذي اكد بان الفلوجة بابسط تعبير امني عنها، هي مصنع السيارات المفخخة التي ترسل الى بغداد، مما يجعل من استعادتها امر حيوي للحكومة العراقية على مستوى امني وسياسي".

داعش ينهار باسرع من المتوقع

اوليفانت يبين، ان الوتيرة التي يتراجع فيها التنظيم خاسرا اراضيه دون قتال فعلي، تحصل بسرعة اعلى مما توقعه اي احد حتى في داخل الادارة الامريكية، على ما يبدو، فان الاستراتيجية الضخمة المتبعة حاليا في محاربة "داعش" من قبل الدول المتحالفة، والمتمثلة بمحاصرته بشكل كامل واجباره على خوض القتال في اربع جبهات، اتت بنتيجة افضل مما كان متوقع لها.

التنظيم الذي يخسر الاراضي التي مثلت له في وقت سابق، مصدر قوة، بعد نهضته التي سيطر من خلالها على تلك الاراضي بشكل سريع جدا في العراق وسوريا، خسر الميزات التي وفرتها له تلك الانتصارات التي حققها، فالتقدم السريع اتاح للتنظيم استغلال ذلك كآلية تجنيد قوية في العالم، مكنته من الحصول على عدد كبير من المتطوعين من عدة دول، كما اشار لذلك اوليفانت.

خسارة التنظيم المستمرة لاراضيه منذ ما يقارب العام على يد القوات العراقية بتنوعها، من تكريت والرمادي وحتى الفلوجة، مع القرار التركي الاخير الذي اقتضى اغلاق حدودها مع الاراضي التي يسيطر عليها التنظيم اخيرا، حطم آلية التجنيد التي يتبعها التنظيم بشكل شبه تام، فقد اعلنت الادارة الامريكية في وقت سابق، بان التنظيم لم يجند بالنمط الذي اعتاده، فخلال الشهر الماضي جند 200 فرد فقط، في الوقت الذي كان ينضم اليه فيه ما يزيد عن 2000 شخص شهريا عند نهضته في العراق وسوريا وتوسع سيطرته.

اوضاع "داعش" الداخلية بعد فقدان الاراضي

الهزائم المتلاحقة للتنظيم وخسارته الاراضي التي يسيطر عليها التي مثلت مصدر تمويله الى وقت قريب، قد ترك تأثيراته على قوة التنظيم التي تنحدر بشكل سريع جدا، فرواتب مقاتلي التنظيم قد انخفضت لتصل الى 50 دولاراً في الشهر الواحد، الطاقة الكهربائية انقطعت بشكل شبه تام في مناطق سيطرته، ومعنويات عناصره في انخفاض مستمر، كما اكدت ذلك وثيقة تم الحصول عليها في احدى القرى بعد انسحاب "داعش"، التي سميت بـ "الخلافة تحت الضغط"التي نشرها مركز مقاتلة الارهاب في اكاديمية "ويست بوينت" العسكرية الامريكية، خلال شهر نيسان الماضي.

هذه المتغيرات تركت التنظيم في ادنى مستوى دعم جماهيري له منذ نشأته، اذ اظهرت استطلاعات الرأي التي خصت الشباب المسلم في 16 دولة عربية، تمت خلال شهري كانون الثاني وشباط، ان 80% من المستطلعين يرفضون اي امكانية لدعم "داعش" من قبلهم، بزيادة قوية عن عام 2015، التي بلغت 60%.

تراجع اعداد التنظيم

في الوقت الذي يتآكل فيه التنظيم داخليا على مستوى الهيكلية والدعم المالي واللوجيستي، فان من الطبيعي ان ينتج عن ذلك انخفاض كبير في اعداد مقاتليه، خصوصا وان خسائر التنظيم للاراضي مقترنة بفقدان عناصره اثناء القتال وسقوطهم جرحى او قتلى، حيث كشفت مصادر من وكالة الاستخبارات الامريكية بان عديد مقاتلي التنظيم قد انخفض الى 18.000 بالمجمل في كل من العراق وسوريا، حسب ما صرح بذلك مدير وكالة الـ "CIA"، جون برينان، امام الكونغرس الامريكي.

التنظيم بدأ يلجأ الى تعديل اساليب قتاله في محاولة للنجاة والاستمرار، واستعادة ثقة اعضائه ومؤيديه به، عن طريق التركيز على استهداف الخارج بالهجمات الارهابية، مثل تبنيه لهجوم اورلاندو في الولايات المتحدة، واستهداف العناصر الامنية في باريس.

داعش والغرب

لعل من اكبر السلبيات التي تواجه دول العالم الغربي الان، بعد مرحلة زوال "داعش"، هو التشويش الذي ستتعرض له هذه الدول في التمييز بين حلفائها واعدائها، واعضاء التنظيمات، فبدلا من العمل على ارض معروفة وبرايات واضحة للعيان من بعد، فان التنظيمات هذه ستلجا الى طرق القاعدة السابقة، في العمل ضمن شبكات صغيرة في عمق دول العالم، وهو الامر الذي يخشاه الغرب.

قيام التنظيم باعلان خلافته، جاء بالفائدة الاكبر على دول الغرب، فقد وضع الاهداف امام طائراتها وقواتها الخاصة مرتبة وجاهزة للقصف، المشكلة تتمثل الان، في ان يعود اعضاء هذا التنظيم الى الظلال، مع حس وخبرة اكبر، فداعش سيجبر الجهاديين الخبراء على ان يؤمنوا بان ما كانت تقوم به القاعدة هو الافضل، وان اسامة كان على حق، ثم يباشرون عملهم كما فعلوا من قبل، وليس بطريقة داعش، اوليفانت اكد.

المصدر: مجلة التايم الامريكية/ الغد برس

103-3