اردوغان و"أخْوَنَة" تركيا

هل سيلاقي مصير الاخوان في مصر وتونس؟

هل سيلاقي مصير الاخوان في مصر وتونس؟
الأربعاء ٢٠ يوليو ٢٠١٦ - ٠٨:٣٣ بتوقيت غرينتش

الجميع يتحدث عن حملة الاعتقالات التي يقوم بها حزب اردوغان الحاكم في تركيا (حزب الاخوان المسلمين)، ولكن احدا في تركيا لم يتجرأ على طرح اسئلة عن نوعية المعتقلين؟ ومن هم؟ لان طرح السؤال كاف ليجعل من السائل موضع ملاحقة واعتقال.

 لكن وبعد ان بدأ الشعب التركي  يصحو من صدمة الانقلاب، اخذ يشكك في اهداف حملة الاعتقالات التي شملت حتى الان بحسب وسائل اعلام تركية نحو خمسين الف شخص من مختلف الشرائح والمؤسسات العسكرية  والمدنية والقضائية.
فهل يعقل ان يكون عشرات الالاف هؤلاء ، خططوا للانقلاب دون ان تعلم الاستخبارات التركية بامره؟
وان تورط البعض في الانقلاب، فما ذنب  المدنيين والموظفين والاساتذة الجامعيين، وغيرهم من الشرائح المدنية؟ 
وكيف استطاعت الاجهزة الامنية والقضائية توجيه ، لوائح اتهام واعتقال لعشرات الالاف، خلال عدد ساعات اقل من اصابع اليد الواحدة ؟ 

من الاجابة على السؤال الاخير نبدأ، لنقول ان اللوائح، كانت معدة مسبقا ومنذ فترة غير قصيرة من الزمن. اعدها الموظفون في قسم الاستخبارات المواليين لاردوغان.  وهي تضم كل الاسماء غير الموالية لاردوغان. وكان الحزب الحاكم ينتظر الفرصة  لاقصاء هؤلاء، فجاءته على طبق من ذهب مع الانقلاب، لانه لا احد يستطيع ان يسأله ماذا يفعل، حتى الاحزاب المعارضة.
اذن الهدف هو "تطهير" المؤسسات جميعها من "رجس" الخصوم، و"تعقيمها" فقط بكل من هو اردوغاني قبل ان يكون اخواني. 
ما يعني انه في المرحلة اللاحقة، سيشمل التطهير  ايضا، تطهير وتعقيم الدستور والقانونين وحتى البرلمان والحكومة.

اي ان اردوغان يعمل على أخْوَنَة الدولة. وهو الدور ذاته الذي سعى للعبه الاخوان المسلمون في مصر وفي تونس من قبل، ودائما كان يتم اللعب على اساس "الاستغلال" بهدف "التمكين".
الاخوان في مصر،  "استغلوا" الثورة ضد محمد حسني مبارك (بعد ان ايقنوا انه راحل)، وتعهدوا بعدم الترشح لرئاسة ا لجمهورية،  فـ"استغلوا" الظروف انذاك ونكثوا،  وترأس البلاد محمد مرسي، و"استغل" وجوده في السطلة وبدأ بعمليات الاقصاء والابعاد، بعد ان تعهد بعدمها. فكان ان "استغل" الشارعُ التخبطَ الاخواني، والاخطاء  التي ارتكبوها، فانقلبت عليهم، فعُزل مرسي، واعتقل (بغض النظر عن موقفنا ممن عزله والطريقة)، وزج بقادة الاخوان في غياهب السجون وما زالوا ، وتخلت امريكا عنهم وباعتهم عند اول مفترق.

وربما كان الاخوان المسلمون في تونس اذكى من نظرائهم في مصر واكثر حنكة، وصحيح انهم  سيطروا على السلطة لفترة من الزمن، لكنهم لم يرتكبوا الجنايات والجرائم التي ارتكبها نظراؤهم في في مصر . فشفعت لهم هذه المكرمة في عدم مواجهة المصير الذي واجهه محمد مرسي  وجماعة الاخوان في مصر. لكنهم اُزِيحوا عن المشهد وان لم يكن بشكل كلي.

وما يجري في تركيا ، اشبه ما يكون بما حدث في مصر،  فاردوغان ومع حملة الاعتقالات والاقالات ، بدأ يرتكب الجنايات والجرائم بحق الشعب التركي،  ووسائل الاعلام نقلت مشاهد قيام انصاره بقطع رأس جندي تركي متهم او متورط  بالانقلاب الفاشل. وارادوغان وانصاره، رفعوا شارة "رابعة" الاربع اصابع ، في اشارة للشعار الذي رفعها الاخوان المسلمون في ساحة "رابعة العدوية" في مصر  بعد عزل محمد مرسي وجاء  الرئيس الحالي عبد الفتاح السيسي وقمع الاعتصام وقتل اعدادا منهم.

الشعب التركي لن يقبل بـ" أخونة الدولة"، بما تعنيه "الاخونة" من اجراءات وتعديلات على كل مفاصل الدولة، وهو ان صمت الان بسبب الظرف الاني، فلن يصمت بعد ايام.
اما الامر الاهم، فان الغرب والمجتمع الدولي المحكوم بالارادة الامريكية، فلن يقبل هو ايضا  بـ"اخونة" تركيا، مهما كلف الثمن، فهو جرب "الاخونة" في مصر وتونس ودعمها، وكانت فاشلة.
وان لم يجد الغرب " السيسي التركي" اليوم، فلن يعجز عن ايجاده غدا.  ومن غير المسموح غربيا ان تتأخون تركيا، لموقعها الجيوسياسي والاقتصادي  الاسراتيجي في العالم. فهي النموذج العلماني الابرز في الدول الاسلامية. وحلقة الوصل بين اوروبا واسيا. وعضو في الحلف الاطلسي ومشروع "حلم" عضو في الاتحاد الاوروبي...الخ.

لذا لن يسمح الغرب، بان تتأخون تركيا، مع تمتلكه من كل هذه المواصفات.
ومن غير المسموح ايضا، ان يكون قرارها بيد شخص واحد او جهة واحدة.
مع الاشارة الى ان القرار الغربي كان ولا يزال القضاء على مشروع الاخوان المسلمين ليس في المنطقة بل في العالم كله.. وكدلالة على ذلك.. اين هم اخوان مصر وتونس وسوريا وليبيا والسودان والمغرب والكويت والامارات والسعودية .... الخ.
وفقا لما سبق هل سيكون مصير اردوغان كمصير اخوان مصر ام تونس؟  ام سينجح اخوان تركيا فيما فشل اخوانهم في امكان اخرى؟

* د حكم امهز

213