وسط قلق إسرائيلي من انتهاء دور واشنطن..

حسم معركة حلب.. سيحقق نصرا استراتيجيا لبوتين والاسد

حسم معركة حلب.. سيحقق نصرا استراتيجيا لبوتين والاسد
الأربعاء ٠٣ أغسطس ٢٠١٦ - ٠٣:٠٥ بتوقيت غرينتش

على الرغم من أنّ "إسرائيل" الرسميّة، تُعلن زورًا وبُهتانًا، أنّها لا تتدّخل في الحرب الدائرة منذ خمس سنوات ونيّف في سوريّا، إلّا أنّ وسائل الإعلام الاسرائيلية تُتابع عن كثب معركة حلب. وتعكس التحليلات والأبحاث الإسرائيليّة حجم القلق الذي ينتاب الإسرائيليين، جراء نجاحات الجيش العربيّ السوريّ، بدعمٍ من الطيران الروسيّ، في ضرب الجماعات الإرهابيّة، واستعادة الدولة السوريّة، المبادرة لفرض الأمن في البلاد.

كما أنّ أكثر ما يُقلق الإسرائيليين من التقدّم العسكري السوريّ ـ الروسيّ، هو أنّه دليل ملموس على تراجع الحضور الأميركيّ في الشرق الأوسط، ممّا يطرح أسئلة تتعلق بمستقبل الأمن الإسرائيليّ.. وبحسب قول المُستشرق الإسرائيليّ، إيهود يعاري، الذي يعمل محللاً للشؤون العربيّة في القناة الثانية في التلفزيون الإسرائيليّ، فإنّ السيطرة على حلب من قبل الجيش العربيّ السوريّ يعني أنّ الرئيس بشّار الأسد، انتصر في المعركة على كلّ سوريّا، وهو نفس الرأي الذي يحمله مُحلل شؤون الشرق الأوسط في القناة العاشرة، تسفي يحزقيئيلي، الذي أكّد على أنّ معركة حلب، ستكون لها تداعيات إيجابيّة جدًا على الرئيس السوريّ، وستمنحه الفرصة الذهبيّة لكي يُثبت للعالم، بأنّه انتصر في الحرب الداميّة، المُستمرّة منذ أكثر من خمس سنوات.

في السياق عينه، رأى مُحلل شؤون الشرق الأوسط في صحيفة "هآرتس″ الاسرائيلية، تسفي بارئيل، رأى أنّ المعركة على حلب سيكون لها أبعاد وتداعيات عسكرية على أجزاء أخرى من سوريّا، وعلى المفاوضات السياسية. وأكّد بارئيل، وهو من أشهر المُستشرقين الإسرائيليين، أكّد في سياق مقاله التحليليّ على أنّ السيطرة على المدينة ستمكّن الرئيس بشار الأسد وروسيا من إعلان الحسم الاستراتيجيّ الذي يسمح لهما بالوصول إلى المفاوضات من موقع قوي.

وعلى هذه الخلفية، أضاف المُستشرق الإسرائيليّ، تحوّلت حلب، بحسب الصحيفة الاسرائيلية، إلى ملعبٍ سياسيٍّ دامٍ تجلس فيه الدول الغربية على المدرجات ولا تتدخل بانتظار نتيجة المباراة والمجموعة التالية التي ستتمكن من الارتقاء إلى الدرجة السياسيّة، على حدّ وصفه.

والجانب الأكثر أهمية، الذي تناوله مُحلل الشؤون العربيّة في "هآرتس" أنّه إذا حُسمت المعركة في حلب، فإن دُرج الولايات المتحدة الأميركيّة يكون قد نفد من المخططات. وتابع أيضًا قائلاً إنّه في ضوء موافقة الولايات المتحدة الأميركيّة على تأجيل النقاش حول مستقبل الرئيس الأسد، وعدم استعدادها لإرسال قواتٍ بريةٍ لمساعدة المتمردين، باستثناء بعض القوات الصغيرة للمساعدة على محاربة تنظيم "داعش"، فهذا يعني أنّها لن تستطيع تسوية الخلافات بين الجماعات الموالية للغرب نفسها، ولا تملك أيضًا رافعة لإجبار روسيا على تغيير موقفها من الأسد.

ونتيجة ذلك، شدّدّ بارئيل، ستضطر واشنطن إلى مواصلة قبول املاءات موسكو التي يمكنها أن تملي خطوط الحرب ضد تنظيم "داعش" الذي لا يُعّد من أولوياتها، كما أكّد المُستشرق الإسرائيليّ. إلى ذلك، أكّد المُحلل الإسرائيليّ على أنّ انتصار الجيش العربيّ السوريّ والسيطرة على مدينة حلب لن يُنزلا ضربةً معنويةً فقط بالجماعات المسلحة، بل سيوفران أيضًا له السيطرة الحيوية على سلسلة من المسارات والمفارق التي ستسمح له بالتقدم السريع باتجاه مناطق أخرى في شمال وشرق البلاد. في المقابل، قال المُحلل، يُمكن لصمود الجماعات المسلحة لفترة طويلة أنْ يكلّف أثمانًا دمويةً باهظةً على المستويين العسكريّ والمدنيّ، وأنْ يقود إلى توسيع التدخل العسكريّ الروسيّ في محاولة لكسر هذه الجماعات، كما نقل عن مسؤول كبير في المؤسسة الأمنيّة في تل أبيب.

على صلةٍ بما سلف، وصف المُحلل بارئيل المحادثات الطويلة التي أجراها وزير الخارجية الأميركيّ، جون كيري الأسبوع الماضي، مع نظيره الروسي سيرغي لافروف، والتي استغرقت 12 ساعةً، بأنّها تُشبه مخاضًا لم يلد إلا فأرًا حسب تعبيره. ومضى بارئيل قائلاً إنّ الاتفاق الذي تبلور بينهما أثار قلق الجماعات المسلحة الذين يدركون جيّدًا عجز واشنطن، وخاصّةً أن الإدارة الأميركيّة الحاليّة، بقيادة الرئيس باراك أوباما، لم تنجح حتى الآن في تطبيق التفاهمات السابقة حول وقف إطلاق النار، في شباط (فبراير) الماضي.

علاوة على ذلك، لفت بارئيل إلى أنّ المُعارضة السوريّة تتخوّف وتتوجّس أيضًا من إمكانية اعتبار الولايات المًتحدّة الأميركيّة للاتفاق مع روسيا بمثابة فرصة أخيرة، لمواصلة تدخلها في الأزمة، وبالتالي، جزم المُستشرق الإسرائيليّ قائلاً إنّه في حال تحطّم هذا الاتفاق أيضًا، سيترك البيت الأبيض للكرملين الروسيّ كامل المسؤولية عن معالجة الأزمة السوريّة، وهو ما يعني ازدياد الحرب على مختلف الجبهات والتجميد المطلق للعملية السياسية التي لا تتقدم في كل الأحوال، على حدّ تعبير بارئيل.

وبرأي المُحلل للشؤون العسكريّة في (هآرتس)، عاموس هارئيل، فإنّ الانتهاء الظاهر من تطويق حلب يُشير ليس فقط إلى الإنجاز الأكبر الذي حققه نظام الرئيس الأسد في الحرب السوريّة منذ عدة سنوات. ويبدو أنّه يشير أيضًا إلى شيء آخر، إلى إسدال الستار على طموحات الإدارة الأميركيّة الحاليّة في الشرق الأوسط، كما أكّد. وخلُص إلى القول: تتنافس مقالات الرأي في الصحافة الأميركيّة بينها لاستخدام الأوصاف الدراميّة حول فشل الإدارة على ضوء الوضع في حلب، بدءً بـ "إفلاس أخلاقي" مرورا بـ "كارثة لا يمكن السيطرة عليها" و"وصمة أخلاقية" ووصولا إلى "سياسة مُخجِلة".

المصدر: رأي اليوم

114-3