في ذكرى عيد الغدير الاغر..

بورك عيدك ياعليّ، عيد الإمامة والخلافة الربانية

بورك عيدك ياعليّ، عيد الإمامة والخلافة الربانية
الإثنين ١٩ سبتمبر ٢٠١٦ - ٠٧:١٦ بتوقيت غرينتش

قال الله تبارك وتعالى: (يا أَيُّها الرَّسُولُ بَلِّغ ما أُنزِلَ إليكَ مِن رَّبِّكَ وإن لَمْ تَفعَل فَمَا بَلَّغتَ رِسالَتَهُ واللهُ يَعصِمُكَ مِن النَّاسِ) المائدة: 67. عيد الغدير هو عيد محمد وآل محمد صلى الله عليه وعليهم جميعا، وهو عيد الولاية والقيادة، عيد الشموخ والإباء، عيد الخلافة الربانية..عيد النور الأغر والبدر إلأزهر.. لأمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السلام، والأمة الإسلامية جمعاء.

قال  رسول الله صلی‌الله‌عليه و‌آله: يوم غدير خم أفضل أعياد أمتي وهو اليوم الذي امرني الله تعالی ذکره فيه بنصب اخي علي بن أبی طالب علما لامتي، يهتدون به من بعدي و هو اليوم الذي اکمل الله فيه الدين واتم علی يامتي فيه النعمة ورضي لهم الاسلام دينا. امالی صدوق: 125،ح 8.
وعن عمار بن حريز قال دخلت علی ابي عبد الله عليه‌ السلام في يوم الثامن عشر من ذي الحجة فوجدته صائما فقال لي:هذا يوم عظيم، عظم الله حرمته علی المؤمنين واکمل لهم فيه الدين وتمم عليهم النعمة وجدد لهم ما اخذ عليهم من العهد والميثاق. مصباح المتهجد:737.
وقد قال الإمام الصادق عليه السلام: لعلَّك ترى الله عزَّ وجلَّ خلق يوماً أعظم حرمة منه لا والله لا والله لا والله.

لقد ورد الحثّ الأكيد على اتخاذ هذا اليوم عيداً ومعاملته معاملة الأعياد من جهة إبراز مظاهر البهجة والسرور والزينة.
عيد الغدير هو الاحتفال بيوم تولية رسول الله صلى الله عليه وآله للإمام علي عليه السلام في غدير خُم في الثامن عشر من شهر ذي الحجة. ولذلك يسمى ايضا بعد الولاية أي عيد أهل البيت عليهم السلام على المسلمين. لقد قد لبى الرسول الاعظم صلى الله عليه وآله وسلم نداء ربه بعد ان أتم تبليغ الرساله بنصب علي عليه السلام هاديا وإماما للمسلمين على الرغم من حراجة الظروف وصعوبتها. وضرب الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بذلك المثل الاعلى لطاعة الله والانقياد لاوامره حيث بلّغ أمر الله احسن تبليغ وأتمّ الحجة بأبلغ بيان. ما ان  انصرف رسول الله صلى الله عليه وآله من حجة الوداع والمسلمون معه وهم على بعض الروايات زهاء مائتي ألف نسمة، سار صلى الله عليه وآله نحو المدينة، حتى إذا كان اليوم الثامن عشر من ذي الحجة وصل رسول الله صلى الله عليه وآله ومن معه من المسلمون، إلى غدير خم من الجحفة التي تتشعّب فيها طرق المدنيين عن غيرهم، ولم يكن هذا المكان بموضع إذ ذاك يصلح للنزول، لعدم وجود الماء فيه والمرعى، فنزل عليه الأمين جبرئيل عليه السلام عن الله بقوله تعالى: ((يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ)).

وكان نزوله هذا بهذا الشأن هو للمرة الثالثة، فقد نزل عليه السلام على الرسول صلى الله عليه وآله قبلها مرّتين ـ وذلك للتأكيد ـ: مرة عند وقوفه بالموقف، وأخرى عند كونه في مسجد الخيف، وفي كل منهما يأمره بأن يستخلف عليّ بن أبي طالب عليه السلام، وأن يسلّم إليه ما عنده من العلم وميراث علوم الأنبياء عليهم السلام وجميع ما لديه من آياتهم، وأن يقيمه علماً للناس، ويبلّغهم ما نزل فيه من الولاية، وفرض الطاعة على كل أحد، ويأخذ منهم البيعة له على ذلك، والسلام عليه بإمرة المؤمنين، ورسول الله صلى الله عليه وآله يسأل جبرئيل أن يأتيه من الله تعالى بالعصمة، وفي هذه المرة نزل عليه بهذه الآية الكريمة التي فيها: اللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ.
فأمر رسول الله صلى الله عليه وآله، بالتوقّف عن المسير وأن يردّ من تقدّم من القوم ويحبس من تأخّر منهم في ذلك المكان، فنزل صلى الله عليه وآله ونزل المسلمون حوله، وكان يوماً قايظاً شديد الحرّ، فأمر بدوحات هناك فقمّ ما تحتها وأمر بجمع الرحال فيه، ووضع بعضها فوق بعض. ثم أمر صلى الله عليه وآله مناديه فنادى في الناس: الصلاة جامعة، فاجتمعوا إليه وإن الرجل منهم ليضع بعض ردائه على رأسه وبعضه تحت قدميه من شدّة الحرّ، فلما اجتمعوا صعد صلى الله عليه وآله على تلك الرحال حتى صار في ذروتها، ودعا علياً عليه السلام، فرقى معه حتى قام عن يمينه ثم خطب صلى الله عليه وآله الناس خطبة بليغة لم يسمع الناس بمثلها فحمد الله وأثنى عليه، و وعظ فأبلغ الموعظة، ونعى إلى الاُمّة نفسه، وأشار إلى أمر الإستخلاف فنصب علياً عليه السلام بأمر من الله تعالى خليفة عليهم بعده، ومما قال صلى الله عليه وآله فيها ما يلي:
"معاشر الناس، ان الله أوحى إليّ يقول:" يا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ ما أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَما بَلَّغْتَ رِسالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ" وأنا مبيّن لكم سبب نزول هذه الآية: إنّ جبرئيل هبط عليّ مراراً ثلاثاً يأمرني عن ربّي جلّ جلاله أن أقوم في هذا المشهد، فاُعلم كل أبيض وأسود، أنّ علي بن أبي طالب أخي ووصيّي وخليفتي على اُمّتي، والإمام من بعدي، وقد ضمن لي تبارك وتعالى العصمة من الناس وهو الله الكافي الكريم.

فاعلموا معاشر الناس، أن الله قد نصبه لكم ولياً وإماماً مفترضاً طاعته على المهاجرين والأنصار، وعلى التابعين لهم بإحسان، وعلى البادي والحاضر وعلى الأعجمي والعربي، والحر والمملوك، وعلى كل موحّد.

معاشر الناس، إنه آخر مقام أقومه في هذا المشهد، فاسمعوا وأطيعوا، وانقادوا لأمر ربّكم، فإنّ الله هو مولاكم وإلهكم، ثم من بعده رسوله محمّد وليّكم القائم المخاطب لكم، ثم من بعدي علي وليّكم وإمامكم بأمر ربّكم، ثم الإمامة في ذرّيتي من ولده إلى يوم تلقون الله ورسوله، لا حلال إلاّ ما أحلّه الله، ولا حرام إلاّ ما حرّمه الله، عرّفني الله الحلال والحرام وأنا أفضيت لما علّمني ربّي من كتابه وحلاله وحرامه إليه ـ إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (عليه السلام) ـ.
معاشر الناس، فما تقولون؟ قولوا الّذي قلت، وسلّموا على عليٍّ بإمرة المؤمنين، وقولوا: سمعنا وأطعنا، وقولوا: الحمد لله الّذي هدانا لهذا وما كنّا لنهتدي لولا أن هدانا الله..معاشر الناس، إنّ فضائل عليّ عند الله عزّوجل الذي قد أنزلها في القرآن أكثر من أن اُحصيها في مكان واحد، فمن أنبأكم بها فصدِّقوه.معاشر الناس، من يطع الله ورسوله وعلياً أمير المؤمنين والأئمّة من ولده فقد فاز فوزاً عظيماً".

فناداه القوم: سمعنا وأطعنا أمر الله وأمر رسوله بقلوبنا وألسنتنا وأيدينا.
ثم إنّ رسول الله صلى الله عليه وآله نادى بأعلى صوته ويده في يد "علي" عليه السلام وقال: "يا أيّها الناس، ألست أولى بكم من أنفسكم؟".
قالوا بأجمعهم: بلى يا رسول الله.
فرفع رسول الله صلى الله عليه وآله بضبع علي عليه السلام، حتى رأى الناس بياض ابطيهما، وقال على النسق من غير فصل: "فمن كنت مولاه فهذا عليّ مولاه، اللهمّ والِ من والاه، وعادِ من عاداه، وانصر من نصره، واخذل من خذله، والعن من خالفه، وأدر الحقّ معه حيثما دار، ألا فليبلّغ ذلك منكم الشاهد الغائب، والوالد الولد".

ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وآله، وكان وقت الظهيرة فصلّى ركعتين ثمّ زالت الشمس، فأذّن مؤذّنه لصلاة الظهر، فلما صلّى بهم جلس في خيمته وأمر عليّاً عليه السلام أن يجلس في خيمة له بازائه، ثم أمر صلى الله عليه وآله، المسلمين أن يدخلوا عليه فوجاً فوجاً فيهنّؤوه عليه السلام بالولاية، ويسلّموا عليه بإمرة المؤمنين، ويبايعوه على ذلك. فاذا بعمر بن الخطاب قائلا للإمام علي، هنيئا لك ياأبن أبي طالب اصبحت مولاي ومولی کل مؤمن ومؤمنة وفي بعض الاحاديث ، بخ بخ لك ياعلي.

ففعل الناس ذلك كلّهم يقولون له: بخّ بخّ لك يابن أبي طالب أصبحت مولاي ومولى كلّ مؤمن ومؤمنة. ثم أمر رسول الله صلى الله عليه وآله أزواجه وسائر نساء المؤمنين معه أن يدخلن على علي عليه السلام ويسلّمن عليه بإمرة المؤمنين، ويبايعنه على ذلك، ففعلن وسلّمن عليه عليه السلام وبايعنه بإدخال أيديهنّ في طشت فيه ماء كان قد أدخل علي عليه السلام يده فيه قبل ذلك.

وعن ابن عباس، وحذيفة، وأبي ذر وغيرهم، انهم قالوا: والله ما برحنا من مكاننا ذلك حتى نزل جبرئيل بهذه الآية عن الله تعالى: ((الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِيناً)).

فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: الله أكبر على إكمال الدين، وإتمام النعمة، ورضا الربّ سبحانه وتعالى برسالتي إليكم، والولاية لعليّ بن أبي طالب بعدي.
كان شاعر الرسول (ص) حسّان بن ثابت موجودا فقال: يا رسول الله أتأذن لي أن أقول في هذا المقام ما يرضاه الله؟ فقال له صلى الله عليه وآله: قل يا حسّان على اسم الله. فوقف على نشز من الأرض وتطاول الناس لسماع كلامه، فأنشأ يقول:
يناديهم يوم الغدير نبيهم        بخم واسمع بالرسول مناديا
وقد جاءه جبريل عن أمر ربه  بأنك معصوم فلا تك وانيا
وبلغهم ما أنزل الله ربهم   إليك ولا تخشى هناك الاعاديا
فقام به ذاك رافع كفه     بكف عليّ مُعلن الصوت عاليا
فمن كنت مولاكم ووليكم  فقالوا ولم يبدوا هناك تعاميا
الهك مولانا وانت ولينا   ولن تجد فينا لك اليوم عاصيا
فقال له: قم ياعلي فإني   رضيتك من بعدي اماما وهاديا
فمن كنت مولاه فهدا وليّه  فكونوا له انصار صدق مواليا
هناك دعا: اللهم والي وليه  وكن للذي عادى عليا معاديا
فيا رب انصر ناصريه لنصرهم   امام هدى كالبدر يجلوا الدياجيا 
إلى آخر الابيات. 

نعم، کان البلاغ امرا لامناص منه، اتماما للرسالة وکمالا للدين.. فهنيئا للامة الاسلامية وعشاق اهل بيت النبوة والرسالة بهذا العيد الاکبر..عيد الولاية..سيدي ابا الحسن.. بورك عيدك عيد الولاية الاغر...فلقد کنت اهلا للولاية فاختارك الباري عَز وجَل اميرا ومولا لکل مؤمن ومؤمنة..ولكن حسدك "الحاسدون" علی ذلك.. سيدي أبا الحسن دخلت الإسلام صبيا ثاني اثنين.. رايناك وانت تتربی في منزل الوحي وتترعرع في ظلال الايمان..وتشهد عذاب طائفة من المستضعفين فتتلظی لهم حرقا.. وتصاحب النبي صلى الله عليه وآله في جولته للطائف بعرض الاسلام علی القبائل فيردَ.. ورايناك فدائيا تسرع الی فراش رسول الله صلی الله عليه وآله وسلم ملتحفا ببرده الحضرمي تقيه بنفسك الزکية من طواغيت قريش.. لقد کنت يا أبا الحسن اخا لرسول الله في مکة والمدينة وقائدا عسکريا فذا في مشاهد النبي کلها..لقد کنت خليفة لرسول الله علی المدينة في غزوة تبوك..ونائبا عنه في تبليغ براءة لاهل مکة واعلان شرائع الاسلام..وكنت مولاي مصلحا وقاضيا من قبله في اليمن..وصهرا للنبي الاکرم وابا لذريته الطاهرة..وكنت نفسه الکريمة في المباهلة..ووزيره بمنزلة هارون من موسی..رايناك هذا وسواه..بل ذکرنا هذا وفاتنا سواه..نعم فعلي يحب الله ورسوله ويحبه الله ورسوله.. و"علي اقضاکم" و"انا مدينة العلم وعلي بابها" و " علي مع الحق والحق مع علي " و"اللهم ادر الحق معه حيثما دار" سمعنا کل هذا غيضا من فيض اطراء الرسول الاعظم له وثنائه عليه ونموذجا من نماذج اعداده اعدادا رساليا خاصا وكنت سيدي إلی جنب ذلك کله ملازمتك للنبي ملازمة الظل للشاخص..ولمسنا صلة الرحم الشديدة بين الرجلين واواصر القرب ما بينهما..لايکاد يفترق احدهما عن الاخر..ولا يمل احدهما حديث الاخر..حتی کنت منه وهو صلی الله عليه واله وسلم منك..ولم يکن ذلك اعتباطيا ولامناخا اعتياديا وانما للامر ما بعده عند النبي فکنت حقا اهلا للولاية والامامة..فالف سلام وسلام عليك يا امير المؤمين ياعلي بن ابي طالب وعلی ذريتك الطاهرة.. والحمد لله الذي جعلنا من المتمسکين بولايتك..ياعلي.. .

213

تصنيف :