امريكا، تركيا، الحكام الخليجيون.. والحمى الكاذبة لأهالي حلب

امريكا، تركيا، الحكام الخليجيون.. والحمى الكاذبة لأهالي حلب
الثلاثاء ٠٤ أكتوبر ٢٠١٦ - ٠٦:٣٨ بتوقيت غرينتش

منذ عام 2011 والحراك الشعبي في البحرين متواصل بلافتات كُتب عليها "سلمية سلمية" ولم تُطلق رصاصة واحدة من قبل المحتجين ضد قوات السلطة القمعية.

وعلى الرغم من المذبحة التي قامت بها السلطات البحرينية بعد الغارة الليلية القاتلة في 17 فبراير 2011 ضد المحتجين في دوار اللؤلؤة، المعروفة محليا باسم  الخميس الدامي.. ودخول القوات السعودية الغازية، والقمع والتعذيب والقتل واسقاط الجنسية خلافا لكل الاعراف الدولية، والمستمر الى يومنا هذا.. لم تقم امريكا بخطوة واحدة للضغط على النظام البحريني في الانصياع لمطالب الشعب السلمية او الكف عن القتل والنفي والتعذيب للناشطين على اقل تقدير، وكل هذا مستمر على مدى أكثر من خمسة اعوام .

ومنذ عامين والشعب اليمني الابي يُذبح اطفاله ونسائه وتُقصف حتى المستشفيات التابعة للامم المتحدة، تحت ذرائع لاتُقنع حتى السُذج والبسطاء والاطفال.. وأيضاً لم تقم امريكا ولا تركيا باية خطوة في مجلس الامن لكسر او وقف الحصار المطبق على المدنيين العزل في هذا البلد الفقير ماديا والعزيز روحاً ونفساً.. فالقتل والحصار مستمرين في حين يستخدم اوباما الفيتو حتى لمقاضاة السعودية ماديا، بل ويضغط على الكونغرس الذي يمثل ارادة الشعب الامريكي ولو بالظاهر لمد آلة الدمار السعودية بالسلاح الفتاك لقتل الابرياء في اليمن.

ومنذ ان قام تنظيم داعش بتحرير تسعة واربعين تركيا زعموا انهم كانوا محتجزين لدى التنظيم، وكان من بينهم القنصل التركي في الموصل، وأفرادٌ من القوات الخاصة التركية، بعد نحو ثلاثة أشهرٍ من سقوط الموصل الذي تم بعلم وتنسيق مع المخابرات التركية لم يُقدم اردوغان على استقدام قوات تركية لانقاذ الرهائن من الارهابيين الدواعش (إن كانوا رهائن حقا )..

ومن العاشر من يونيو حزيران عام 2014 والى يومنا هذا، لم تقم القوات التركية بأي عمليات عسكرية ضد هذا التنظيم المصنف عالميا على الارهاب، لانقاذ اهل الموصل الذي لايزال العاهل العثماني اردوغان يعتبرهم رعايا اتراك، وان الموصل مدينة تركية.. ولم يتحدث أي من المسؤلين الاتراك ولو ببنت شفة عما فعله تنظيم داعش ولازال باهل الموصل من قتل واعدامات وتنكيل وجلد وحرق وذبح، في حين كان النفط المسروق داعشياً يصدر الى تركيا.

وبينما تستمر الهجمات والعمليات العسكرية على مايسمونهم بحزب العمال الكردستاني، ويهاجمون حتى من يحسبونهم على هذا الحزب داخل الاراضي السورية، تحت يافطة درع الفرات بكل ما أوتوا من قوة.. مغيبين عن العالم حقيقة ان حزب العمال هو حزب تركي معارض وان الخلاف كله يدور حول كون هذا الحزب التركي المعارض قد حمل السلاح ضد الحكومة لاستحصال مطالبه، حاله حال من تسميهم امريكا والاتراك وبعض الحكومات الاعرابية بالمعارضة المسلحة المعتدلة في سوريا.

ومنذ سقوط القذافي وقتله في 20 أكتوبر 2011 والى يومنا هذا والحكومات العربية وامريكا لايسمحون بتسليح الليبيين للدفاع عن انفسهم مقابل داعش.. بل ويمنعون اي كان من مد جيش الحكومة المعترف بها دوليا باي نوع من الاسلحة خفيفة كانت او ثقيلة.. ولانريد ادراج اثبات على النفاق الغربي سوى بالرجوع الى تصريح رئيس الوزراء الليبي عبد الله الثني حين صرح في لقائه مع وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف قائلا: "الدول الغربية شاركت في اسقاط نظام معمر القذافي، لكنها ايضا دمرت قدرات قوات الجيش والامن وتركت شعبا دون مؤسسات عامة، وعليها تحمل المسؤولية كاملة للفوضى التي تعم ليبيا”.

والغريب ان مع كل هذا الخزي والمواقف التي يندى لها الجبين والصمت المعجون بالسم، نرى مساعي محمومة من امريكا وتركيا ودول عربية على وقف القتال في حلب واسعاف الاهالي في حلب وارسال المساعدات الانسانية الى حلب. وكأن كل ما يعانيه الشعب السوري من دير الزور الى القنيطرة قد اختزل في حلب، وان كل مشاكل سوريا تم حلها ولم يتبق سوى حل القضايا العالقة في حلب.

بينما في واقع الحال لا احد يتحدث عما نشرته صحيفة لوس انجيلس تايمز، وهي مصدر امريكي، في 30\3\2016 تحت عنوان "فصائل البنتاغون والسي آي أي يتقاتلان في الشمال السوري".. والتي اكدت ان الميليشيات السورية مدعومة عسكريا من أمريكا في أجزاء مختلفة من سوريا بدأت مواجهات عسكرية بينها في السهول القريبة من مدينة حلب المحاصرة، بالإضافة إلى الحدود التركية.. ولا احد يذكر ماقاله الكاتب الأمريكي "بيل فان اوكين" اليوم على موقع وورلد سوشاليست، بأن واشنطن تدعي محاربة الإرهاب بينما تدعم المجموعات الإرهابية في حلب.

ولا احد يتحدث ايضا عن عدد المدنيين الذين تجاوز عددهم 4700 شخص (وفقا للتقارير) نتيجة للغارات الجوية التي تقودها الولايات المتحدة.. اذن لماذا حلب ؟

ربما هنالك اسباب معروفة ومعلنة لما يدور من مراوغات سياسية تقوم بها الخارجية الامريكية للحيلولة دون تحرير مدينة حلب من المجموعات الارهابية، واخرى لاتتعدى الاروقة الاستخباراتية بين الدول الضالعة في الحرب على سوريا.

فالكل يعلم ان الحرب على سوريا جائت في اعقاب امتناع الحكومة السورية عن مد خطوط الغاز القطرية نحو اوروبا عن طريق سوريا، وان حلب بالذات هي من اهم المناطق الاستراتيجية للحكومة السورية في السيطرة على المناطق الشمالية من سوريا وصولا الى الحدود التركية. فهذا يعني قطع دابرالامدادات اللوجستية والتسليحية التركية للارهابيين، وغلق الحدود امام تدفق الارهابيين نحو الداخل السوري وتهديد امن العاصمة دمشق.

لكن لماذا يجب على منشق برتبة عميد ركن عن الجيش السوري مثل احمد الرحال بالقول "أن البيت الأبيض لا يرغب بحل عسكري للملف السوري"، في حين يؤكد أن وزير خارجية دولة خليجية كان في جنيف، قال: إن مستودعات غرف (الموك جنوب سورية، والموم شمالها)، في حين يعترف ان ما من جهة قادرة على التحرك بالملف السوري بعيداً عن الإدارة الأمريكية".

كل هذه المعطيات تذكرنا باتفاق خروج الارهابيين من مدينة حمص والذي تبين اخيرا ان من بين الذين خرجوا كانوا كوادر من المخابرات الامريكية والتركية والسعودية والقطرية وحتى الموساد الاسرائيلي.. على الرغم من ان مدينة حمص لا تبلغ اهميتها مدينة حلب وهي البوابة الصناعية والتجارية لسوريا.. فهل يمكن ان لا تتواجد فيها كوادر مخابراتية على غرار اختها حمص؟ والجواب هو قطعا كلا، وان امريكا وتركيا والبعض من الحكام العرب يعلمون جيدا مذا يعني اسر تلك الكوادر والفضيحة التي ستترتب عليها.

• رائد دباب