النازحون العراقيون بين "داعش" و "دواعش السياسة"

النازحون العراقيون بين
الأحد ١٣ نوفمبر ٢٠١٦ - ٠٨:٢٤ بتوقيت غرينتش

يبدو ان كل المآسي التي نزلت باهالي محافظات الانبار وصلاح الدين والموصل، بسبب "دواعش السياسة"، من الرافعين كذبا لواء الدفاع عن سنة هذا المحافظات، لم تكن كافية لاشباع غرائز "دواعش السياسة" هؤلاء، الذين عادوا اليوم، يعزفون على ذات الوتر الذي عزفوا عليه قبل صفحة "داعش".

كلنا يتذكر ساحات الاعتصام في هذه المحافظات، التي كانت في الظاهر، تجمعات "احتجاجية" ضد "التهميش" و "الطائفية"، بينما كانت في الخفاء، البيئة المثالية التي خرجت منها "داعش"، والتي تحولت الى وبال، ليس على اهالي هذه المحافظات فحسب، بل على الشعب العراقي بأجمعه.
لم تكن ساحة الاعتصام، لتتحول الى رحم  خرجت منه "داعش"، لولا وجود شخصيات سياسية من داخل النظام، ومشاركة فيه بقوة وتتبوأ مناصب سيادية في الحكومة، وممثلة بكثافة في مجلس النواب، والتي غطت سياسيا على هذه الاعتصامات، ودافعت عنها بشراسة، رغم الخطابات والشعارات الطائفية المقززة التي كانت تطلق من على منابرها، والتي وصلت الى حد لا يطاق، الامر الذي حذر منه العقلاء في هذه المحافظات، بعد ان تبين لهم ان هناك امرا ما يدبر، تحت خيم هذه الاعتصامات، لهذه المحافظات والعراق بشكل عام.
رغم ان العملية السياسة التي بدأت بعد سقوط صنم بغداد، كفلت حقوق جميع مكونات الشعب العراقي وفي مقدمتهم المكون السني، الا ان تلك الشخصيات التي دخلت باسم المكون السني في العملية السياسية، عملت على استغلال مناصبها لا من اجل العمل لتنمية المناطق التي يمثلونها في الحكومة والمجلس والنظام بشكل عام، بل من اجل وضع العصي في عجلة الحكومة والنظام، لعرقلة اي عملية اعمار وتنمية لتلك المناطق، بهدف الابقاء على حالة الاحباط واليأس بين اهلها، التشكيك بالعملية السياسية برمتها، وخلق اجواء لتغلغل التكفيريين والدواعش داخل المناطق الغربية، وعندها يتحول التكفيريون الى الخيار الاجباري لشباب هذه المناطق، وهو ما حدث بالفعل.
هنا قد يسأل سائل، ما الذي تجنيه تلك الشخصيات من وراء هذا الدور التدميري والضار بحق من يمثلونهم؟، الجواب، انه المال الذي يحصلون عليه من بعض الدول الاقليمية ازاء هذا الدور، و كذلك الامل في عودة البعث الفاشي مرة اخرى الى حكم العراق، فكلنا يتذكر بعض تلك الشخصيات التي احتضنتهم الدول الخليجية وتركيا، والتي تحولت الى ابواق لحكومات هذه الدول، عبر التحريض على بلادهم، وتكرار مقولات عارية تماما عن الصحة ك"التهميش" و "الطائفية" و"الابادة"، وما الى ذلك من اتهامات معلبة وجاهزة، ضد حكومة يشاركون هم فيها بقوة وكثافة!!.
الملفت ان المروجين لهذه المقولات الكاذبة عن "التهميش" كانوا رؤساء في مجلس الحكم، ونواب رئيس جمهورية، ورؤساء مجلس النواب، ونواب رئيس وزراء، و وزراء في وزرات سيادية، ومحافظين على محافظاتهم، وقادة جيش وقوات شرطة وامن!.
اليوم ونحن على ابواب طي مرحلة "داعش"، بسواعد الجيش العراقي والحشد الشعبي والبيشمركة والقوات الامنية والحشد العشائري، والعمل على البدء بمشاريع اعادة بناء وتنمية المحافظات الغربية، التي تضررت كثيرا على يد "داعش" و "دواعش السياسة"، تتناهى الى مسامعنا مرة اخرى، تلك الاصوات النشاز، وهي تتحدث مرة اخرى وتحذر عن "تهميش" ابناء تلك المحافظات بعد مرحلة "داعش"، وكأنها لم ترتو من تلك الدماء التي سالت انهارا في العراق وخاصة في المناطق الغربية.
بعد "تحذيرات" اطلقها قبل ايام المجرم الهارب من وجه العدالة مثنى حارث الضاري، من "تهميش" السنة، ارتفع صوت صالح المطلك، "محذرا" ايضا من مرحلة ما بعد القضاء على "داعش"، في حال تم تجاهل "مطالب الشعب" والتصرف بـ"عنصرية"، ازاء النازحين من المناطق المحررة.
لا ندري لماذا لم يحذر امثال الضاري ومطلك ومن لف لفهما، منذ عامين ونصف العام من جرائم "داعش"، بحق ابناء السنة في هذه المحافظات والمناطق؟، لماذا نسمع اصوات التحذير فقط عندما يريد الجيش العراقي تحرير اهالي تلك المناطق من "داعش"؟، هل هي تحذيرات من المس ب"داعش" لتبقى جاثمة على صدور العراقيين؟، وهل هذه التحذيرات هي حرب نفسية لضرب معنويات الجيش العراقي في الوقت الذي ينازل ابشع واكثر العصابات اجراما في العالم؟.
يبدو ان القوى الاقليمية المعادية لاستقرار العراق، لا تنفك تدفع برجالها داخل العراق وخاصة داخل العملية السياسية، الى ضرب كل توجه يدعو الى استقرار المناطق السنية في العراق، من اجل الابقاء على الفوضى والصراعات قائمة فيها، لتحقيق اهداف هذه القوى، والتي تتعارض كليا مع اهداف اهالي تلك المناطق.
ان الدمار الذي شهدته المناطق الغربية والموصل على يد "داعش"، خلال السنتين الماضيتين، كان كافيا لدفع كل انسان حر شريف في تلك المناطق، الى الالتفاف حول الحكومة، التي يشارك فيها السنة بشكل فاعل، وكذلك الالتفاف حول القوات المسلحة العراقية التي يشارك فيها السنة بشكل مؤثر.
رغم ارتفاع هذه الاصوات بهذا الشكل الهستيري هذه الايام، الا انها لن تجد لها اذنا صاغية  بين ابناء المكون السني العراقي، فهذا المكون، قد امتحن اصحاب تلك الاصوات، الذين ورطوا ابناء تلك المناطق باشعالهم نار الفتنة الطائفية فيها، ومن ثم تركوا من كانوا يدعون الدفاع عنهم، لقمة سائغة في يد "داعش"، وفروا هم الى الاردن وتركيا، فمثل هذه الاصوات لن تخدع سنة العراق بعد اليوم، بعد ان تحرروا من ظلم ووحشية "داعش" بسواعد الجيش العراقي والبيشمركه و الحشد الشعبي والحشد العشائري.

* شفقنا

205