ماذا خلف تأخر تشكيل الحكومة اللبنانية؟

ماذا خلف تأخر تشكيل الحكومة اللبنانية؟
الجمعة ٢٥ نوفمبر ٢٠١٦ - ١١:٢٧ بتوقيت غرينتش

إنه لبنان! هكذا يجيب رئيس الحكومة المكلف "سعد الحريري" عندما يُسأل عن أسباب التأخر في تشكيل الحكومة اللبنانية، لا يبدو الرجل متفاجئاً، وإن كان يأمل تشكيلاً أسرع مما آل اليه الحال.

العالم - مقالات

يجلس "سعد الحريري" في منزله المُحاط بإجراءات أمنية مشددة تارة مستقبلاً لشخصية سياسية، واخرى متحدثاً عبر الهاتف، وتارة قاصداً مقراً او موقعاً، أما ما يعمل عليه من كل ذلك هو فكفكة ما بقي من عُقد تشكيل الحكومة. يأمل الرئيس المكلف كما قال امام مجموعة صغيرة من الاعلاميين "أن ينه المهمة اليوم قبل الغد"، انطلاقاً من قناعته أن المشاكل الحياتية للبنانيين لا بد أن توضع على سكة حكومة فاعلة عاملة. لا يبدو الرجل وهو يقول ذلك متشائماً ابداً، فقناعته أن الوقت الذي أخذه التشكيل لم يدخل مرحلة يمكن ان توصف بالخطر قياساً على الوقت الذي يأخذه عادة تشكيل الحكومات اللبنانية، وعليه لا يزال  من المبكر جدا القول "بأن هناك من يُعرقل أو لا يريد للامور ان تجري كما يشتهيها الجميع".

يُلخص الرئيس سعد الحريري العُقد المتبقية أمام إعلان الحكومة بعد أن يحسم أن الاتفاق رسى على أن تكون مؤلفة من 24 وزيراً، بنقطة واحدة تتمثل بخلاف لم ينته للساعة بين الرئيس ميشال عون والقوات اللبنانية من جهة وبين الرئيس نبيه بري ورئيس تيار المردة الوزير سليمان فرنجية من جهة ثانية. أما مكمن المشكلة فهو نوع الحقيبة التي ستُمنح في الحكومة المقبلة للوزير فرنجية.

وفي تفاصيل المشكلة كما شرحها الرئيس الحريري، "أن الوزير فرنجية أبلغ الجميع منذ اللحظة الاولى للتشكيل، أن مشاركته في الحكومة معلقة بحصوله على حقيبة من ثلاثة(الاشغال، الطاقة او الاتصالات)، بالوقت نفسه أعلن الرئيس بري منذ البداية أنه لن يشارك بالحكومة دون وجود فرنجية أو ممثل عنه في صفوفها". تحت هذا السقف غير المرفوض من الجميع، بدأ التشكيل وتوزيع الحصص والحقائب لكن الازمة ظهرت مع "اشتراط الرئيس بري أن تكون وزارة الاشغال من حصته الوزارية اضافة الى وزارة المالية"، ما عنى ان تمثيل فرنجية يفترض منحه حقيبة من اثنتين(الطاقة او الاتصالات).

بالمقابل يبرز اعتراض عوني قواتي كبير على إعطاء فرنجية أي من الحقيبتين المذكورتين، لانهما من الحصة المسيحية في الحكومة ولا يمكن التخلي عن اي منهما، فكيف اذا كان التخلي لفرنجية، الذي يعتبره الطرفان شخصية لم تدعم العهد الجديد بل خاضت مواجهة معه كندٍ للرئيس قبيل توليه مهامه.

هنا بدات الاتصالات وتستمر في محاولة لتذليل العقبة التي يعتقد الرئيس الحريري انها الاخيرة والأكبر أمامه قبيل إعلان التشكيلة الحكومية. عملياً تركز العمل  في البداية على إقناع  الوزير فرنجية القبول بوزارة "الصحة او التربية" بديلاً  عن وزارة الاشغال، لم يقبل فرنجية بهذا الطرح الى ان اصبح رفضه رفضاً ثنائياً مع تصلب تيار الرئيس "ميشال عون" برفض منح فرنجية حقيبة التربية التي طرحت عليه اولاً، فعادت المعضلة الى مربع الازمة الاولى.

المؤكد ان الاتصالات الآن مستمرة وان الاجواء ايجابية بين فرنجية والرئيس المكلف برغم كل التعثر، وآخر ما اقترحه فرنجية على الحريري  هو حصوله على "وزارة وازنة" دون ان يحدد طبيعتها، وهو ما يعتقد مقربون من الحريري انه  بمثابة رسالة ايجابية باتجاه الحريري ورغبة بايجاد حل، كما يبدو انه باب  للتفاوض بين عون وبري وفرنجية والحريري ومعهم حزب الله اللاعب الفاعل بين الاطراف جميعها. وسيسمح هذا الهامش الجديد الذي مرره فرنجية بلا شك الوصول الى تسوية، برغم ان التعقيد لا يزال يحكم وصول التشكيلة الى خواتيمها المرجوة.

بالتأكيد لم يكن المرور من الثالث من تشرين الثاني الى ما تم التوصل اليه من رؤية عامة للحكومة وحسم معظم الحقائب فيها، "بالطريق السهل" كما يقول الرئيس الحريري،لا سيما مع الستاتيكو السياسي الذي لا يمكن لاحد في لبنان القفز فوقه او تجاوزه، يتابع الرجل "لا بد ان الامور ستنته وسنشكل الحكومة قريباً"، "انا أعمل وانتظر" يؤكد الرئيس المكلف، وهو يدرك ان حكومته لن يتجاوز عمرها الاشهر وبالتالي فان الاسراع في ظهورها ونيلها الثقة هو خطوة اساسية لبدء العمل على قانون انتخابي يفترض ان تجري الانتخابات النيابية في حزيران يونيو المقبل على اساسه. يأمل الحريري التوصل إلى هذا القانون بأسرع وقت، وهو يظن ان الامكانية فرصها عالية، إذا ما توافق الجميع على ذلك، فالوقت كافٍ لاقراره  إذا ما توفرت الارادة السياسية، لكنه لا يخفي قلقه من ان الوقت ضيق لتمرير أي قانون بالمعنى الميكانيكي للتطبيق، لوزارة الداخلية وتاليا للمواطن اللبناني.

* فاطمة عواضة

2-210